متظاهرون يهاجمون السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق
(وكالات) - تصاعدت الأزمة السياسية بين سوريا وكل من الولايات المتحدة وفرنسا أمس لا سيما بعد قيام حشود من السوريين الموالين لنظام الرئيس بشار الأسد بمهاجمة السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق ومحاولة اقتحامهما، الأمر الذي أدى إلى صدامات استخدمت فيها للمرة الأولى الذخيرة الحية والقنابل المسيلة للدموع.
وهاجم المتظاهرون بداية مقر السفارة الأميركية بإلقاء الحجارة على المبنى ومحاولة اقتحامه، الأمر الذي اضطر الحرس إلى إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريقهم. بينما حاول متظاهرون آخرون اقتحام منزل السفير الأميركي روبرت فورد في المنطقة نفسها بحي الروضة الراقي في دمشق، لكن تم منعهم.
وفي وقت متزامن تقريباً، قام متظاهرون آخرون بمحاولة اقتحام السفارة الفرنسية في دمشق، الأمر الذي اضطر الحراس إلى إطلاق النار في الهواء لتفريقهم، لا سيما وأن بعضهم حاول تسلق سور السفارة وقام برفع العلم السوري.
وقالت مصادر قريبة من السفارة الأميركية “إن السفير فورد وموظفي السفارة كانوا في داخل السفارة عندما وقعت التظاهرة”. وقال متحدث باسم السفارة “إن الهجوم الذي تعرض له المبنى لم يسفر عن سقوط ضحايا لكنه أدى إلى حدوث تلفيات كبيرة، حيث حطم المتظاهرون زجاج مدخل الزوار، كما تمكن متظاهر من تسلق سور السفارة المرتفع وقام بإنزال علم الولايات المتحدة”.
ووصف المتحدث رد فعل السلطات السورية على ما حدث بـ”أنه بطيء وغير كاف”. بينما استدعت وزارة الخارجية الأميركية القائم بالأعمال السوري في واشنطن واتهمته بتقاعس وإخفاق بلاده في تنفيذ التزاماتها الدولية، ووصفت المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند المتظاهرين السوريين بـ”أنهم رعاع”، وان قوات المارينز “طردتهم”.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية التلفزيون السوري الحكومي بتشجيع المتظاهرين، ونفت إصابة أي من العاملين في السفارة أو تعرضهم لأي خطر وشيك. وقال متحدث باسم الوزارة في بيان “قامت محطة تلفزيون متأثرة بشدة بالسلطات السورية بالتشجيع على هذا الاحتجاج العنيف..ندين بشدة رفض الحكومة السورية حماية سفارتنا ونطالب بتعويضات عن الأضرار، وندعو الحكومة السورية لتنفيذ التزاماتها تجاه مواطنيها أيضا”.
وأضاف المتحدث “السلطات السورية كانت بطيئة في الرد باتخاذ الإجراءات الأمنية الإضافية اللازمة، وامتنعت عن تنفيذ التزاماتها الدولية بحماية المنشآت الدبلوماسية”، وتابع قائلا “في هذا الأمر وفي مجالات أخرى كحماية حقوق الإنسان أخفقت الحكومة السورية..أكدت لنا أنها ستوفر الحماية المطلوبة في إطار اتفاقية فيينا ونتوقع منها أن تفعل ذلك”.
أما وزارة الخارجية الفرنسية فقالت في بيان “إن الهجمات على سفارتها في دمشق تكررت طوال اليوم وقوات الأمن السورية لا تفعل شيئاً”. وأشار المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو إلى أن 3 عناصر من حراس السفارة أصيبوا بجروح خلال محاولة المتظاهرين اقتحام مقر السفارة واضطروا إلى إطلاق 3 أعيرة نارية تحذيرية لإبعادهم”.
وقال شهود عيان “إن نوافذ عدة في مبنى السفارة الفرنسية تحطمت وعلقت أعلام سورية على حائط السفارة، كما أصيبت سيارة لطاقم السفارة بأضرار وألصقت عليها صورة للرئيس السوري”. وأضاف أحد هؤلاء “أن أبواب السفارة كانت مغلقة عند الغروب فيما كان نحو 10 عناصر من شرطة مكافحة الشغب متمركزين أمام المبنى”.
وقال فاليرو “إن قوات الأمن السورية تقاعست عن حماية السفارة الفرنسية في دمشق وقنصليتها في حلب بعد إحراق الأعلام الفرنسية ورشق المباني بمقذوفات وتدمير عربات”، وأضاف “بالتأكيد لم يكن البقال القريب هو الذي جاء للتظاهر تأييدا لفرنسا أو ضدها..هؤلاء الناس لم يأتوا بطريق الصدفة، وحماية البعثات الدبلوماسية مسؤولية سوريا.
وأضاف “للمرة الثانية في خلال يومين تعرضت سفارة فرنسا في دمشق وكذلك سفارة الولايات المتحدة في الوقت نفسه لهجمات وتخريب من قبل مجموعات منظمة وذلك على مرأى من قوات الأمن السورية التي لم تسرع على ما يبدو لوقف أعمال العنف هذه..استخدام قضبان في محاولة اقتحام أبواب ممثليتنا الدبلوماسية، وتحطيم نوافذ وتسلل إلى حرم السفارة، وإصابة ثلاثة عناصر أمن بجروح وتدمير سيارة السفير”.
وأكد “أن فرنسا تدين بقوة مثل هذه التصرفات التي تتعارض بشكل صارخ مع التزامات سوريا بموجب القانون الدولي وتذكر بأنه ليس بمثل هذه الخطوات غير القانونية تستطيع سلطات دمشق تحويل الانتباه عن المشكلة الأساسية التي تبقى إنهاء قمع الشعب السوري وتطبيق إصلاحات ديمقراطية”، وأضاف “ندعو السلطات السورية مرة جديدة لتطبيق اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية”.
وكانت وزارة الخارجية السورية استدعت أمس الأول السفيرين الأميركي روبرت فورد والفرنسي اريك شوفالييه وأبلغتهما احتجاجا شديدا بشأن زيارتهما لمدينة حماة دون الحصول على موافقة الوزارة، الأمر الذي يخرق المادة 41 من معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تتضمن وجوب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدين لديها.
إلى ذلك، ومع انعقاد جلسات اليوم الثاني من مؤتمر اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل بحضور نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لمناقشة قانوني الأحزاب والانتخابات. ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تظاهرات جرت في عدد من المدن السورية احتجاجا على اللقاء، وقال “ان حوالي خمسة آلاف شخص تظاهروا ضد الحوار الوطني في دير الزور، كما أشار أيضاً إلى تجمعات في ثلاثة أحياء من دمشق.
وكشف المرصد أن شخصا قتل وأصيب 20 آخرون في مدينة حمص في اقتحام قوات الأمن للمدينة، وأوضح أن سقوط الضحايا جاء وسط استمرار لإطلاق نار كثيف ترافق مع حملة اعتقالات واسعة. وقال شاهد عيان “إن القوات الأمنية اقتحمت باب السباع وباب الدريب والخالدية وشارع الستين وسط انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في المدينة”.
وواصل الجيش السوري عملياته الأمنية في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب، وقال المرصد “إن الجيش قام مدعوما بالدبابات بعمليات مداهمة في قرى كفرحيا وسرجة والرامي وقام باعتقالات في كفر نبل”. وجرت عمليات اعتقال أيضا في ضواحي حماة، وكذلك في مدينة بانياس الساحلية، حيث تم توقيف خمسة أشخاص بتهمة التقاط صور للتظاهرات. وأكد المرصد أن عدد قتلى المواجهات منذ منتصف مارس الماضي بلغ 1410 من المدنيين و351 من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
المصدر: دمشق، واشنطن، باريس