الشارقة (الاتحاد)

في أبريل 2020، وعلى مساحة 12 ألف متر مربع، على طريق مطار الشارقة الدولي بالقرب من المدينة الجامعية بالشارقة، تشهد إمارة الشارقة ولادة صرح نابض بالحياة، سيشكل أحد الشواهد الحية على الإنجازات الثقافية للإمارة ورمزاً لجهودها في الارتقاء بالبيئة الثقافية، ومصدراً ملهماً لأجيال المستقبل، من خلال مكتبة تقدم مفهوماً جديداً للقراءة والمعرفة والتعلم والتفاعل الاجتماعي بين الفئات والأعمار والجنسيات كافة.
إنه «بيت الحكمة»؛ المشروع الذي كشف عنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قبل نحو ستة أشهر، في لحظة تاريخية عاشتها إمارة الشارقة، وتحديداً في 23 أبريل 2019، يوم تتويجها باللقب الثقافي الأرفع عالمياً: «العاصمة العالمية للكتاب 2019»، وجرى تدشينه احتفاءً باللقب ليحفظ قيمته ومعانيه وينقلها للأجيال المقبلة، وليكون منارة تجسد مكانة الكتاب والمعرفة في الإمارة. وأمام بوابة هذا الصرح الثقافي الفريد، يشمخُ نصبُ «المخطوطة» الذي أبدعه الفنان العالمي جيري جودا بتصميم أخّاذ مُشاركاً في الاحتفاء بنيل الشارقة هذا اللقب العالمي الرفيع.

حاضنة إقليمية
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة اللجنة الاستشارية للشارقة عاصمة عالمية للكتاب، نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين: «إن إمارة الشارقة تأسست على المعرفة والعلم واحتضان التجارب الفكرية العربية المبدعة، وعملت منذ نشأتها على أن تكون حاضنة إقليمية ومركزاً عالمياً لالتقاء الثقافات وتعزيز روابطها، فبنت مؤسساتها ومجتمعها على قاعدة هذا الهدف ورهنت مستقبلها للمعرفة والكتاب، ليثبت الزمن أن رهان المعرفة لا يخسر، وأن الثقافة هي العامل الأقوى لبقاء الأمم وتفوقها، وأن الغد تشكل ملامحه الأفكار، وأن الاهتمام بالقراءة والكتاب هو جوهر مشروع التنمية وضمانة نجاحه».
ونوهت الشيخة بدور القاسمي أن بيت الحكمة يشكل إضافة نوعية إلى قائمة منجزات الشارقة الثقافية والحضارية، وأكدت أن المشروع يجسد رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حول الاستثمار في الإنسان وتمكينه بأدواتِ البناء والتقدم.
وأوضحت الشيخة بدور القاسمي، أن بيت الحكمة يمثل نموذجاً عن الشارقة وعلاقتها بالثقافة والمعرفة، فهو مكان التقاء بين الأسرة والتفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات في ظل المعرفة وأدوات الاستعداد للغد، كما يمثل شاهداً على استحقاقها للقب العاصمة العالمية للكتاب في 2019، ?اللقب ?الثقافي ?الأرفع ?الذي ?استحقته ?الإمارة ?نتيجةً ?لمشروعها ?الذي ?يرافقه ?الكتاب ?في ?كافة ?مراحله.
وبدوره يشير، سعادة مروان بن جاسم السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، أن المشروع الذي تطوره «شروق»، وصممته شركة «فوستر وشركاؤه» البريطانية المتخصصة بالتنمية الحضرية والتصميم والاستدامة على المستوى العالمي، سيغير مفهوم المكتبات الثقافية، ليقدم أنموذجاً عن مكتبة المستقبل، التي ستدمج بأسلوب مبتكر بين مفهومي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي، والجمع بين مصادر المعرفة التقليدية والرقمية والذكية، وبين التفاعل والتعلم، لتلتقي فيه الأصالة بالحداثة وسط تصميم فريد للمساحات والقاعات متعددة الاستخدامات.
ويضيف السركال: «يتميز بيت الحكمة الذي وصلت نسبة إنجازه إلى 60%، ببساطة التصميم والهندسة المعمارية المعاصرة وبمرافقه التفاعلية، ويضم المبنى طابقين ومقهى ومطعماً وحدائق، وقاعات للأطفال وأخرى للسيدات، ويضم الطابق الأرضي مساحات واسعة للمعارض، ومنطقة تعليمية للأطفال، ومختبراً تفاعلياً ومشغلاً للأعمال اليدوية للدمج بين المعرفة والإبداع، مزوداً بتجهيزات تحفز على الابتكار، في حين يضم الطابق العلوي مساحات معلقة فوق الفناء المركزي توفر مناطق للمعارض وصالات للقراءة».
ويتابع: «لا يمثل بيت الحكمة بنية تصميمية فريدة للمكتبة فحسب، بل يشكل رمزاً للتقدم والتطور التكنولوجي في عالم المعرفة والأدب، وما سيبدو عليه المستقبل في هذا المجال من خلال قاعات وغرف مخصصة للقراءة والحوار وتقنيات طباعة للكتب بسرعات قياسية. ولعل أهم ما يميز هذا المشروع الحضاري الأول من نوعه في المنطقة احتواؤه على مكتبة ضخمة ستضم 105 آلاف كتاب وأماكن مُعدة للقراءة في حدائق المبنى تحفز الزوار على مواصلة القراءة والتعلم، فضلاً عن توفير تطبيق إلكتروني يسهل التعرف إلى الخيارات المتنوعة من الكتب».