أطفال معسكر «العين للحياة البرية» يعدون المثلجات للقردة
(العين) - دأب المركز التعليمي في متنزه العين للحياة البرية منذ نشأته على إعداد برامج تعليمية متنوعة لطلبة المدارس وغيرهم، تتمحور حول الحفاظ على البيئة والحياة البرية، إذ ينضم أكثر من 30 ألف طالب وطالبة سنوياً إلى هذه البرامج من مختلف إمارات الدولة. وانسجاماً مع تطلعات المركز على التواصل المستمر مع طلبة المدارس حتى في إجازتهم الصيفية، أعد لهم معسكراً صيفياً يطلقون خلاله طاقاتهم ويبددون به مللهم.
جولات تعريفية
حول طبيعة المعسكر وما يتضمنه من برامج وفعاليات، تقول منى الظاهري، مديرة المركز التعليمي في متنزه العين للحياة البرية “يشتمل المعسكر الصيفي على برامج تعليمية ترفيهية مخصصة للأطفال من عمر 4 سنوات وحتى 14 سنة، ومن أجل مراعاة الفروق الفردية والعمرية بينهم قسمناهم إلى 3 مجموعات، أنهت المجموعة الأولى معسكرها وهي من عمر 9 - 12 سنة خلال الفترة الزمنية من 3 - 7 يوليو، وبدأت المجموعة الثانية معسكرها وهي من عمر 12 - 14 سنة، وتليها المجموعة الأخيرة وهي من عمر 4 - 8 سنوات، حيث سينتهي المعسكر في 21 يوليو الجاري”. وتضيف “يحضر الأطفال في تمام الثامنة صباحاً، ويبدأون يومهم بجولة تعريفية في المتنزه، إذ يحملهم القطار إلى كل جزء من أجزاء الحديقة ليستمعوا لشرح مفصل عنه من قبل المشرفات، ومن ثم يتوجهون نحو الساحة المحاذية للمركز التعليمي ويتم تقسيمهم إلى مجموعات ويعينون قائداً لهم، ويبدأون بتجهيز اسم وشعار للمجموعة وينصبون خيامهم على العشب ليجلسوا بداخلها، بعد ذلك يتناولون طعام الإفطار الذي يقدمه لهم المتنزه، بعدها يتلقون محاضرة تعليمية تثقيفية في إحدى قاعات المركز التعليمي يتعرفون فيها في كل مرة إلى نوع من أنواع الحيوانات الموجودة في المتنزه من حيث بيئته الطبيعية وطعامه وشرابه وتكاثره وكيفية العناية به، وما هي المخاطر التي يمكن أن يتعرض له وتكون سبباً في انقراضه”.
يوم الأطفال في المتنزه حافل بكل ما هو ممتع ومفيد، حيث إنهم بعد أن ينتهوا من المحاضرة يتجهون إلى زيارة أحد أقسام المتنزه المساندة، مثل مركز تجهيز طعام الحيوانات، ومركز تدريب الطيور، ومركز صحة الحيوانات (المستشفى البيطري) ليقابلوا أحد المختصين العاملين فيها، ويتعرفوا إلى طبيعة عمله ويشاهدوا عرضاً حياً له، ويشاركوا بشكل فعلي في إعداد الطعام المناسب لكل حيوان. تقول الظاهري “يقوم الصغار بإعداد الآيس كريم بالفواكه للقردة للتخفيف عليها من حرارة الجو، وتقطيع الفواكه والخضراوات لغيرها من الحيوانات، ثم يسلمونه إلى الموظف المسؤول عن إطعام الحيوانات”.
التعريف بالوظائف
تؤكد الظاهري أن المعسكر الصيفي يهدف إلى تعريف الأطفال بالوظائف الموجودة في حديقة الحيوانات، مثل وظيفة ملاحظ الحيوانات الذي يقوم بإطعام الحيوانات وتنظيف بيئتها المخصصة لها ومراقبة سلوكها وكتابة تقرير يومي عن حالتها الصحية والنفسية والسلوكية، ووظيفة الطبيب البيطري وكيفية علاجه للحيوانات وطريقة تخديره لها، ودوره في أخذ العينات وإجراء التحاليل الطبية، والتعرف إلى الأمراض التي تصيبها وإعطائه الأدوية المناسبة لها والتطعيمات الضرورية لها للمحافظة على صحتها واستمرارية وجودها، بالإضافة إلى وظيفة أخصائي تغذية الحيوانات، الذي يقوم بتجهيز قائمة الأغذية والفيتامينات المناسبة لكل نوع من أنواع الحيوانات، ووظيفة مدرب الحيوانات، الذي يقوم بتدريبها والتعرف إلى كيفية دراسة سلوكها للتمكن من التأثير بها عبر الاستجابة لأوامره قبل عرضها أمام الجمهور.
5 ساعات يومية يقضيها الأطفال في أجواء ممتعة تعج بالتشويق والإثارة، حيث تقام لهم يومياً مسابقات تتطلب منهم الجري والبحث وإعمال العقل، وذلك بتسليم كل مجموعة لخريطة المتنزه وانطلاقهم في مسابقة لحل الألغاز والأسئلة التي تندرج في مواقع عدة في الحديقة، حيث يسيرون وفقاً للخريطة من مكان لآخر يتسلمون ظرفاً من الموظف فيه سؤال يتطلب الإجابة عنه القيام بمهمة ما، مثل حمل الغذاء لحيوان ما وتسليمه للموظف المسؤول، ولا يتسلمون الظرف الثاني والذي يليه حتى ينتهوا من المهمة التي تسبقها، والمجموعة الفائزة هي التي تنجز جميع المهام بأقل وقت ممكن.
سعادة غامرة
وتقول الظاهري “يحضر الأطفال المحاضرات الإثرائية، التي تتعلق بكيفية إثراء حياة الحيوان وتفعيل سلوكه الطبيعي للحفاظ على صحته النفسية وإبعاد الملل عنه، حيث يعرف الأطفال معلومات تفصيلية عن سلوك الحيوان الطبيعي والبيئة أو الجناح الموضوع به أمام الناس، ومن ثم يجهزون وسيلة إثرائية ويراقبون ردة فعل الحيوان نحوها، مثل صناعة مجسم لغزال من ورق الصحف وتعبئته بوجبة الطعام كاللحم مثلاً وتقديمه له ومراقبة ردة فعله”.
الأعمال اليدوية مدرجة أيضاً ضمن المعسكر الصيفي والتي تشتمل على الرسم الذي يعشقه الأطفال والزراعة وإعادة تدوير النفايات وصناعة المجسمات والدمى منها. وتنبه الظاهري إلى أنهم قاموا باستثناء الأطفال من عمر 4 - 8 سنوات من المحاضرات النظرية، واستبدالها بقصص عن الحيوانات تخدم الغرض نفسه، وتتناسب مع طبيعتهم التي تطرب لسماع القصص المثيرة ويعيشون في خيالاتها.
سعادة الأطفال لا توصف وهم يعيشون في أجواء ملؤها المتعة والمغامرة وقد عبروا ببراءتهم وبكلماتهم البسيطة عن حبهم للمعسكر ورغبتهم في ألا ينتهي، ومن بينهم أطفال يشاركون للمرة الثانية أو الثالثة على التوالي في المعسكرات الصيفية التي يقيمها المتنزه على الرغم من وجود بعض التشابهات بين برامجها المقدمة في كل عام، منهم الأختان عائشة ونورة النعيمي اللتان تعيدان المشاركة في المعسكر للمرة الثالثة على التوالي، وتؤكدان أنهما في كل مرة تشاركان فيه يشعران وكأنها المرة الأولى، إذ يتعلمان أشياء جديدة عن الحيوانات ويكونان صداقات جديدة خارج نطاق المدرسة، ويستمتعان ببناء الخيام وبالمسابقات التي يعتبرونها تحدياً لتفكيرهم.
أما الطفلة فاطمة الظاهري فانضمت للمعسكر للمرة الرابعة على التوالي، وذلك من شدة حبها للأنشطة التي يقومون بها، بل والأجمل من ذلك أنها باتت تحلم أن تصبح طبيبة بيطرية بعدما قابلت الطبيب البيطري وشاهدت طريقة تخييط جراح الحيوانات وتخديرها وعلاجها، خصوصاً أنها تحب الحيوانات وتربي أنواعاً منها. تقول والدتها إنها وافقت وشجعت ابنتها على المشاركة به لما وجدت فيه من فوائد جمة علمية وترفيهية واجتماعية، حيث تأتي فاطمة كل يوم من المعسكر وتحدثها بفرح عما قامت به من أنشطة وما تعلمته عن الحيوانات، بالإضافة إلى أن اختلاطها بجنسيات مختلفة من خلال المعسكر سيقوي من شخصيتها ولغتها الإنجليزية.
حاجز الخوف
كسر حاجز الخوف من التعامل مع الحيوانات لدى شقيق فاطمة المهيري هو سبب شكرها للمركز التعليمي، وهي إحدى موظفات المتنزه، حيث تفاجأت المهيري عندما رأت صورة فوتوغرافية لأخيها الصغير، وهو يمسك بيده الزواحف ويقترب ليلمس جلد الثعبان الذي يحمله ملاحظ بيت الثعابين.
آمنة الذهلي وأختها فاطمة، عبرتا عن انبهارهما بما عرفتاه من نوعية الطعام المقدم للحيوانات والذي يدل على قدر كبير من الدلال. تقولان “فرحنا بصناعة البوظة للقرد، إذ لم نعلم أنه يأكل المثلجات والتي كانت عبارة عن ماء وضعناها في علب لبن فارغة ونظيفة مع قطع فواكه وثلجناها، وفي اليوم الثاني قدمناها له، كذلك سعدنا بإطعام الزرافة وهي تتدلى لأخذ طعامها من أيدينا بعنقها الطويل، وبينما صنعنا مجسم الغزال للأسد ووضعنا داخله اللحم، كنا نتخيل ماذا سيفعل إذا ما رآه، فإذا به يستغرب برؤية الغزال يخاف ومن ثم يضربه بطرف يده فيشتم رائحة اللحم فيهاجمه ويقطع الورق ويصل إلى طعامه”.
“أتمنى من القائمين على المعسكر الصيفي أن يطيلوا مدته ولا يكون فقط لمدة أسبوع”، بهذه الكلمات بدأت أم علي الشامسي حديثها، وهي مدرسة في إحدى مدارس العين، لتعكس من خلال جملتها تلك ما لمسته في المعسكر من فائدة وترفيه لابنها، حيث تشير إلى أنها تحتار في كل صيف أين ستسجل أطفالها، وعندما سمعت عن المعسكر بادرت إلى تسجيلهم لما تتسم به أنشطة المتنزه من متعة، ولعل مجيء علي كل يوم إلى البيت حاملاً في ذاكرة جهازه النقال فيديوهات سجلها من الأنشطة التي مارسوها في المتنزه ليعرضها على أمه وأبيه يفسر كم هو فرح وسعيد بهذا المعسكر. وتضيف أم علي أن المعلومات التي يتلقاها ابنها في المعسكر تعزز ما تعلمه في منهاجه الدراسي لمادة العلوم، بل إنه يتلقى معلومات جديدة لم يأخذها بالمدرسة.