أحمد النجار (دبي)

لم تعد تقتصر غرفة التحطيم، الكائنة في منطقة القوز بدبي، على كونها تشكل ملاذاً صحياً مناسباً للأشخاص الذين يتعرضون لصدمات عاطفية أو للباحثين عن حلول نفسية للهروب من المشكلات الزوجية، فقد تجاوزت كل ذلك، وباتت مقصداً جاذباً مهماً تستقبل طلبات عديدة من شركات خاصة ودوائر حكومية لحجز مواعيد لموظفيها لتمضية وقت في التكسير خلال أوقات الدوام الرسمي، بما يوصف بالانتقام «الإيجابي» لتفريغ الطاقات السلبية، وذلك إيماناً من مرؤوسيهم بأهمية هذه التجربة الاستثنائية، وانعكاساتها المعنوية على جوهر العطاء وانتعاش بيئة العمل، حيث تساعد الموظفين على تناغم الأفكار والمشاعر، وتغذي بداخلهم ثقافة مواجهة التحديات وتعزيز روح الأداء المهني لزيادة معدلات الإنتاجية وتحفيزهم على الخلق والتفكير الإبداعي.

تجربة ملهمة
وقال إبراهيم أبو دياك مؤسس الغرفة، إنه خلال الـ6 أشهر الماضية من افتتاح غرفة التحطيم، تم استقبال مجاميع موظفين من شركات خاصة ودوائر حكومية، حرصت إداراتهم على بناء أنشطة لتعزيز روح الفريق الواحد، مما منحهم فسحة للتنفيس عن ضغوطات العمل وتحرير طاقاتهم الكامنة من خلال تحطيم الأشياء، مشيراً إلى أن التكسير تجربة ملهمة تساهم في توطيد العلاقات ورفع المعنويات وتصنع جواً من التلاحم بين الموظفين، وتنفيس الطاقات في مكان آمن.
وأضاف أن هذا دليل على استحسان الناس للفكرة، وجعلها قابلة للتنقل في أماكن وإمارات مختلفة لنشر ثقافة الطاقة الإيجابية عبر التحطيم وتفريغ الهموم والتخفيف من وطأة الضغوط النفسية التي تسيطر على الذهن والمشاعر. وأوضح أبو دياك أن الهدف من وراء إيفاد موظفين من دوائر حكومية، يمنح تغييراً نفسياً ويخلق جواً إيجابياً ينعكس على مناخ العمل وولادة الأفكار الخلاقة والإبداع وتأدية المهام بشكل أفضل، فمن يدخل غرفة التحطيم، يخرج منها مليئاً بالحيوية والطاقة، ويستأنف يومه بروح متوثبة.

مزار للتداوي
غايات كثيرة يمكن استثمارها في غرفة التحطيم، حيث يعتبر إبراهيم سالم (فلسطيني)، أنها مزار علاجي للتداوي الشخصي، وتمثل لدى النساء ضرورة حياتية ملحة، كما تلجأ إليها سعادة أبو الري (أردنية)، كمقصد أسبوعي مريح للترفيه وتحرير نفسها من الضغوط والهموم، بينما هي بمثابة حضن حنون لكثير من الشباب والمراهقين لاسيما ممن يعيشون تجارب عاطفية فاشلة، لتكسير نوبات الغضب وتحطيم مشاعر الحزن بداخلهم.

مشاكل زوجية
قصص كثيرة، تستقبلها غرفة «الحنان العاطفي»، كما يشبهها أسامة الزين (لبناني)، الذي لجأ إليها لمساعدته بالخروج من «أزمة عاطفية» عقب انفصاله عن زوجته، فاصطحبه الموظف المسؤول إلى غرفة التحطيم، وبمجرد دخوله لم يتوقف عن التحطيم وهو يصرخ ويشتم ويفضفض كل الشحنات والمواقف العالقة في نفسيته، وبعد أن قام بالتحطيم لفترة نصف ساعة، جلس يبكي كالطفل، واصفاً تلك الدموع بأنها دموع الارتياح والصفاء. وهناك موقف طريف لأربعة شباب يابانيين، قاموا بتوثيق فيديوهات عن الغرفة وهم يسبون مديرهم بلهجتهم، الأمر الذي لفت انتباه الجميع، وهذا يوحي بأن بيئة الغرفة تفاعلية وتبني جسوراً تواصلية وصداقات مع أشخاص من ثقافات مختلفة.

غرفة متحركة
هي نصف ساعة وربما أقل، يمكن خلالها أن تقضي على التوتر وتحرر وعيك الباطن من المشاعر والقلق والاكتئاب، وتخرج بكامل عافيتك، هكذا قال إبراهيم أبو دياك، موضحاً أن الغرفة حققت نجاحاً وإقبالاً من زوار محليين وسياح أجانب من مختلف الجنسيات، من هنا جاء الحرص على تطوير الغرفة، بعد أن استطاعت ابتكار تجارب ترفيه جديدة، كما قمنا بإضافة ملحقات فنية وأدوات مختلفة للتكسير، وتم السماح للزوار بجلب أدواتهم الخاصة التي يفضلون تحطيمها لارتباطها بمواقف وحالات مزاجية خاصة.
وأضاف أبودياك: سنكون موجودين كغرفة متحركة في جزيرة ياس ضمن عروض أفلام عائلية، وسيتم عرض فيلم «العرس اليوناني» الذي يتضمن مشاهده تكسير الزجاج، حيث سنقوم بمحاكاة هذا الفيلم بالغرفة المتحركة التي تحتوي على أدوات زجاجية قابلة للتحطيم، كما سنقيم في أبوظبي غرفة متحركة تكون مفتوحة للزوار لعيش هذه التجربة في الهواء الطلق.
منافسة سنغافورةوأوضح أن فكرة غرفة التحطيم، بدأت منذ قرابة 8 سنوات في كندا، ثم انتشرت في تكساس بأميركا، وحالياً هي موجودة في هولندا وأستراليا، لكن غرفة التحطيم بدبي، تتميز بأنها تنافس أماكن عدة حول العالم، وتنفرد بمساحتها وقابليتها للتوسع في أكثر من مدينة، إلى جانب أمور كثيرة أهمها تعليمات السلامة وخدمة البيئة، وربما يكون المنافس الوحيد لها في سنغافورة.