أحمد النجار (دبي)
هل يمكن أن تتحول الخردوات وإطارات السيارات ونصال السكاكين وأعواد الثقاب إلى مجسمات عملاقة ومنحوتات فنية بالغة الدقة وشديدة الضخامة، لا أحد يتخيل بالطبع أن المعرض الفني الضخم الذي يقام للمرة الأولى في دبي ومنطقة الشرق الأوسط، وتحتضنه الساحة الرئيسية في مركز وافي مول بدبي، تحت شعار «صدق أو لا تصدق» ويستمر حتى نهاية نوفمبر، مستوحى بأفكار لامعة صديقة للبيئة، ويضم تصميم أكثر من 15 عملاً بروح فانتازية تسمو بالفكر والخيال، تتضمن قيما نبيلة وروائع بصرية، تحث على الجمال وتحتفي به، عبر رؤى وأحلام بسيطة لأشخاص عاديين من تايلاند وأميركا وإيطاليا وبلدان آسيوية وأوربية مختلفة، ضمن رؤية تلخص رسالة إلى البشرية بضرورة الاهتمام بالبيئة واستثمار المخلفات في تشكيل عوالم تبث البهجة في القلوب، من خلال إعادة تصنيعها والاستفادة منها سواء في مجالات الفن أو المنحوتات أو الديكورات والزينة أو لأغراض حياتية ومنافع اجتماعية جمة.
خارقة للعادة
في معرض أقل ما يوصف بأنه مذهل، حين يعرف المتذوق لتلك الأعمال التي استغرق تنفيذ بعضها أكثر من 6 أشهر وبعضها يصل إلى العام، بأنها عبارة عن مواد مستهلكة، وقطع مهملة وخردوات تم تجميعها لصياغة تحف ومجسمات خارقة للعادة بأفكار معاصرة تسابق خط الزمن وتتجاوز حاجز المكان، لتنتج لغة مخملية جديدة للفن، وتعطي أملاً وإلهاماً تشبع الذائقة، وتترك خلفها بقعة كبيرة من الشغف، ودعوة للتفكير والتأمل.
تصاميم عملاقة
وفي جولة لـ«الاتحاد»، في أروقة المعرض الذي يضمّ نحو 15 عملاً موزعة بين منحوتات ومجسمات وروبوتات وقوارب وسفن وأسود معدنية وتصاميم حديدية عملاقة، رصدت انطباعات الزوار الذين تهافتوا حول القطع لتصويرها عبر هواتفهم وقراءتها بأكثر من زاوية، في معرض فريد متاح أمام الجميع. وقد تم تركيب منحوتات من مئات أجزاء السيارات المستعملة مع إمكانية إزالة الذراعين والساقين، ومنها منحوتة معدنية لشخصية «هلك» الرجل الأخضر، حيث ابتكر فنانون تايلانديون هذه المنحوتة شديدة الضخامة بالكامل من الخردة المعدنية.
أما فكرة مجسم «قارب التنين» فيحاكي سفينة حقيقية استقلها الأباطرة الصينيون القدامى، تم نحتها من أكثر من 200 رطل من «اليشم» الصلب، و«اليشم» عبارة عن حجر شبه كريم يعتقد الصينيون بأن له قوى مهدئة نظرا لقدرته على الحفاظ على درجة حرارة معتدلة، وقد كان «اليشم» يستخدم في صناعة الأثاث لملوك الصين.
أصغر سيارة
وأمام «سيارة بيل» التي يبلغ طولها 54 بوصة وعرضها 40 بوصة بينما وزنها 175 رطلاً فقط، نشاهد أصغر سيارة طريق مصنعة، ورغم حجم السيارة الذي يتيح إدخالها في مصعد بالحجم المعتاد، إلا إنه يمكن استقلالها بكل سهولة ويسر.
وبينما يلتقط الأطفال صوراً على خلفية أسد مصنوع من الخردوات المعدنية معادة التدوير، يظهر بجانبه حصان مصنوع من نفس الخردوات، ابتكره فنانون من تايلاند. وفي زاوية أخرى، يتربع جواد يهرول مصنوع من أجزاء البيانو، وقد شارك هذا الحصان الآلي الذي ابتكره مات بيليفويلو من جورني في مسابقة الجوائز الفنية السنوية عام 2015، في جراند رابيدز، ميشيجان، وهو مصنوع بالكامل من أجزاء بيانو معادة التدوير.
وتهيمن الأسود المعدنية على ساحة المعرض، فهناك أسد من السياج المعدني، ابتكره الفنان إدواردو جوانزاليس من كاليفورنيا، وتم تصميم هذا الأسد بحجمه الطبيعي.
مبنى الكابيتول
وحظي المجسم لمبنى الكابيتول الذي تم بناؤه من عيدان أسنان الخيزران، وهو من تصميم المهندس المعماري لونج هوانج، وتم تشييده من 250 ألف شظية خيزران، وحفر أكثر من 750 ألف ثقب به، مع عدم استخدام أي مواد لاصقة أو صمغ لتركيب هذه الأجزاء معاً، وقد استغرق إنجازه نحو 7 أشهر، وهو خردة بإلكترونيات مدمجة داخلياً ضمن أجنحة كل طرف، تمنحه إمكانية تغيير لونه.
قاطرة بخارية
ويضم المعرض «قطاراً» من عيدان الثقاب، وهو عبارة عن قاطرة بخارية تعمل بحرق الأخشاب، استخدمها الجيش الكونفيدرالي في فترة الحرب الأهلية، وقد بنى باتريك أكتون هذا النموذج من أكثر من 15 ألف عود ثقاب، وبالانتقال إلى عمل فني آخر، لدراجة آلية، اسمها «فيسبا سكوتر» من الخشب، ابتكرها الفنان الإيطالي دي مارتشي عام 1973، تخليداً لذكرى دراجته الآلية الأولى، ويقوم الفنان سنوياً بصنع مركبة خشبية ترسو في القنوات المائية بمدينة البندقية، خلال موكب القوارب في احتفال «يوم الثلاثاء البدين» الذي يقام بالمدينة.
كما يوجد في المعرض، عمل فني للفنان الأميركي مايكل ستودولا بورتريهات لجون لينون وبول مكارثي من فريق البيتلز على أغطية محركات سيارات فولكس فاجن بيتل، كما قام مايكل بنقش بورتريه للرئيس الأميركي أبراهام لنكولن، على غطاء محرك ليموزين لينكولن.