سيد الحجار (أبوظبي)

أكد خبراء ومسؤولون عقاريون أن القطاع العقاري في الإمارات يتميز بالقوة والمرونة، متوقعين تحسن الأداء بالسوق خلال العام المقبل.
وأشار هؤلاء إلى وجود العديد من العوامل التي تدعم استقرار السوق العقاري بالدولة، رغم التحديات المرتبطة بتباطؤ الاقتصاد العالمي، موضحين أن عام 2018 شهد اتخاذ العديد من الإجراءات التي تدعم السوق، سواء من الجهات المسؤولة، أو من الشركات العقارية ذاتها، وفي مقدمتها قوانين الإقامة الجديدة، وقرارات التحفيز الاقتصادي، فضلاً عن توجه الشركات لإصدار مشاريع جديدة تتماشى مع تغيرات السوق، والدخول في شراكات استراتيجية تعزز النشاط بالقطاع.
وأكدوا قدرة القطاع العقاري على التأقلم مع التحديات العالمية، والتي أثرت على نمو القطاع العقاري عالميا، لاسيما في ظل اتخاذ الشركات العقارية للعديد من الإجراءات للتأقلم مع الأوضاع الجديدة، ونجاحها في توفير وحدات بأسعار تنافسية، مع تنوع المعروض لجذب شرائح جديدة من العملاء.
وترصد «الاتحاد» 7 عوامل حصنت الاستثمار العقاري بالإمارات، ما يؤهل القطاع لانطلاقة جديدة خلال الفترة المقبلة.

1- قرارات التحفيز الاقتصادي
جاء اعتماد الخطة التفصيلية لبرنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21» بميزانية 50 مليار درهم للثلاث سنوات القادمة، منها 20 مليار درهم للعام 2019، مؤخرا ليبث المزيد من التفاؤل بالأوساط الاقتصادية، في ظل ما يمثله ذلك من فرص حقيقة تسهم في توفير المزيد من السيولة بالسوق..
ويستند «غداً 21» على 4 محاور رئيسة هي الأعمال والاستثمار، المجتمع، المعرفة والابتكار، ونمط الحياة، ما يضمن تكامل البرنامج لتحقيق التنمية المستدامة.

2- أنظمة الإقامة الجديدة
يسهم إطلاق منظومة متكاملة لتأشيرات الدخول مؤخرا، في تعزيز النشاط بمختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها القطاع العقاري، والذي يعتمد بشكل أساسي على الاستثمار طويل المدى.
واعتمد مجلس الوزراء مؤخرا منح امتيازات خاصة بتأشيرة للأشخاص ما فوق سن الخامسة والخمسين تسمح بالإقامة طويلة الأمد في الدولة، وذلك لمدة 5 سنوات تجدد تلقائيا للوافدين المتقاعدين، حسب شروط محددة ومنها أن يمتلك المتقاعد استثمارا في عقار بقيمة مليوني درهم، أو أن لا تقل مدخراته المالية عن مليون درهم، أو إثبات دخل لا يقل عن 20 ألف درهم شهريا على أن يتم تطبيقه في بداية عام 2019.
ووجه مجلس الوزراء الجهات المعنية خلال شهر يونيو الماضي بوضع الإجراءات التنفيذية لمنح المستثمرين تأشيرات إقامة تصل لـ 10 سنوات لهم ولجميع أفراد أسرهم، بالإضافة لمنح تأشيرات إقامة تصل لـ 10 أعوام للكفاءات التخصصية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية ولكافة العلماء والمبدعين.

3- التوجيه بخفض تكاليف البناء
يسهم خفض تكاليف البناء في تنشيط حركة البناء والتشييد بالدولة، ويشجع المطورين على تنفيذ المزيد من المشاريع الجديدة بأسعار تنافسية، ما يسهم في جذب مستثمرين جدد للسوق.
وتم مؤخراً التوجيه بإعادة دراسة لوائح البناء للبنية التحتية والقطاعات السكنية والتجارية والصناعية في أبوظبي، بما يساهم في خفض التكاليف على المواطنين والمقيمين والمستثمرين، ويحافظ على مسيرة التطور العمراني والحضري في أبوظبي.
كما تم التوجيه بتسريع عملية سداد المستحقات عن العقود مع الموردين من القطاع الخاص، وإعادة دراسة جميع الغرامات في قطاعات الصحة والتعليم وشؤون البلديات بأبوظبي، ما يعزز من توفير السيولة، ويسهم في تنشيط قطاع الإنشاءات.

4- تسهيلات ممارسة الأعمال
أعلن مجلس الوزراء خلال شهر مايو الماضي عن تغييرات في نظام تملك الأجانب للشركات في الدولة، بما يسمح بتملك المستثمرين العالميين لـ 100% من الشركات مع نهاية العام الجاري، وهو ما سيكون له دور بارز في تسهيل ممارسة الأعمال وجذب المستثمرين الجدد للقطاع.
كما تم الإعلان عن إلغاء إلزامية الضمان المصرفي لاستقدام العمالة، واستبدالها بنظام تأمين منخفض التكلفة، ورد 14 مليار درهم ضمانات مصرفية لقطاع الأعمال، وهو ما يعزز النشاط بالشركات العقارية وشركات المقاولات التي تضم آلاف العمال، حيث يعزز خفض تكاليف تشغيل العمالة، من تخفيف الأعباء على أصحاب العمل، وتوفير السيولة للشركات.

5- تخفيض الرسوم
كثفت الجهات الرسمية في مختلف إمارات الدولة خلال العام الحالي توجهها لاتخاذ إقرارات لخفض الرسوم، ما يعزز من النشاط بالقطاع العقاري، ويشجع الشركات العقارية لضخ المزيد من الاستثمارات الجديدة.
ففي دبي تم تخفيض «رسم الأسواق»، الذي تفرضه بلدية دبي على المنشآت التجارية، من النسبة الحالية، التي تبلغ 5% إلى 2.5%، كما تم توجيه دائرة الأراضي والأملاك في دبي بإعفاء معاملات تسجيل العقارات من غرامة التأخير عن التسجيل ضمن 60 يوماً، التي كانت تبلغ 4%.
وأيضا تم إعفاء المنشآت الاقتصادية بإمارة عجمان من الرسوم والغرامات المحلية المترتبة على انتهاء تراخيصها قبل يناير 2018 وتخفيض رسوم تسجيل وتصديق عقود الإيجار للمنشآت الاقتصادية والمستودعات إلى نسبة 5% من قيمة عقد الإيجار.

6- إطلاق مشاريع الإسكان المتوسط
حرصت الشركات العقارية بالدولة على إطلاق العديد من المشاريع الجديدة، والتي تناسب شرائح متنوعة من المشترين، ما أسهم في استقطاب المزيد من المستثمرين من ذوي الدخل المتوسط.
وخلال شهر أبريل الماضي، أطلقت شركة الدار العقارية، مخططاً رئيساً جديداً بقيمة 10 مليارات درهم لتوسعة مشروع «الغدير» بمنطقة سيح السديرة بين أبوظبي ودبي مؤخراً، ويشمل المخطط الرئيس لمشروع الغدير 14.4 ألف وحدة سكنية، كما أطلقت «الدار» مشروع «ريفلكشن»، والذي يوفر 374 وحدة سكنية بجزيرة الريم.
كما أطلقت شركة واحة الزاوية للتطوير والاستثمار العقاري العام الحالي، مشروعي «عود» و»مسك» ضمن مشروع واحة الزاوية في منطقة الفقع بمدينة العين.
وقبيل انطلاق معرض «سيتي سكيب جلوبال 2018» أعلنت شركات «مراس»، و«ديار للتطوير»، و«أراد»، و«وصل العقارية»، و«رأس الخيمة العقارية»، و«إمكان» و«نخيل العقارية» عن إطلاق مشروعات عقارية جديدة.

7- الشراكات الاستراتيجية
اهتمت الشركات العقارية الكبرى خلال العام الحالي بالدخول في شراكات استراتيجية لتنفيذ مشاريع كبرى، ما يسهم في تحسين مستوى جودة الخدمات المقدمة بالقطاع العقاري في الدولة، في ظل الاستفادة من تبادل ومشاركة الخبرات المتوافرة بالشركات.
ووقعت شركتا «الدار» و«إعمار» خلال شهر مارس الماضي اتفاقية لتأسيس شراكة وإطلاق وجهات عمرانية محلية وعالمية بقيمة 30 مليار درهم (8.2 مليار دولار)، حيث سيجري تطوير مشروع «سعديات غروف» في جزيرة السعديات بأبوظبي، والذي سيضم 2000 وحدة سكنية، وفي دبي سيتم تطوير الوجهة الجديدة «إعمار بيتشفرونت» والذي يضم 7000 وحدة سكنية.
وخلال شهر مايو الماضي، وقعت شركة الدار العقارية اتفاقية للاستحواذ على محفظة من الأصول العقارية المملوكة لشركة التطوير والاستثمار السياحي في أبوظبي بقيمة 3.7 مليار درهم، وشملت الصفقة استحواذ «الدار» على أصول عقارية في وجهات رئيسة تتركّز في جزيرة السعديات، وتتضمن 14 مشروعاً.

خبراء: انتعاش مرتقب بالقطاع العقاري
أكد مسؤولون وخبراء عقاريون أن الإجراءات التي تم إقرارها مؤخرا من الجهات المسؤولة، فضلا عن الخطوات التي اتخذتها الشركات العقارية للتعامل مع تحديات الاقتصاد العالمي، سيكون لها تأثير إيجابي على النشاط بالقطاع، موضحين أن القطاع العقاري بالدولة نجح في تجاوز الأزمة المالية العالمية قبل نحو 10 سنوات، وحقق انطلاقات قوية خلال السنوات الخمس الماضية.
وبحسب الكتاب الإحصائي، وتقديرات مركز الإحصاء بأبوظبي، ساهم نشاط «التشييد والبناء» بنسبة 9,9% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2017. وتشير إحصاءات رخص البناء إلى أن عدد رخص المباني (السكنية والسكنية التجارية) الصادرة خلال عام 2017 بلغ 5891 رخصة، بالإضافة إلى ذلك، فقد تم إصدار 1112 رخصة للأبنية غير السكنية خلال العام نفسه، وشكلت رخص الأبنية الجديدة 10.9% من إجمالي عدد الرخص الصادرة خلال عام 2017.
وبلغ إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي‏ المباشر في إمارة أبوظبي 100.9 مليار درهم في نهاية عام، 2016 مقارنة مع 88.1 مليار درهم في نهاية عام2015 ، ويعزى هذا النمو إلى الأنشطة العقارية، والتي استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بلغت قيمتها 28مليار درهم في نهاية عام2016 بالمقارنة مع 23.8 مليار درهم في نهاية عام 2015.
وقال معن العولقي، المدير التنفيذي للشؤون التجارية في الدار العقارية إن سوق العقارات في أبوظبي يتميز بالمتانة والاستقرار، موضحا أن السوق بات أكثر نضجاً مما كان عليه قبل عقد تقريباً، لاسيما مع زيادة معدلات الشفافية بالسوق في ظل تطبيق قانون تنظيم السوق العقاري، والذي دخل حير التنفيذ مطلع 2016، فضلاً عن التعديلات الجديدة في قوانين التأشيرات الممنوحة للعاملين لحسابهم الخاص أو المغتربين المتقاعدين، والتي تزيد من جاذبية السوق.
وأوضح العولقي أن تقدم الإمارات لتحتل المراكز الأولى كأكثر الدول أمانا في العالم، وأفضل مكان للعيش، يعزز من فرص جذب مستثمرين جدد، فضلا عن مؤشرات النمو الاقتصادي بالدولة، وتوالي إنشاء العديد من المرافق السياحية والترفيهية.
وأشار إلى حرص «الدار» على إطلاق مشاريع جديدة تناسب الفئات كافة، لاسيما ذوي الدخل المتوسط، أسهم في جذب شرائح جديدة من المستثمرين.
ومن جهته، قال الدكتور مبارك حمد العامري رئيس لجنة العقارات بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إن القطاع العقاري بالإمارات يتميز بالقوة والمرونة والقدرة على مواجهة التحديات، مشيرا إلى أهمية الخطوات التي اتخذتها الشركات العقارية للتأقلم مع السوق خلال الفترة الأخيرة، مثل الشراكة بين شركتي «الدار» و»إعمار»، وهو ما ينعكس بالإيجاب على القطاع العقاري في إمارتي أبوظبي ودبي، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، لاسيما أن الشركتين الرائدتين، تمتلكان الخبرات الكافية لنجاح أي مشروع، ما يعزز من فرص تطوير وجهات نوعية واستثنائية.
وأوضح خليفة سيف المحيربي، رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للاستثمار، أن الإجراءات التي اتخذتها الجهات الحكومية مؤخرا أسهمت في بث المزيد من الثقة بالسوق، وزادت من حالات التفاؤل بين رجال الأعمال والمستثمرين، موضحا أن برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21» يسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وضخ نحو 50 مليار درهم بالسوق خلال السنوات الثلاث المقبلة، يعزز من مستويات السيولة بالسوق، لاسيما السوق العقاري.
ومن جانبه، أكد أنطوان جورج، مدير عام شركة دوم للمعارض، المنظمة للمعرض الدولي للعقارات والاستثمار (ايريس 2018)، والذي تنطلق فعالياته بأبوظبي نوفمبر القبل أن حركة تصحيح الأسعار تشجع كثيراً من المشترين الجدد للاستثمار بالقطاع، حيث يعد هذا الوقت المناسب للاستثمار، لاسيما مع صدور قوانين الإقامة الجديدة.