دينا محمود (لندن)

كشفت صحيفة «صنداي إكسبريس» البريطانية، واسعة الانتشار، النقاب عن تبني النظام القطري استراتيجية واسعة النطاق، لكسب دعم المملكة المتحدة له في ظل أزمته الإقليمية والدولية المتفاقمة، وذلك عبر السعي للتودد إلى الأسرة الحاكمة في البلاد، وهو ما تخصص له الدوحة مليارات الجنيهات الإسترلينية.
وفي مقاله الأسبوعي في الصحيفة قال الكاتب آدم هيليكر، إن أحدث محاولات أسرة آل ثاني في هذا الصدد تستهدف الأمير أندرو النجل الثالث للملكة إليزابيث الثانية وشقيق الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، وذلك من خلال كريمته الأميرة يوجيني التي تستعد للزواج خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكد أنه قد يُنظر إلى المحاولات القطرية على هذا الصعيد بوصفها الأحدث من نوعها في إطار «استراتيجية القطريين الفظة لشراء دورٍ محوريٍ لأنفسهم على قمة المؤسسة البريطانية»، في إشارةٍ إلى العائلة المالكة التي تحظى بمكانةٍ كبيرةٍ في المملكة المتحدة.
وكشف هيليكر في مقاله عن أن حكام قطر يسعون حالياً إلى إقناع الأسرة المالكة في بريطانيا بقبول تمويلهم إقامة حفلٍ على شرف الأميرة - التي تحتل المركز الثامن على ترتيب ولاية العرش - وذلك قبل زفافها المقرر منتصف شهر أكتوبر الجاري على خطيبها جاك بروكسبانك.
وأشار الكاتب البريطاني إلى أن المخطط القطري في هذا الشأن يجري بالاستعانة بمالكة شركة «بارتي بلانرز»، التي ستتولى تنظيم حفل الاستقبال المزمع إجراؤه على هامش مراسم الزفاف المقرر في قلعة وندسور العريقة.
وقالت «صنداي إكسبريس» - وهي العدد الأسبوعي من صحيفة «دَيلي إكسبريس» ذات التوجهات اليمينية - إن «نظام الحمدين» يسعى إلى أن يستغل في هذا الشأن كون الليدي إليزابيث أنسِن صاحبة الشركة، تعمل في الوقت نفسه لحسابه على صعيد حملات العلاقات العامة والدعاية التي تموّلها الدوحة على الساحة البريطانية.
وأشار المقال إلى أن أنسن - التي تمت بصلة قرابة للملكة إليزابيث الثانية - تتولى في الفترة الحالية تسهيل عمليات «التواصل الاجتماعي» بين ممثلي النظام القطري والشخصيات المؤثرة في العاصمة البريطانية لندن، وذلك في إطار المحاولات المستميتة التي تبذلها قطر لتبييض سجلها الأسود على صعيد تمويل التنظيمات الإرهابية من جهة، وإقامة علاقاتٍ وطيدةٍ بنظام الملالي الحاكم في إيران من جهةٍ أخرى.
واستعرض الكاتب البريطاني المخضرم بعض الحجج التي يروجها عملاء «نظام الحمدين» لتبرير المشاركة القطرية في تمويل بعض تكاليف الاحتفالات المرتبطة بزفاف حفيدة ملكة البلاد وابنة دوق يورك، ومن بينها أن مثل هذا الإسهام المالي ربما سيفيد في تقليل حدة الانتقادات التي قد تُوجه للأسرة المالكة بسبب الميزانية التي سيتم تخصيصها للزفاف الملكي المرتقب.
ولم تغفل «صنداي إكسبريس» الإشارة إلى أن محاولات قطر لانتهاز فرصة زفاف الأميرة يوجيني لاستمالة ود سكان قصر بكنجهام، ليست سوى جزءٍ من حملةٍ مكثفةٍ تستثمر هذه «الإمارة الغنية بالغاز الواقعة في منطقة الشرق الأوسط.. (لأجلها) المليارات في بريطانيا على نحوٍ دائبٍ». وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الحملة التي تستهدف «شراء النفوذ والتأثير في أوساط الأسرة المالكة» في المملكة المتحدة، تشتمل كذلك على السعي للمشاركة في تمويل عملية إعادة ترميم قلعة ماي الواقعة في اسكتلندا والتي كانت تشكل منتجعاً مُفضلاً للملكة إليزابيث الأم والدة الملكة الحالية لبريطانيا.
كما تشمل الحملة القطرية - حسب «صنداي إكسبريس» - المشاركة في رعاية سباق «رويال أسكوت» للخيول الذي يحظى بأهميةٍ خاصةٍ لدى الملكة إليزابيث الثانية، ويجري سنوياً بمشاركة عددٍ كبيرٍ من دولٍ العالم، ولا يضارعه في الأهمية سوى سباقاتٍ كأس دبي العالمي ومهرجان «ملبورن كب» في أستراليا.
ويبدو تصعيد الجهود الدعائية القطرية في بريطانيا مرتبطاً بالفشل الذريع الذي مُنيت به الزيارة التي قام بها أمير قطر تميم بن حمد إلى لندن أواخر يوليو الماضي، وقوبل خلالها بمظاهراتٍ غاضبةٍ شارك فيها رافضو سياسات بلاده في شوارع العاصمة، وتزامنت كذلك مع قرار مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الكبرى في بريطانيا إعادة توجيه اتهاماتٍ لمصرف «باركليز» الشهير على خلفية منحه قرضاً مشبوهاً بمليارات الدولارات إلى الدوحة قبل عقدٍ من الزمان.
وأجبرت ردود الفعل المُستنكرة هذه السلطات القطرية على فرض السرية على جدول أعمال الزيارة، التي استغلتها منظمات حقوق الإنسان الدولية لمطالبة المسؤولين البريطانيين بالضغط على الزائر القطري غير المرغوب فيه، لحمل نظامه على وقف الانتهاكات الحقوقية الواسعة التي تشهدها الدويلة المعزولة، سواءٌ بحق مواطنيها أو ضد مئات الآلاف من العمال الموجودين على أراضيها.