أسعار الفائدة على التمويل العقاري تتضاعف خلال عامين
تضاعفت أسعار الفائدة للتمويل العقاري لتتراوح حالياً بين 7 و 11%، مقارنة بنحو 4 إلى 5% قبل عامين، بحسب مصرفيين ومسؤولين بعدد من البنوك العاملة بالدولة.
وقال هؤلاء لـ “الاتحاد” إن القروض العقارية ظلت تشكل الجزء الأكبر من محفظة القروض لدى البنوك لعدة سنوات، إلا أن تداعيات الأزمة المالية العالمية أجبرت البنوك على تنويع محافظها، والتحفظ في الإقراض العقاري.
وأوضحوا أن أغلب البنوك باتت تدقق كثيراً في خيارات التمويل، وفي العملاء الذين يمكن أن تتعامل معهم، وذلك بعد دراسة أوضاع السوق العقارية وشركات التطوير العاملة بالدولة، وظروف المستثمرين.
وقال علاء عريقات الرئيس التنفيذي لبنك أبوظبي التجاري إن مستويات الفائدة التي تتقاضاها البنوك على التمويل تعتمد على تكلفة الأموال لدى البنك المعني ومستويات المخاطرة المتوقعة.
وقدر عريقات مستويات الفائدة التي تتقاضاها البنوك على التمويل العقاري بين 7 و 11%، مؤكداً في الوقت ذاته أن سعر الفائدة لا يعد المحرك الرئيسي للشراء، وإنما سعر العقار وجدوى الاستثمار والعائد عليه.
وتعتبر البنوك الأجنبية العاملة في السوق المحلية أكثر قدرة على المنافسة في هذا القطاع، باعتبار أن تكلفة الأموال التي تدفعها أقل من نظيرتها المحلية، حيث تقترض المصارف الأجنبية من الأسواق العالمية بسعر “الليبور” أي الفائدة على الودائع بين البنوك بالدولار الأميركي، والتي تبلغ نحو 0,5%، في حين تقترض البنوك الإماراتية من السوق المحلية بالدرهم بسعر “الايبور”، والذي يقدر بسعر الفائدة على الودائع بين البنوك بالدرهم مع إضافة واحد بالمائة تقريباً، أي بمعدل فائدة يتراوح بين 3 و 3,5%، بحسب مصرفيين.
وقال عريقات “مستويات المخصصات التي يقتطعها بنك أبوظبي التجاري لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها أو المعدومة في القطاع العقاري مستقرة منذ الربع الأخير من العام الماضي، ولا يوجد فيها زيادة أو نمو”.
وتراجع الرصيد الإجمالي للقروض برهن عقاري إلى 159,8 مليار درهم بنهاية مارس الماضي، مقارنة مع 163,2 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2010، بانخفاض بلغت قيمته 3,4 مليار درهم خلال الربع الأول من العام الحالي.
وارتفعت حصة القروض المشكوك في تحصيلها لدى البنوك في الدولة لتمثل 6,67% من إجمالي قيمة القروض حتى نهاية أبريل الماضي، مقارنة بـ6,25% بنهاية عام 2010، حيث زادت إلى 70,3 مليار درهم من إجمالي قيمة القروض البالغة 1054 مليار درهم، مقارنة مع قروض مشكوك في تحصيلها بلغت 64,5 مليار درهم من إجمالي القروض البالغة 1031 مليار درهم نهاية العام الماضي، بحسب بيانات المصرف المركزي.
وأكد عريقات أن معالجة المشاكل والتحديات التي يواجهها القطاع تحتاج إلى قوانين وأنظمة، موضحاً أن قرار تمديد تأشيرة المستثمرين العقاريين إلى 3 سنوات يعتبر خطوة مهمة على الطريق السليم، حيث إن مواجهة المشاكل التي يتعرض لها القطاع العقاري تكمن في التشريعات أولاً وليس في التمويل.
وقال إن البنك يمول ما بين 50 و 85% من قيمة العقار، مؤكداً أن المقياس الأهم الذي يستند إليه البنك في منح التمويل هو درجة ملاءة العميل وليس الرهن العقاري.
إلى ذلك، قال مصدر مصرفي مطلع إن إجمالي الوحدات التي يملكها الأجانب لا تتعدى 5% من إجمالي العقارات في الدولة، وبالتالي فهي محدودة جدا وغير مؤثرة، مؤكداً أهمية وضع الأسس الضرورية لمعالجة التحديات التي تواجه كامل القطاع المملوك بنسبة 95% للمواطنين.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن استمرار تأخير العديد من المطورين بتسليم الوحدات السكنية، والتي بيعت على الخريطة وقبل بدء الأعمال الإنشائية بالمشاريع، أصبح يهدد بتعثر الكثير من العملاء اللذين تحملوا أعباء مالية أكثر من المستوى الذي خططوا له، كما أنه يضعف الثقة في القطاع.
من جهته، قال رجائي عياش المدير الإقليمي لبنك أوف نيويورك ميلون في الإمارات وعُمان والكويت، إن التمويل العقاري يعتبر جزءا مهما من محفظة القروض لأي بنك في الدولة، مؤكداً أن البنوك لا يمكنها تجاهل القطاع.
وأوضح أن المشكلة التي تواجه البنوك اليوم تتمثل في زيادة مخاطر التمويل بالقطاع العقاري بعد الأزمة المالية العالمية، وذلك بعد سنوات عديدة من استحواذ القطاع على الحصة الأكبر في محفظة التمويل والقروض البنكية، مشيراً إلى أن ذلك دفع البنوك لإعادة هيكلة محافظها من القروض والتسهيلات، ليتم خفض حصة القروض العقارية، عبر التحفظ تجاه مزيد من الإقراض للقطاع.
وأوضح عياش أن هذا الوضع دفع البنوك لرفع أسعار الفائدة التي تضاعفت تقريبا خلال العامين الماضيين، خاصة مع زيادة المقترضين الأجانب، مما يزيد المخاطر.
وقال “البنوك اليوم لديها صورة واضحة عن القطاع ولذا فإن المخصصات التي تأخذها البنوك لمواجهة الديون المتعثرة في هذا القطاع أصبحت أقل نسبيا”.
لكن عياش أشار إلى وجود حالات تداخل فيما يتعلق بتصنيف القروض لدى القطاع المصرفي في الدولة، حيث أن الكثير من القروض التي ذهبت لشركات صناعية أو خدمية أو تجارية أو أفراد هي في حقيقتها قروض عقارية، ولذلك فإن التعثر في القطاعات الأخرى مرتبط إلى حد ما بالقطاع العقاري أو يؤثر عليه. إلى ذلك، قال الدكتور همام الشماع المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، إن البنوك لاتزال متحفظة بشكل كبير ومازال الكثير منها لا يقبل بتمويل أكثر من 60% من قيمة العقار، وهو الأمر الذي يضر بكثير من المستثمرين.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار الإيجارات يجعل الطلب محدوداً على تمويل العقارات حالياً من قبل المستثمرين في السوق.
وقال إن ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة التمويل تجعل مقارنة جدوى شراء عقار مع مستوى الإيجارات، أمر يدفع المشترين للتردد، لاسيما من الأجانب، فضلاً عن تغطية الدولة لقروض السكن للمواطنين.
المصدر: أبوظبي