رضا سليم (دبي)
زايد رجل الأمة.. صنع الإرث والتاريخ فكانت الهوية الحقيقية للأمة العربية، حكيم العرب ورجل المواقف في كل زمان ومكان ترك إرثاً للوطن ولكل الأجيال كي يسيروا على نهجه، وينهلوا منه، وبات نبض الوطن رغم رحيله.
رحل زايد ولكن لم ترحل مواقفه التي لا تزال نبض الوطن، والتي تقود الأمة نحو آفاق بعيدة، فقد كانت علاقته بالوطن العربي الكبير مميزة بل استحق لقب حكيم العرب، ولعل مواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع المملكة العربية السعودية، أكبر دليل على أن كلا البلدين نسيج واحد، امتزجت فيه أرض الخير والسلام بأرض الحرمين الشريفين وهذه المواقف كانت وراء الحب الذي يجمع الشعبين ودائماً ما تفتح الإمارات أبوابها أمام أهل المملكة في كل الأحداث والمناسبات الرياضية وترد المملكة بالاستقبالات الحافلة لأهل الإمارات.
وضع حكيم العرب دستوراً بين الإمارات والسعودية وكان الجانب الرياضي من أبرز الجوانب التي شهدت تطور العلاقات بين البلدين، ويحفظ السعوديون أقوال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عندما قال: «دولة الإمارات مع السعودية قلباً وقالباً، المفروض علينا أن نقف وقفة رجل واحد وأن نتآزر فيما بيننا، ونؤمن بأن المصير واحد»، هذه الكلمات كانت أشبه بدستور يعكس قوة العلاقة بين البلدين ليضع حكيم العرب وحكيم الأمة والأب والمؤسس نبراساً لكل الأجيال، ويفتح آفاقاً جديداً بين البلدين على مدار سنوات طويلة، ليس فقط في مجال معين بل في كل مناحي الحياة، بل إن الشعب السعودي يحتفظ بهذا الفيديو رغم مرور سنوات طويلة، ودائماً ما يتم إذاعته في مناسبات كثيرة داخل المملكة.
لم يكن العهد الوثيق الذي وضعه المؤسس بين البلدين مرتبطاً بكرة القدم فقط، أو دورات الخليج والبطولات العربية، بل امتد إلى كل الألعاب خاصة الرياضات التراثية التي اهتم بها أهل الخليج والتي تمثل حلقة وصل وامتداداً بين الأجيال، في الإمارات والسعودية.
وكان الاتفاق واضحاً بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وملوك وأمراء المملكة العربية السعودية في الرياضات التراثية بهدف الحفاظ عليها، فقد كان الفقيد دائم الحرص على تنمية رياضة سباقات الهجن وصيد الصقور وسباقات الخيول العربية الأصيلة، التي اتخذت من أرض زايد طاقة نور تطل من خلالها على العالم أجمع، عندما استضافت العاصمة أبوظبي بطولة العالم للفروسية عام 1998 في واحدة من أهم الأحداث المرتبطة برياضات الخيول، ودائماً ما تكون الدعوات موجهة لأهل المملكة للمشاركة فيها.
كما استضافت الإمارات العديد من السباقات والبطولات الخاصة برياضة الأجداد، وكان اهتمام المغفور له الشيخ زايد «رحمه الله»، منقطع النظير برياضة الصيد بالصقور التي كانت إحدى أهم هواياته المفضلة، وكانت وجهة نظر المغفور له تتلخص في ضرورة نشر هذه الرياضة بهدف استفادة أبناء الوطن من هذه الرياضة التي تعلم الشباب الصبر والمثابرة في الحياة بشكل عام، وارتبط اسم أبناء الخليج بهذه الرياضات خاصة السعودية التي سارت في نفس الاتجاه ما يؤكد بعد نظر حكيم العرب في أن هذه الأحداث تجمع العرب على قلب رجل واحد.
أما رياضة سباقات الهجن، فتعد جسراً بين الإمارات والسعودية، ورغم الاهتمام الكبير من الأب المؤسس في الاهتمام برياضة الأجداد إلا أن السباقات اختلفت وباتت جاذبة لكل أهل الخليج بالجوائز والمسابقات، بل باتت الإمارات واجهة للملاك والمضمرين من السعودية للمشاركة في كل السباقات في مضامير الوثبة والمرموم.
أما على مستوى كرة القدم، فقد امتدت الأحداث وتحولت الجماهير في الدولتين إلى شعب واحد في ملاعب كرة القدم، ورغم مرور السنوات الطويلة إلا أن الجماهير لم تنس بطولة الخليج السادسة في أبوظبي عام 1982، عندما قام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتسليم النجم السعودي الموهوب ماجد عبدالله معشوق الجماهير، والهداف التاريخي للمملكة، الحذاء الذهبي وهي جائزة هداف العرب في حفل ختام كأس الخليج.
هكذا تتذكر جماهير المملكة هذه اللحظات التي وثقها التاريخ وتتناقلها الأجيال، وقال ماجد: «لم يكن فوزي بالجائزة مفاجأة غير أن تسلم الحذاء الذهبي لي من يد الشيخ زايد كان مفاجأة أسعدتني كثيراً وجعلتني أحصل على اللقب والجائزة بميزة معينة وكان شرفاً كبيراً لي لن أنساه».
وزرع حكيم الأمة، البذرة التي أنبتت علاقات قوية على المستوى الرياضي، وبات للعلاقات الأخوية القوية بين قيادتي الإمارات والمملكة العربية السعودية دور كبير في تعزيز أواصر التعاون والترابط بين الشعبين في جميع الجوانب سواء الاجتماعية والرياضية أو الثقافية.
ولم يكن سراً أن تشهد مواجهات الفرق الإماراتية والسعودية ومباريات منتخبي البلدين، أجواء احتفالية رائعة تقودها جماهير الشعبين في مدرجات الملاعب، حيث يظهر المشجعون أسمى آيات الترابط والإخاء بينهم، ويلاحظ ذلك عبر رفعهم لـ «التيفو» الذي يحمل عبارات تؤكد مدى عمق ومتانة العلاقات التي تجمع الشعبين.
في الوقت الذي دائماً ما ترفع جماهيرنا لافتات في المدرجات خلال المباريات احتفالاً باليوم الوطني للمملكة وهو ما اعتادت عليه الجماهير لتقديم التهنئة للشعب الشقيق.
ولم يأت اختيار الأندية السعودية للإمارات مكاناً لأداء مبارياتها مع الفرق الإيرانية في دوري أبطال آسيا من فراغ، وإنما بفعل عدم الشعور بالغربة في المكان، واعتبار الإمارات وطناً وليست أرضاً أخرى، لذلك كان من الطبيعي على الجماهير الإماراتية أن تؤازر فرق السعودية التي تلعب في أرضها والوقوف خلفها دعماً وتشجيعاً.