معتز الشامي (دبي)
ما زلت حزيناً لضياع حلم كان في المتناول، وفقدان أمل كان قريباً من التحقق، هكذا بدأ البولندي سكورزا، المدير الفني لمنتخبنا الأولمبي، حواره مع «الاتحاد»، حيث وضح عليه التأثر الشديد، للخروج من كأس آسيا تحت 23 سنة بتايلاند، من ربع نهائي البطولة، وبهزيمة قاسية أمام منتخب أوزبكستان.
ووجّه سكورزا اعتذاره للشارع الرياضي الإماراتي، لعدم تحقيق تطلعات المنافسة للظفر ببطاقة مؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020، وقال: «أرجوكم، حافظوا على هؤلاء اللاعبين، فهم مميزون بالفعل، والفشل في بطولة أو تصفيات لا يعني تدمير كل شيء، ولكن يجب الحفاظ على ما تم بناؤه خلال العامين الماضيين، هؤلاء اللاعبون هم نواة المستقبل للمنتخب الأول، وبالمزيد من الخبرات الدولية سيكون لديهم تراكم جيد، يفيدهم في بناء الشخصية على مستوى اللعب الدولي، بما يفيد المنتخب الأول».
وانتهى عقد سكورزا مع منتخبنا الأولمبي، بعد ما يقرب من عامين، حقق خلالها برونزية الأسياد، كما تأهل لكأس آسيا تحت 23 سنة، متصدراً مجموعته في التصفيات.
وفيما يتعلق بحقيقة ما حدث هناك في تايلاند، وأسباب الظهور السيئ أمام أوزبكستان، قال: «للأسف كنت أتوقع أن يكون هناك سقوط مفاجئ، وهو ما نقلته للمسؤولين في الاتحاد، أنا لا أتهم أحداً ولم أعتد الشكوى، ولكني واصلت العمل في صمت، وراهنت على روح اللاعبين وقتالهم في الملعب، ورفع الإعداد النفسي للمنتخب ككل، لكن نحن ذهبنا لبطولة استعدت لها بقية المنتخبات بتجمعات طويلة، وسلسلة وديات متدرجة قبل انطلاقها، حتى وصلت للفورمة الدولية المطلوبة، بينما لاعبو الأبيض الأولمبي تم استدعاؤهم بعد جولة الدوري بداية يناير الماضي، وأدينا 5 تدريبات فقط في المعسكر قبل البطولة، وفي علم التدريب، الكل يعلم أن 5 أو 6 أيام قبل بطولة دولية مجمعة، ليست كافية، ولكنها بمثابة انتحار لأي منتخب، لقد خشيت الإرهاق، وخشيت أيضاً عدم رفع القدرات البدنية للاعبين من مستوى الدوري المحلي إلى المستوى الدولي، وكلاهما يختلف تماماً عن الآخر».
وأضاف: «بدأنا جيداً في دور المجموعات، ولكن بعد خوض اللاعبين 4 مباريات في 9 أيام، ظهر الإرهاق، وكان ذلك واضحاً أمام منتخب أوزبكستان، كما أننا ارتكبنا خطأ آخر، وهو أداء تدريب وحيد في المدينة التي أنهينا فيها دور المجموعات، قبل السفر لبانكوك، حيث كانت الرطوبة مرتفعة في بانكوك، والأجواء كانت أكثر صعوبة، ما أثر على التحضير للمباراة أمام أوزبكستان في ربع النهائي».
ورد سكورزا عن استفسار يتعلق بأسباب التغيير في تشكيلة المنتخب في المباراة الرابعة والدفع بـ3 عناصر جديدة لم تشارك في الدور الأول، حيث قال: «الإرهاق السبب، أردت تجديد دماء المنتخب، لأنني شعرت بحالة الإرهاق التي كان عليها اللاعبون، فهم لم يحصلوا على كفايتهم من الراحة، وأغلب العناصر أساسيون مع أنديتهم في الدوري، كما لم أحصل على وقت كاف لرفع اللياقة بشكل مناسب، حتى اللاعبون أبلغوني أن منتخبات البطولة تجري كثيراً طوال الـ90 الدقيقة، وهو ما يعكس الفارق في زمن اللعب الفعلي بين الدوري المحلي، واللعب على المستوى الدولي أمام منتخبات دخلت معسكرات تحضيرية للبطولة، قبلها بـ3 أسابيع أو أكثر من شهر.. أوزبكستان مثلاً، كان يعسكر في دبي قبل البطولة لمدة 22 يوماً، وتدربوا على ملاعب الاتحاد، وطلبوا مواجهتنا ودياً، واعتذرنا لأن المنتخب لم يتجمع مبكراً، حيث لم نتمكن من تأجيل الجولة 12 للدوري، حتى نحصل على وقت أطول للتحضير».
وأضاف: «الإعداد لتصفيات للأولمبياد يختلف تماماً عن التصفيات المؤهلة لكأس آسيا تحت 23 سنة أو حتى الأسياد التي حل فيها نفس هذا المنتخب في الترتيب الثالث، وحصد الميدالية البرونزية، وبشكل عام وخلال عامين لي هنا في الإمارات، تابعت الدوري وجميع الأندية عن قرب، أستطيع القول: إن اللاعب الإماراتي يحتاج لفترات التجمع الطويلة والمتوسطة قبل البطولات المجمعة، ومباريات التصفيات، وذلك بسبب فارق المستوى، وزمن اللعب الفعلي بين المستويين المحلي والدولي، واحتياج الجهاز الفني للمنتخب، إلى رفع اللياقة البدنية بصورة أكبر مقارنةً بالأداء في الأندية».
وفيما يتعلق بأسباب عدم الحصول على الوقت الكافي، وما إذا كان يحمل الاتحاد أو الأندية جانباً من المسؤولية، قال: «لن أهاجم أي طرف، فأنا لم أعتد الشكوى أو الحديث بشكل لا يليق بعد نهاية فترة عملي في أي جهة، أحب أن أوجه الشكر للاتحاد السابق والحالي أيضاً، وإلى لجنة المنتخبات، فالكل قدم لنا ما يلزم، ودعمونا بكل قوة، لقد كانت خطة التحضير تسير بشكل جيد للغاية، ولكن حظي العاثر، وضعني في مأزق ووضع المنتخب كذلك، لأن خطة مارفيك كانت تعتمد على لاعبي المنتخب الأولمبي، والرجل بدأ في ذلك منذ مارس 2019، ووقتها لم أدخل أي تجمع بصفوف مكتملة، ولكن بعناصر احتياطية، لأن 10 أساسيين من التشكيلة كانوا مع المنتخب الأول، ومنذ أغسطس الماضي حاولت تجميع اللاعبين لفترات أطول، لكن تعارضت تجمعاتنا مع إعداد المنتخب الأول لمشوار التصفيات، وهو أثر علينا كثيراً». وعن تطور المنتخب السعودي مقارنةً بمنتخبنا، قال: «المنتخب السعودي يضم مجموعة لاعبين وجهازاً فنياً، يعملون معاً منذ أن كانوا في منتخب الشباب، كما أنهم استعدوا للتصفيات بمعسكرات طويلة، وآخرها قبل البطولة بـ24 يوماً على الأقل، بينما منتخبنا استعد قبلها بـ 5 أيام فقط».
110 لاعبين في عامين
أكد ماسيج سكورزا، المدير الفني لمنتخبنا الأولمبي، أنه خلال رحلة عمله لإعداد المنتخب الأولمبي درب ما يقارب 110 لاعبين، قام باستدعائهم للتجمعات المختلفة التي دخلها خلال عامين، وهو رقم كبير مقارنة بأي مدرب تولى قيادة أي من المنتخبات بالمراحل السنية، وقال: «شاهدت مئات المباريات في دوري تحت 21 سنة ودوري المحترفين، بنيت خبرات هائلة، وعرفت نقاط القوة والضعف في اللاعب الإماراتي، لذلك أقولها بثقة: إن ملاعب الإمارات مليئة بالموهوبين، ولكنهم يحتاجون لصقل جيد وتكوين علمي، أما على المستوى الدولي فهم يحتاجون للمزيد من التجارب والاحتكاك والخبرات، حتى يصعد اللاعب لصفوف المنتخب الأول ولديه شخصية اللعب للمنتخبات».
«الحلم» وراء التنازل عن «الفريق الأول»
رد سكورزا على استفسار يتعلق بأسباب موافقته على تولي تدريب المنتخب الأولمبي، رغم أنه كان قد حقق ألقاباً وبطولات في الدوري البولندي على مستوى الفرق الأولى، كما كانت له محطة تدريب ناجحة في الدوري السعودي، قال: «حلم الوصول للأولمبياد هو السبب، سبق لي الوجود في كأس العالم عام 2006 بألمانيا، كنت وقتها مدرباً مساعداً لمدرب المنتخب الوطني في ذلك الوقت، لذلك قد ذقت طعم التأهل للمونديال والمشاركة فيه، ولكن خلال مسيرتي التدريبية لم أصل للأولمبياد، لذلك رحبت بالعرض الإماراتي، وكنت أعمل بكل حب وشغف، لأن الوصول للأولمبياد كان حلماً شخصياً لي أيضاً، وليس فقط مجرد وظيفة لي كمدرب يحاول تحقيق الإنجاز، لذلك عملت ليل، نهار مع فريقي المعاون، ولكن تخلى عنا التوفيق في المرحلة الأخيرة».
وتابع: «لست نادماً بالتأكيد على ما حدث، وكلي ثقة أن هناك أموراً قد لا تكون مكتوبة لنا، وعلينا تقبل ذلك، سأعود للتركيز مجدداً على مشوار الإنجازات، والمنافسة على الألقاب والبطولات مع الفرق الأولى، بعد انتهاء فترة دراسة العروض التي تلقيتها».
البقاء في الدولة
وجه سكورزا نداء للاتحاد الجديد، وقال: «أتمنى التوفيق لمجلس الإدارة الجديد، ونصيحتي لهم هي ضرورة البدء من الآن لبناء جيل قادر على التأهل لأولمبياد 2024، عبر توحيد أسماء الموهوبين، وتدريبهم معاً تحت إشراف جهاز فني موحد، يقودهم من الشباب حتى الأولمبي مع زيادة خبراتهم الدولية».
وعن مستقبله، قال: «تلقيت عروضاً للعودة للدوري السعودي، بالإضافة لعروض جادة من أندية القمة في الدوري البولندي، خصوصاً أن لي نجاحات كبيرة هناك، وحققت ألقاب الدوري والكأس أكثر من مرة، لم أحدد بعد وجهتي، لكن أسرتي ترغب في الاستمرار بالإمارات، فقررنا أن نستمر هنا لنهاية الموسم، وإذا قررت الانتقال للدوري السعودي فأسرتي ستظل هنا في الإمارات لظروف الدراسة، حيث إن أولادي يدرسون هنا منذ عامين».
وختم قائلاً: «أتمنى التوفيق لمنتخبات الإمارات، وسأظل سعيداً بفترة عملي هنا، حيث تعرفت على لاعبين رائعين وإداريين مميزين حقاً، الدوري الإماراتي مميز وقوي، ويضم لاعبين أصحاب مهارة، لكنهم يحتاجون لإعداد مثالي، ولخوض عدد أكبر من المباريات الدولية، خصوصاً المواهب المبشرة للمستقبل، أتمنى من الشارع الرياضي عدم فقد الثقة في لاعبيه، لأن ما حدث في تايلاند لا يعبر عن حقيقة قدرات اللاعبين الذين لو حصلوا على فرصة كافية للتحضير، لكانت لهم كلمة أخرى في البطولة».
اللقب الرابع
تطرق سكورزا للعروض التي تلقاها في بولندا، وقال: «حققت 3 ألقاب دوري في بولندا بالإضافة لبطولة الكأس، كان ذلك قبل الانتقال للدوري السعودي، ومنه لقيادة المنتخب الأولمبي، الآن لدي عروض جادة للغاية للعودة واستكمال مسيرة نجاحاتي في الدوري البولندي، خصوصاً أنني أريد الفوز بلقب الدوري للمرة الرابعة، لأصبح أول مدرب بولندي يحقق 4 ألقاب في الدوري، وهو رقم قياسي على المستوى المحلي، ولم يسبق أن حققه أحد، لكني حالياً أدرس كل الخيارات، كما أريد الحصول على فترة للراحة والاستجمام، بعد عمل شاق، وبعدها أقرر خطوتي المقبلة».