يستحوذ عشرون عالما شرعيا على 54% من المناصب الاستشارية في المؤسسات المالية المتوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي وذلك من بين اجمالي ابرز 300 عالم تتنافس عليهم هذه المؤسسات للحصول على مشورتهم وفتاواهم في المنتجات المالية والاستثمارية الاسلامية، وفقا للمؤسسة الاستشارية العالمية “فندز أت وورك”. وأظهرت بيانات المؤسسة ذاتها أن أهمّ عشرة من هؤلاء العلماء يستحوذون على نحو 38%من كافة المناصب الاستشارية، بالاضافة الى ترجيح ان يكون اثنين من هؤلاء المستشارين العشرة في مجلس إدارة شركة واحدة، الأمر الذي يكشف وفقا لخبراء في قطاع التمويل الإسلامي النقص الشديد في أعداد علماء الشريعة المتخصصون في صناعة التمويل والصيرفة الإسلامية، بما لا يتواكب مع النمو القوي لهذا القطاع المتوقع ان يصل حجمه اصوله الى تريليوني دولار بحلول عام 2015 منها 600 مليار دولار في دول مجلس التعاون. ويبلغ عدد المؤسسات العاملة في مجال الخدمات المالية الإسلامية نحو 350 مؤسسة تقدم خدماتها في 75 بلدا في العالم. وتدير هذه المؤسسات المالية فيما بينها حاليا اصولا تزيد على تريليون دولار، وسط توقعات بان يواصل هذا القطاع تسجيل نسبة نمو تتراوح ما بين 15 و20% سنويا. وعكست هذه البيانات التي اعلنت امس على هامش اطلاق “زاوية”، بالشراكة مع “فندز أت وورك” لخدمة “علماء الشريعة” للمؤسسات المختصة والمعنيَّة بالتمويل الإسلامي، ما يشكله النقص الشديد في أعداد علماء الشريعة في قطاع التمويل الاسلامي من تحدى امام مواكبة النمو المتوقع للقطاع خلال السنوات المقبلة، بالاضافة الى تحدي قلة الأدوات الإسلامية المطروحة من قبل المؤسسات المالية الإسلامية، وتحدي عدم توحيد القوانين والأطر التي تحكم المؤسسات المالية الإسلامية في مختلف البلدان. وتتيح خدمة “علماء الشريعة” التي اطلقتها زاوية امس إمكانية التواصل مع ما يربو عن ثلاثمئة من أبرز علماء الشريعة المختصين بأحكام التمويل الإسلامي للحصول على مشورتهم والاستيضاح منهم عن أحكام تتعلَّق باستثماراتهم الحالية والمستقبلية. وكشف تقرير “فندز أت وورك” عن استحواذ دول مجلس التعاون على نحو 52% من اجمالي عدد العلماء الشرعيين في هيئات الفتوى بالمؤسسات المالية الاسلامية في 28 دولة والبالغ عددهم 372 عالما، بينهم 195 عالما في بلدان المجلس. واشار التقرير الى ان توزيع علماء الشريعة بين 28 دولة يأتي على النحو التالي: 49 في دولة الكويت، و44 بالمملكة العربية السعودية، و40 بمملكة البحرين، و36 في دولة الإمارات العربية المتحدة، و26 في دولة قطر، و177 خارج بلدان مجلس التعاون الخليجي. كما يظهر التقرير أن 21 من بين اهم 100 من علماء الشريعة الذين تستعين بهم الشركات هم على سويَّة، من حيث التوزيع، بالاضافة الى ان واحدا من بين كل 20 من علماء الشريعة، لديه اتجاهات التعليم في مجالات مختلفة خارج الشريعة، كما أن أهمّ 20 من كل 100 من العلماء يتقلدون مناصبَ في مجالس إدارات الشركات مع واحد على الأقل من أهمّ عشرين عالم شريعة، الأمر الذي يعزز المصداقية والموثوقية. وقال جان مارك بوفيك، مدير عام “زاوية” إن الخدمة الجديدة تهدف إلى تسهيل تطبيق أساليب الحكم الرشيد المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية عبر الشفافية والاستعانة بآراء أبرز علماء الشريعة الموثوقين حول العالم، والمختصين في أحكام التمويل الإسلامي، مشيرا الى ان الخدمة الجديدة تتيح كذلك الاستعانة بآراء قرابة عشرين من علماء الشريعة المعروفين بالمنطقة ممَّن تستعين بهم شركات عدّة، مثلما تتضمن علماء آخرين لم تسنح للشركات فرصة الوصول إليهم من قبل. ووفقاً للمؤسسة الاستشارية العالمية “فندز أت وورك”، فإنَّ عشرين من علماء الشريعة تتنافس على مشورتهم الشركات بالمنطقة لمعرفتهم ومصداقيتهم وتجربتهم المتخصِّصة، يستحوذون على أكثر من 54% من كافة المناصب الاستشارية التي يشغلها العلماء الثلاثمئة الذين تتضمَّنهم “خدمة علماء الشريعة” من منصَّة الأعمال “زاوية”. وقالت المؤسسة انه على الرغم من أنه من الحكمة أن تستفيدَ شركة ما من مشورة أحد كبار علماء الشريعة، فإنه من الملاحظ أن العديد من مجالس الشركات لا تقتصر على أحد كبار علماء الشريعة، بل أكثر من واحد، بل إن بعضها لا تعيِّن وتستعين إلا بكبار علماء الشريعة، لافته الى أن أهمّ عشرة منهم يستحوذون على نحو 38% من كافة المناصب الاستشارية، مع ترجيح أن يكون اثنين من هؤلاء العشرة مستشارين في مجلس إدارة شركة واحدة، بنسبة تصل إلى نحو 80%. وقال مورات أونال الرئيس التنفيذي للمؤسسة الاستشارية العالمية “فندز أت وورك” ان استحواذ عدد محدود من العلماء على النسبة الاكبر من المناصب الاستشارية في الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الاسلامية من شأنه ان يزيد من الصعوبات على الشركات نفسها، لأنه سيكون من الصَّعب عليها أن تستعين بمشورة كبار علماء الشريعة بسبب مشاغلهم المتعددة وعملهم الدؤوب لتلبية المتطلبات المختلفة. واضاف أن ذلك يشكل عبئاً مماثلاً على الصناعة برمتها لأن ذلك يعني تقييد عدد مجالس إدارات الشركات التي يمكنهم أن تستفيدَ من كبار علماء الشريعة المختصين، موضحا انه على سبيل المثال فانه في حالة قيام اثنين من كبار علماء الشريعة يشغل كلّ واحد منهما عشرين منصباً استشارياً، ويلتقيان في مجالس إدارات الشركات نفسها، فإن خبرتهما ستنحصر في عشرين شركة لا أكثر، وفي المقابل اذا افترضنا أنهما لن يجتمعا في مجلس إدارة أيِّ شركة فإن خبرتهما ستصل إلى أربعين شركة. لذا، سيكون من الأفضل أن تستعين كل شركة بأحد كبار علماء الشريعة للتحقُّق من تطبيق الأحكام، على أن يشرفَ على اثنين أو أكثر من العلماء الآخرين ذوي الالتزامات الأقل ممَّن يستطيعون تكريس المزيد من وقتهم للشركة”.