تعتبر سلطنة عُمان من الدول التي تتمتع ببيئة مناسبة لتربية نحل العسل، حيث تعتبر هذه ‏الصناعة من الأعمال التي عرفت قديماً في عُمان انطلاقاً من حقيقة أن جغرافيا السلطنة المتنوعة تساهم في إيجاد بيئة مناسبة لتربية النحل كما يلعب التنوع البيئي في السلطنة دوراً فاعلاً في مسيرة الزراعة وتربية عسل النحل، ‏ماضياً وحاضرا. تتباين سلالات النحل في عُمان فهناك‏ النحل العماني البري “أبوطويق”، والنحل العماني المستأنس والنحل المستورد ويتم تربية النحل باستخدام الطريقة التقليدية، التي تعتمد على التجويف الداخلي لجذوع ‏النخل، التي يطلق عليها محلياً اسم الطبل، والطريقة الحديثة التي تعتمد على عدة أنواع من ‏الخلايا الخشبية، وقامت الجهات المسؤولة عن تربية النحل في عمان والمتمثلة في وزارة الزراعة بإيجاد مناطق معزولة خاصة بتربية ‏النحل العماني فقط، منعاً للخلط بين سلالات النحل العماني والسلالات المستوردة. رعاية كبيرة يتميز العسل العماني باحتوائه على نسب جيدة من الفيتامينات والبروتين والمركبات العطرية، التي تبلغ أكثر من 19 مركبا عطريا. ويستخدم العسل ‏العماني، خاصة العسل المستخرج من سلالات أبو طويق، في الطب الشعبي ‏العماني لعلاج العديد من الأمراض، سواء منفرداً أو مخلوطاً مع بعض المواد والأعشاب الطبيعية. وتقدم حكومة العمانية، العديد من الخدمات البيطرية والإرشادية، والدعم ‏المادي الموجه لكافة مربي النحل في السلطنة، بالإضافة إلى المحاضرات والندوات وإجراء ‏الدراسات والبحوث ونشر الكتب. ويبلغ إنتاج السلطنة من العسل 207 أطنان سنوياً، فيما تستورد 407 أطنان. ‏ حول جهود تربية النحل في عمان، قال مدير مركز التنمية الزراعية بقريات عبدالله الشماخي إن السلطنة تولي تربية نحل العسل رعاية كبيرة ما أدى ذلك إلى زيادة الإنتاج حيث تم تنفيذ البرامج البحثية والإرشادية وإنشاء الوحدات المتخصصة في تربية نحل العسل، إضافة إلى توفير أوجه الدعم المختلفة لمربي النحل والمهتمين بتربية نحل العسل، وكان من نتيجة ذلك أن تضاعفت أعداد طوائف نحل العسل”. وأضاف “تعتبر تربية نحل العسل من المهن العريقة للعمانيين زاولها الآباء عن الأجداد بطرق تقليدية حيث يقومون بالبحث عن عشوش النحل في كهوف الجبال وبين أغصان الأشجار ويقومون بنقلها وتسكينها في المناطق القريبة والتي تسهل متابعتها باستمرار”. وحول الجهود التي قام بها المركز لمكافحة الدبور الأحمر الذي يهاجم خلايا النحل، قال الشماخي “قام المركز بتعميم المصيدة الحديدية التي حصلنا عليها كنموذج من دائرة وقاية المزروعات بالوزارة على مجموعة كبيرة من المناحل حيث تم تصنيع أكثر من 20 مصيدة”. وعن الشروط الأساسية للحصول على خلايا نحل العسل، قال الشماخي “يقوم المركز باستقبال طلبات المزارعين الراغبين في تربية نحل العسل وتسجيلها في السجل الخاص لهذه الطلبات، بعدها تتم عملية فرز الطلبات وعملية المعاينات الفنية للمزارع للتأكد من ملاءمة موقع المزرعة ومدى توافر المحاصيل الرحيقية المتعاقبة الأزهار اللازمة للنحل كأشجار السدر، وعندما يتم ترشيح المزارع بحسب أولويات تلك الطلبات نقوم بإرشاده بعمل مظلة للمنحل بحسب الاشتراطات الفنية المعمول بها من قبل الوزارة وتوفير مستلزمات وأدوات النحالة، كما يشترط بأن يقوم مربي النحل باستخراج ترخيص لمنحله سواء المنحل الخاص أو التجاري بعدما يتم استيفاء الاشتراطات المنصوص بها في لائحة الدعم التنفيذية لنظام الزراعة”. وعن الدعم الذي تقدمه الوزارة للمزارعين الذين تم اختيارهم لهذا المشروع، أوضح الشماخي “يحصل كل مزارع من الذين تم ترشيحهم في القيام بتربية نحل العسل على خليتي نحل عسل نوع محلي ويعامل كبرنامج حقل إرشادي، أو 10 خلايا نحل عسل كمنحل استثماري بنظام الدعم المالي المعمول به حاليا من قبل الوزارة، ويقوم المركز بعدها بتدريبه على طرق التربية الحديثة لتربية نحل العسل والاستمرار في متابعة هذه الخلايا حتى يتمكن المزارع في الاعتماد على نفسه فنيا لمتابعة تلك الخلايا، كما يقوم المركز بتنظيم لقاءات ودورات تدريبية لمربي النحل وأبنائهم والراغبين في تربية نحل العسل بالطرق الحديثة”. طرق تربية النحل عن طرق تربية نحل العسل، قال فني إرشاد نحل العسل بالمركز طلال المشرفي “أدخلت الوزارة الخلايا الحديثة والمعروفة بخلايا “لانجستروث” وهي خلايا خشبية لها الكثير من المزايا ساهمت في زيادة إنتاج العسل، كما أن الدعم المادي والمعنوي ساهما وبشكل كبير في زيادة كمية المنتج من العسل، وكذلك العديد من مستلزمات تربية نحل العسل كالفرازات والمناضج إضافة إلى الخدمات الإرشادية التي يحتاج إليها المربي طوال فترة الموسم”. وأضاف المشرفي “يتواصل المركز مع المزارعين ومربي النحل من خلال عقد الدورات التدريبية واللقاءات وأيام الحقل لتعريفهم بالجوانب والأساليب الحديثة التي تكفل للمزارع ومربي النحل الاعتماد على نفسه لرعاية منحله والعناية بالطوائف والإكثار منها، كما يقوم المركز بتدريب المزارعين وقت موسم الفيض “حصاد العسل” بتدريبهم على عملية فرز العسل وكيفية تصفيته وبالتالي الحصول على عسل صاف خال من الشوائب”. إلى ذلك، قالت مرشدة شؤون المرأة الريفية بالمركز كاملة البلوشية “نساء الريف بالمنطقة يشاركن في البرامج التي تنفذها وزارة الزراعة لا سيما برنامج تربية نحل العسل، واهتمت الوزارة بتطوير مشروع نحل العسل حيث أدخل ضمن البرامج التي تنفذها وزارة الزراعة من أجل تنمية المرأة الريفية في شتى مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني، فقامت الوزارة بتوزيع حقول النحل على الريفيات اللاتي يعملن أو الراغبات في هذا المجال، ومن ضمن أهداف المشروع التوسع في تربية نحل العسل لزيادة دخل الأسرة الريفية، وتوعية المزارعات بمميزات الطريقة الحديثة لتربية نحل العسل، وتعريفهن وتدريبهن على العمليات التي تجري بالمنحل وكيفية فرز العسل وتنظيفه واتباع الطرق السليمة لتخزين وتعبئة العسل”. اختيار المزارعات عن الخطوات التنفيذية لاختيار المزارعات، قالت البلوشية “يتم اختيار المزارعات اللاتي لديهن الرغبة في تربية نحل العسل وتدريبهن على الطرق الحديثة لتربية نحل العسل، وبعد اختيار المزارعات اللاتي تنطبق عليهن هذه الشروط يقوم المركز بتوزيع 3 طرود نحل العسل مع مستلزمات المنحل مثل الحوامل الحديدية ومداخن والأقنعة والقفازات، ومن ثم يقوم المركز بالمتابعة الدورية لهذه الطرود ووضع التوصيات الضرورية للمزارعات”. وأضاف “حاليا لدينا 4 مزارعات منهن 3 في ولاية قريات وواحدة في وادي الميح بولاية العامرات وقد لاقى هذا المشروع نجاحا منقطع النظير علاوة أن إحدى المزارعات قامت بتقسيم وإكثار 12 خلية من 3 خلايا وعمر هذا المشروع لا يتعدى سنتين”. وأكدت البلوشية “المشروع لاقى ترحيبا كبيرا من خلال القائمات عليه ومن خلال الطلبات المستمرة للحصول على خلايا لتربية نحل العسل من قبل المرأة الريفية، الأمر الذي يدل على أن المشروع نجح نجاحا كبيرا، حيث أضاف نشاطا منتجا ساهم في رفع دخل الأسرة، بالاستفادة من إنتاج الطرود وبالتالي زيادة حجم المنحل أو الاستفادة من بعضها في عمليات البيع بأسعار مجزية، كذلك إنتاج العسل المتميز بجودته وسعره المناسب”. ومن بين المستفيدات من المشروع فاطمة المعشرية التي قالت “استلمت المشروع عام 2009 بواقع ثلاث خلايا مع كامل مستلزماتها بعد ذلك بدأ تدريبي على عمليات النحالة المختلفة ومع مرور الوقت أصبحت لدي خبرة في هذا المجال”. وأضافت “المشروع مشروع اقتصادي ناجح بكل المقاييس وذلك يرجع إلى الإنتاج الجيد من العسل وزيادة عدد الخلايا، كما أنه لا يتطلب مني تفرغا كاملا”. وقالت خولة الحميدية “استلمت المشروع منذ عام 2009 بواقع ثلاث خلايا نحل عسل مع كافة المستلزمات الضرورية لتربية نحل العسل حيث قام المختصون بمركز التنمية الزراعية بولاية قريات بمساعدتي حيث أصبح لدي حاليا 6 خلايا، كما وصل إنتاج العسل إلى أكثر من 15 كيلو جراما في هذا الموسم، أبيع كمية منه”.