إن التسوق عبر الإنترنت جاء ليبقى ويستمر· ومع استئثار شبكة ''الإنترنت'' بالقسط الأكبر من نشاط الأعمال من أي وقت مضى سيضطر أصحاب الأعمال إلى ابتكار استراتيجيات من ضمنها دراسة عادات الاستثمار للموظفين ذوي المعرفة باستخدام الانترنت مع عدم توافر الوقت الكافي للقيام بذلك· إن تجاوز متسوقي الإنترنت رقم المليار شخص حالياً يعني انتعاش هذا القطاع وذلك بسبب ما تتمتع به الشبكة العالمية من سرعة وسهولة التصفح فضلاً عن الأمن الإلكتروني الذي بات أكثر حزماً وصرامة من السابق· ولكن على الرغم من سعادة كبار مسؤولي التجارة الإلكترونية فإن لدى الكثير من الشركات مشاعر متباينة حول التسوق الإلكتروني، خاصة عندما يمارسه الموظفون أثناء فترة العمل وهذا الأمر الذي قد يصعب في الواقع السيطرة عليه· وفي مسح ميداني لمجموعة من الموظفين ممن يستخدمون أجهزة الكمبيوتر للشركات والذي أجرته شركة ''سيسكو سيستمز'' تبين أن التسوق عبر شبكة الإنترنت يشكل النسبة الغالبة من الاستخدام الشخصي لأجهزة الكمبيوتر المستخدمة في الأساس لتنفيذ أعمال الشركات، وذكر 39 % من الذين اعترفوا باستخدام هذه الأجهزة لأغراض شخصية بأنهم استخدموها لتنفيذ صفقات شراء عبر الانترنت· ويشير خبراء الاقتصاد والتكنولوجيا إلى أن التسوق الإلكتروني يستغرق من المتسوق المحنك خمس دقائق كأقصى تقدير في حين قد يهدر المتسوق الأضعف الساعات الطوال في تصفح المواقع ومقارنة الأسعار إلى جانب مراجعة مواصفات المنتج· وكشف مسح نشرت نتائجه في العام الماضي أن الموظفين في الولايات المتحدة يستهلكون ما يصل إلى 34 ساعة أسبوعياً في تصفح المواقع على الإنترنت لأغراض شخصية، في حين يقدر خبراء تقنية المعلومات أن المدة ضعف هذا الرقم تقريباً· وذكرت مصادر صحفية أن التسوق الإلكتروني خلال الفترة التي سبقت الأعياد يمكن أن يكلف الشركات البريطانية أكثر من سبعة مليارات جنيه استرليني (14 مليار دولار) في شكل ساعات عمل مهدرة· وقال أحد المسؤولين في إحدى الهيئات الاستشارية إنه يمكن أن تتحول لمحة خاطفة لأي موقع من مواقع الإنترنت إلى عملية تصفح تمتد إلى ساعة وسرعان ما تتراكم هذه الساعات لتكبد الشركات البريطانية المحدودة الخاصة خسائر بالمليارات مما يرفع من مستوى القلق بين أصحاب العمل وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى إصدار شروط صارمة من أجل تنظيم عملية استخدام الانترنت أثناء العمل مع فرض عقوبات واضحة على المخالفين· وتمثل الشركات المتشددة في مسألة الاستخدام الشخصي للإنترنت نسبة ضئيلة وعادة ما تكون الشركات المالية التي تخضع لقوانين تنظيمية صارمة في حين اتجهت الشركات الأخرى إلى معالجة المشكلة بشكل أكثر عقلانية وقبولاً مثل قصر الاستخدام الشخصي لشبكة الإنترنت على أفراد معينين في الشركة وهو الأمر الذي تطبقه غالبية الشركات· إن سياسات الاستخدام تختلف من قطاع لآخر فشركات الإعلام تحتاج حتماً إلى استخدام جميع موظفيها شبكة الإنترنت في حين يختلف الأمر مع شركات التجارة العامة التي تميل إلى أن يقتصر استخدام الإنترنت فيها على المديرين فقط بينما تفضل شركات الاتصالات وتقنية المعلومات إبقاء الوضع أكثر مرونة لمواكبة متطلبات العمل خاصة أن معظم موظفي هذا القطاع يتمتعون بمهارات عالية في مجال التقنية مما يحدد خريطة سيرهم في استخدام الإنترنت· وكذلك تختلف المواقف اتجاه مسألة الاستخدام الشخصي للإنترنت وفقاً للمكان الذي توجد به في العالم حيث تعتبر المملكة المتحدة بعد ألمانيا الدولة الأكثر حماساً في مجال التسوق على الإنترنت، وتميل الولايات المتحدة صوب سياسات الاستخدام المقبول وفي ألمانيا يتم التركيز على المحافظة على أمن المستخدم النهائي على الويب وليس على رصد جميع حركاتهم· وتعتقد غالبية الشركات أنه مهما بلغت درجة المرونة في استخدام الإنترنت بين أقسامها فإنه يستلزم عليها بين الفينة والأخرى مراجعة الأوضاع ولا مانع من إصدار قوانين جديدة إن كان يتطلب الأمر ذلك· وتعد الشركات الأكبر حجماً وعدداً في موظفيها، أنها أكثر عرضة لسوء الاستخدام، كالتصفح المفرط مما يعني ضرورة المراقبة والتدقيق· ويختم الموضوع أحد خبراء أمن الشبكات بقوله: ''في السابق كان أمن الإنترنت يعني حجب الموقع غير المرغوب فيه ولكن الأمر الآن أكثر تعقيداً''· نقلاً عن فاينانشيال تايمز