هناء الحمادي (أبوظبي)
عبدالله أحمد المهيري، عشق البحر فغاص في أعماقه، له خبرته الطويلة كمدرب غوص، جذبه عالم الحياة البحرية من خلال عدسات كاميرته التي تلتقط أدق وأغرب تفاصيلها، وعلى الرغم من وصوله لمسافات كبيرة نحو الأعماق إلا أن كاميرته لا تفارقه في كل رحلاته للغوص في بحار الإمارات والفلبين وإندونيسيا وجزيرة مصيرة في عُمان، ليوثق لحظات قد لا تتكرر.
أسرار البحار
منذ نعومة أظفاره، استفاد المهيري من خبرات والده وجده اللذين كانا من النواخذة، فأبحر في أعماق البحار وكشف تفاصيله وأسراره، وتعرف إلى أنواع الكائنات البحرية، وعن ذلك يقول «رغم حصولي على رخصة كمدرب غوص، إلا أن رحلاتي للبحر كانت تدفعني للتوغل، واكتشاف الكثير من خفايا هذا العالم الغامض، لذلك كانت لدي كاميرا خاصة التقط بها ما يلفت انتباهي، لكن حب اكتشاف المزيد من الحياة البحرية دفعني لشراء كاميرا تصوير بمواصفات مميزة وجودة عالية، لالتقاط أدق تفاصيل الكائنات التي تعيش في الأعماق.
ويتابع المهيري: «يختلف التصوير النهاري عن الليلي فالكائنات التي تخرج في النهار تختلف كثيراً عن الليل، حيث إن نظامها البيئي غريب وتتصف بالهدوء، وهي كائنات جميلة بألوان جذابة، كما أن التصوير تحت الماء يكون دقيقاً، وتستخدم فيه عدسات الماكرو لعيش جو المغامرة وحتى تخرج الصور بشكل أجمل وأكثر وضوحاً، حيث إن تلك العدسات تلتقط تفاصيل الكائن بشكل دقيق».
ويلفت إلى أن تصوير الكائنات البحرية الدقيقة تحت قاع البحر، يحتاج إلى كاميرات خاصة وأدوات شديدة الدقة، وعدسات بلورية تظهر الأجسام الصغيرة بأحجام كبيرة.
صور جمالية
مهارات وخبرات المهيري لم تكن مجرد الغوص في الأعماق، بل اكتسب الكثير من الدورات لصقل موهبته في التصوير تحت الماء عن طريق أون لاين، كما اكتسب خبرات من مصورين أجانب يعشقون التصوير تحت الماء، ولديهم الكثير من الأفكار التي تدفع به لتطوير هوايته.
ويضيف: الإمارات بها الكثير من البحار التي ترسم صوراً جمالية للكائنات، لكن تظل الأعماق البحرية في منطقة الفجيرة وكلباء وبحر براكة والفلبين وإندونيسيا أكثر الأماكن التي تلفت انتباهي للاقتراب من تصوير الكائنات فيها، مبيناً أنه يغوص إلى عمق 22 متراً، حيث كان يبحث عن كائن ما، لتصويره من قرب.
البزاقات البحرية
يزخر قاع البحر بالكثير من الكائنات المختلفة، لكن تظل «البزاقات البحرية» أجملها باعتبارها حلزونات عديمة القوقعة، ذات جسم رخوي، لا يحميها غطاء خارجي، لكن البعض منها يعيش علىاليابسة، وتتميز بألوانها الجميلة، وعن ذلك يقول المهيري إن البحر في الإمارات يحتوي على أعدادكبيرة من البزاقات البحرية مما يجعلها تحتل المركز الأول في منطقة الخليج العربي والثاني على مستوى العالم العربي، والبزاقات تدور حولها أسرار عديدة، أهمها أن ألوانها وأشكالها غير عادية وغريبة وتلفت الأنظار، ولها شعبية كبيرة بين الغواصين والمصورين، وهناك أكثر من 3000 نوع معروف في العالم تختلف عن بعضها بعضاً من حيث الحجم واللون والشكل.
ويتابع المهيري «سر تعلقي بهذه البزاقات يرجع إلى عام 2007، ورغم صعوبة البحث عنها نظراً لصغر حجمها واختبائها بين المرجان، فإن تصويرها يمثل متعة بالنسبة لي، وأكون من المحظوظينعندما أعثر عليها، لأني أحياناً لا أستطيع رؤيتها مرة ثانية، إلا على فترات متباعدة».
«النودي برانش»
وأوضح المهيري أنه على الرغم من مظهر البزاقات الجميل وألوانها التي تغري بها الأعداء، إلا أنها تحتوي على مواد سامة لتحمي نفسها من الكائنات المفترسة، ويتراوح حجم البزاق بين 2 و10 سم في الطول، بينما هناك أنواع أخرى يصل طولها إلى 15 سم، وتكون مختلفة في الشكل.
واستطاع المهيري، خلال رحلاته البحرية تأليف كتاب «النودي برانش»، الذي يقع في 150 صفحة، ويضم كل أنواع الكاميرات التي تم استخدامها في التصوير خلال رحلات الغوص، بالإضافة إلى صور مختلفة للكائنات البحرية وأحجامها وأماكن وجودها طوال العام، ومستوى العمق الذي تعيش فيه، بالإضافة إلى فصيلتها وألوانها وشجرة عائلتها وتقع تحت أي تصنيف.
ومن أجمل اللقطات التي قام المهيري بتصويرها، كانت على سفينة «انشكيب 10» التي غرقت عام 2003 على عمق 28 متراً في بحر الفجيرة، حيث تم تصوير الكثير من الكائنات البحرية ذات الأشكال والأحجام المختلفة والألوان الجذابة، والتي اتخذت منها بيوتاً لها للعيش والتكاثر ووضع البيض.