الشركات الصينية تبحث عن الأرباح في أوروبا
اتجهت الشركات الصينية نحو أوروبا بهدف زيادة عملياتها التجارية. وشهدت الأشهر القليلة الماضية إبرام عدد من الصفقات التجارية، حيث أتمت مجموعة “زيهجانج جيلي” القابضة استحواذها على شركة “فولفو” للسيارات السويدية في أغسطس الماضي.
وفي أواخر الشهر الماضي، برزت شركة “برايت فوود”، ومقرها شنغهاي، كأكبر المرشحين للاستحواذ على شركة “يونايتد” لصناعة البسكويت من المملكة المتحدة والمملوكة حالياً من قبل الأسهم الخاصة.
ومن ضمن الصفقات التي تمت مؤخراً، استحواذ “فوسون “العالمية الصناعية بشنجهاي على 7,1% من أسهم كلوب ميديترين الفرنسية للمنتجعات في يونيو الماضي. وذكر إيريك ثون المحاضر بكلية سيد التجارية التابعة لجامعة أكسفورد أن أوروبا أصبحت أكثر جاذبية من أميركا بالنسبة للشركات الصينية الباحثة عن الاستثمارات.
ويقول “ترغب الشركات الصينية في العمليات الصناعية ذات رؤوس الأموال الكبيرة، وبلدان مثل ألمانيا تعتبر رائدة في هذا المجال. كما أن الأمر لا يتعلق دائماً بالاستحواذات. ونرى أن عدداً من الشركات الصينية قامت بإنشاء مرافق للبحوث والتطويرات في ألمانيا لأنها تفضل البقاء في الوسط الصناعي حيث تتوفر العمالة ذات المهارات العالية، ومعاهد البحوث ومراكز التدريب”.
ووفقاً لوزارة التجارة الصينية، فإن 5,8% من استثمارات الصين الخارجية في 2007 كانت من نصيب أوروبا، متقدمة على أميركا الشمالية عند 4,3%، لتجيء آسيا في المقدمة بنسبة 62,6%، تليها أميركا اللاتينية 18,5% وأفريقيا 5,9%. وبلغت جملة العمليات الاستثمارية الصينية في أوروبا في غضون عشر سنوات حتى 2007 نحو 252 عملية، وذلك حسب البحوث الواردة من أيرنست آند يونج للاستشارات التجارية.
ومن ضمن هذه، كان نصيب المملكة المتحدة نحو 101 عملية وألمانيا 40، بينما ذهبت 24 عملية لفرنسا و15 للسويد. ويعتقد أندري لويسكروج المدير التنفيذي لمؤسسة “كابيتال آسيا” للأسهم الخاصة، أنه سيكون هناك المزيد من عمليات الاستثمار التي تقوم بها شركات صينية في أوروبا. كما ذكر أن من شأن التعديلات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة الصينية لتسهيل إجراءات تصديقات تداول النقد الأجنبي، أن تقود إلى المزيد من الاندماجات والاستحواذات. وأضاف “ينبغي أن تسهل هذه الإجراءات من استثمارات الشركات الصينية في الخارج حيث تأتي أوروبا على رأس القائمة بالنسبة لهذه الشركات”.
وأشار لويسكروج إلى أن عدداً كبيراً من الشركات الأوروبية تبحث عن شراكات صينية بهدف الدخول في السوق الصينية التي تعتبر من أكبر الأسواق في العالم. ويقول “حصول هذه الشركات على مستثمر صيني يوفر لها نوعا من الثقة في أن لها حليفا قويا في واحدة من أكثر الأسواق منافسة، لكنه أيضاً كما يعتقد الكثيرون، واحد من أصعبها”. ويذكر زهانج تيانبينج الشريك في مؤسسة “يه تي كيرني” الاستشارية في شنغهاي، أن تقليل الفجوة التكنولوجية الصينية واحد من الأهداف الرئيسية التي تعمل الشركات الصينية المستثمرة في أوروبا من أجل تحقيقه. ويقول “إذا نظرنا إلى صناعة السيارات وإلى استحواذ شركات صينية على شركات مثل روفر وفولفو، نجد أن ذلك يمكن هذه الشركات من الحصول على مقدرات تقنية تم بناؤها وتطويرها خلال قرن كامل من الزمان”.
ويقول زهانج “يمثل الاحتفاظ بالمصانع وبمعظم البحوث والتطويرات في أوروبا، جزءاً هاماً من هذه الاستحواذات. وربما يأتي زمن تهاجر فيه هذه المصانع إلى الصين”.
وذكر أريك أشميد مدير “إنتربرونرس” الصينية التي تقوم بتنظيم الندوات والمؤتمرات في الصين لربط الشركات الصينية والأوروبية ببعضها البعض، أن الشركات الصينية تمثل المخرج الأمثل لمعظم الشركات الأوروبية المملوكة للأسر. ويقول “هناك شركات تعود ملكيتها للجيل الثاني أو الثالث في قطاعات مثل الموضة مثلاً حيث لا يرغب الجيل الحالي في مواصلة نفس النشاط الذي بدأه أسلافه. وتملك الشركات الصينية الأموال الكافية بالإضافة إلى الرغبة الكبيرة في الحصول على الأسماء التجارية الأوروبية المعروفة”.
ويحذر بروفيسور مايك باستين الأستاذ الزائر في جامعة الزراعة الصينية من خطر المبالغة في تقييم العلامات التجارية الأوروبية.
ومع ذلك، فان إشباع رغبة الشركات الصينية الكبيرة في الاستحواذ على الشركات الأوروبية، ليس من المتوقع أن يتم قريباً. وهناك تصور مستمر في أن المصارف الأوروبية المعرضة ستكون محطة استحواذات الشركات الصينية القادمة. ويقول زهانج “ليس من المستغرب سماع خبر يعلن عن استحواذ شركة صينية لبنك أوروبي كبير”.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
ترجمة: حسونة الطيب