أحمد السعداوي (أبوظبي)

المتحف الزراعي بجناح الواحة الزراعية يحمل سمات خاصة لجمهور مهرجان الشيخ زايد، حيث يروى المتحف المقام تحت اسم «جذور»، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، قصة النهضة الزراعية التي تعيشها إمارة أبوظبي، ومسيرة البناء التي أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث توثق الهيئة من خلال متحفها إنجازات الأب المؤسس في التنمية الزراعية المستدامة، ودوره، رحمه الله، في تذليل كافة العقبات التي كانت تشكل حاجزاً منيعاً في وجه الزراعة الوطنية وتحد من توسعها وانتشارها، حتى باتت اليوم تشكل فرصاً ومقدرات ومكتسبات تسرع وتيرة التنمية الزراعية المستدامة في الدولة، وهو ما يتيحه المتحف الزراعي للجمهور للإطلاع على جوانب من هذه الرحلة عبر أروقة مهرجان الشيخ زايد المقام بمنطقة الوثبة بأبوظبي، وتستمر فعالياته حتى الأول من فبراير المقبل.

قنوات وأفلاج
يقدم المتحف للزوار مجموعة نادرة وقيّمة من المواد المصورة التي وفرتها الهيئة بالتعاون مع الأرشيف الوطني، والتي توثق أهم المحطات التاريخية في حياة المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، في مجال الزراعة، خلال الفترة التي تلت إعلان الاتحاد عام 1971، ومن بين هذه المحطات فيديو يظهر الشيخ زايد، رحمه الله، وهو يشرف على أعمال الحفر ويعطي تعليماته في جزيرة صير بني ياس خلال شق القنوات وأفلاج الري، وزيارته إلى الحمرة والإشراف على أعمال التسوية والتشجير، وفيديو آخر لجولة تفقدية قام بها، رحمه الله، في مدينة المرفأ، إلى جانب العديد من المواد المصورة التي توثق الإنجازات الزراعية التي شهدتها إمارة أبوظبي في مختلف مناطقها.
كما وفرت الهيئة عدداً كبيراً من المجسمات والنماذج الزراعية، التي تسعى الهيئة من خلالها لتوعية الزوار بأهم الآفات والأمراض الزراعية، وأطوار نموها وتأثيرها على النبات والعوائل الخاصة بكل منها، وآليات اكتشافها وتقييم الإصابة بها وأفضل الآليات الخاصة بمكافحتها والوقاية منها، إلى جانب توعيتهم بالأضرار البيئية والاقتصادية لهذه الآفات، وكيفية الحد من تأثيرها على صحة النبات باستخدام وسائل فعالة وآمنة بيئياً، إضافة إلى أهمية المتحف في إثراء معارف وخبرات المزارعين والباحثين والمهتمين بمجالات الزراعة وتزويدهم بمعلومات متكاملة عن مكافحة الآفات والحشرات التي تصيب المحاصيل الزراعية والنخيل، حيث يعمل موظفو الهيئة إلى جانب عرض المجسمات الحية، على تقديم العديد من الإرشادات والنشرات التوعوية حول أنواع هذه الآفات وطرق مكافحتها، وعرض أهم الأدوات المبتكرة التي تم تصميمها بشكل خاص لتتناسب ونوع الزراعة في إمارة أبوظبي.

إنجازات زايد
إلى ذلك، قال الدكتور محمد سلمان الحمادي، مدير الاتصال وخدمة المجتمع بالإنابة في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، في تصريح إلى «الاتحاد»، إننا نهدف من خلال المتحف الزراعي «جذور» في الواحة الزراعية، لتعزيز الوعي المجتمعي بإنجازات الأب المؤسس، رحمه الله، في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والحيوي، وتعريفهم بأهم المكتسبات التي حققتها إمارة أبوظبي في هذه المجالات، والتي جاءت ثمرة اهتمامه، رحمه الله، في بناء الدولة وترسيخ ركائز التنمية المستدامة لها، لتكون الدولة العصرية والمتطورة التي توفر أرقى سبل الحياة والعيش للمواطنين والمقيمين على أرضها، والتي تحظى بثقة واهتمام العالم أجمع من خلال إحرازها لقفزات كبيرة ومراكز عالمية متقدمة في شتى المجالات، لا سيما في مجال التنمية الزراعية لما تشكله الطبيعة الجغرافية والمناخية من تحديات كبيرة للنهوض بهذا المجال.
وبين الحمادي أن الهيئة ركزت هذا العام من خلال المتحف الزراعي «جذور» على تعريف الجمهور بأهم الإنجازات التي حققتها إمارة أبوظبي في قطاع النخيل بصفته أحد أبرز عناصر ومكونات الموروث التراثي والثقافي والاقتصادي للمجتمع الإماراتي، وباعتبار التمور من بين السلع الغذائية الاستراتيجية التي تعزز من منظومة الأمن الغذائي، وتدعم خطة التنوع الاقتصادي المستدام للدولة، حيث تعتبر التمور الإماراتية من أجود الأنواع على مستوى المنطقة والعالم، إلى جانب أن زراعة النخيل تعد مورداً مهماً للصناعات الحرفية والتقليدية التي كانت تعتبر في مطلع وحتى منتصف القرن الماضي، صناعات أساسية ومتطلباً رئيساً للمجتمع، مثل صناعة الخوص والسفن والمساكن وأعلاف الماشية.

ثروة حيوانية
ولفت الحمادي إلى أن الهيئة تستعرض في المتحف وبالتنسيق والتعاون مع جامعة الإمارات، مجموعة من النماذج والمجسمات الخاصة بالثروة الحيوانية والأجنة بإشراف عدد من المختصين والفنيين والأطباء البيطريين في الهيئة، لتعريف الزوار على أبرز الحيوانات المنتجة للغذاء في إمارة أبوظبي ورحلة نموها بدءاً من مراحل تكوين أجنتها وانتهاءً باكتمال نموها ووصولها إلى مرحلة البلوغ والإنتاج، بالإضافة إلى تعريفهم بأهمية الثروة الحيوانية كمصدرٍ للغذاء، ودورها في الحفاظ على النظم البيئية والتنوع الحيوي، وتوعيتهم بأفضل الممارسات المتصلة بتربية الثروة الحيوانية، والتي تسهم أولاً في تعظيم العائد الاقتصادي للمربي والنهوض بالإنتاج المحلي للمنتجات الحيوانية، بما يسهم في إرساء دعائم ومرتكزات الأمن الغذائي، وتعزيز كفاءة وفاعلية الأمن الحيوي للوقاية من الأمراض والآفات.

لقاءات مباشرة
وتابع الحمادي، قائلاً: يحظى زوار الواحة من خلال اللقاءات المباشرة مع الفنيين والإحصائيين التابعين للهيئة بفرصة ثمينة للتعرف إلى أهم الإنجازات التي حققتها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، في تطوير وتبني أفضل التكنولوجيا الزراعية وإدماجها ضمن العمليات الزراعية في إمارة أبوظبي، لتحسين مستوى الزراعة ورفع كفاءتها، كالبيوت المحمية التي تقوم على مبدأ توفير البيئة المثالية لنمو المحاصيل المتنوعة، من خلال توفير درجة الحرارة والرطوبة اللازمة لها، وتقنية التسميد التي تضمن توفير العناصر المهمة للنباتات بشكل مستدام يضمن عدم هدر الأسمدة والمياه المستخدمة في ذلك، مع إعادة تدوير الفائض من المياه والأسمدة بعد أخذ النبات حاجته منها وتزويده بالكمية المناسبة، بالتعرف على تكنولوجيا الزراعة المائية، والتي تعد نقلة نوعية في مجالات الزراعة وخاصة في المناطق الصحراوية ذات التربة الرملية مرتفعة الملوحة، حيث تعمل هذه التكنولوجيا على إنتاج العديد من المحاصيل الورقية باستخدام كمية قليلة من المياه، وتربة صديقة للبيئة، بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية.

صور نادرة
تعرض هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية خلال المهرجان مجموعة نادرة من صور الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أثناء زيارته لإمارة أم القيوين -يرافقه الشيخ راشد بن أحمد المعلا، والشيخ مبارك بن محمد آل نهيان، وعبد الجليل الفهيم- فلج المعلا عام 1978، وأخرى له، طيب الله ثراه، وهو يعاين أحد الأفلاج في العين، وصورة نادرة وهو يشاهد نماذج من المنتجات الزراعية خلال جولته في المنطقة الغربية (الظفرة)، وكان يرافقه الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الشيخ محمد بن بطي، الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، عام 1986م.

ترويج وتسويق
تعد الواحة الزراعية بمشاركتها كل عام بفعاليات مهرجان الشيخ زايد 2019، محطة مهمة توثق للزوار الإنجازات الكبيرة التي حققتها إمارة أبوظبي في الاستدامة الزراعية والسلامة الغذائية والأمن الغذائي والحيوي، وتعرفهم على المنتجات الزراعية التي تنتجها مزارع إمارة أبوظبي، وكيف أنها توفر للمزارعين المحليين فرصة الترويج لمنتجاتهم المختلفة وتسويقها، إلى جانب الدور التوعوي الكبير الذي تقدمه في مجالات عمل الهيئة باستخدام أفضل الممارسات الغذائية والزراعية، وحثهم على تبنيها لتعزيز السلامة الغذائية في الإمارة، ودفع مسيرة التنمية الزراعية المستدامة نحو مزيد من التطور والتقدم.