أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

أكد أساتذة وخبراء العلوم السياسية، أهمية دور القيادة في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، في رسم ملامح المشهد السياسي في المنطقة، عبر قيادة مشروع عربي جديد لمواجهة قوى إقليمية تخطط للاستيلاء على مقدرات المنطقة العربية بعد تخريبها، مشيرين إلى أن المشروع «السعودي - الإماراتي»، والمتمثل في «استراتيجية العزم»، يهدف إلى إعادة الاستقرار للمنطقة، وإنقاذها من مصير مجهول. وأوضح الأساتذة أهمية دور أبوظبي والرياض في قيادة المنطقة لتحالف عربي يهدف إلى الحفاظ على مقدرات المنطقة العربية، وإعادة الاستقرار لها بعد سنوات من العبث الإيراني بمخالب الحوثيين في اليمن، تارة، وتارة بزرع التوترات في البحرين وسوريا والعراق.

التحالف «القيمي»
الدكتور محمد بن هويدن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات: يقول «العلاقات «الإماراتية - السعودية»، دخلت مرحلة جديدة في تاريخ البلدين، وهي مرحلة الصداقة والتحالف القيمي القوي.
وفي وقت تنشأ فيه تحالفات المصالح، يأتي التحالف بين أبوظبي والرياض كتحالف «قيمي»، ليرسخ بناء العلاقات بين البلدين يعتمد على قيم أساسية متينة». ويضيف: «البلدان لديهما مشروع عربي بمشاركة جمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين، هذا المشروع كان مفقوداً ولم يكن في الوجود، بل كان هناك مشروعات أخرى، إسرائيلية، وإيرانية، علاوة على جماعة الإخوان الإرهابية، وداعش، وجبهة النصرة، والقاعدة، وبعض التنظيمات الإرهابية التي أحدثت تخريباً في مناطق عدة بالمنطقة العربية». ويشير الدكتور ابن هويدن إلى أن قيادة الإمارات والسعودية نجحتا في إعادة الأمل في مشروع عربي يحاول مواجهة المشاريع الأخرى التي تحاول هدم المنطقة العربية للسيطرة على مقدراتها، والتي لا تريد الخير لها، لافتاً إلى أن نجاح العلاقات بين البلدين، يؤدي إلى مستقبل أفضل في المنطقة حيث إن المشروع العربي في حال توقفه يفتح الباب أمام مشاريع أخرى تقوم بتخريب المنطقة وتسعى لهدمها وتزعزع استقرارها بالفعل.

تحالف قوي
وعن التقارب بين أبوظبي والرياض، الذي أدى لنشوء تحالف قوي، يقول الدكتور ابن هويدن: «هذا التحالف يأتي في إطار حتمية تحرك الدول العربية لوقف الضرر الذي يقع في المنطقة من إيران في سوريا، واليمن، والبحرين، والعراق، كما أن الدول العربية الآن في حاجة ملحة إلى المشروع العربي الجديد، وكان لابد أن تتحرك لمواجهة هذه التحركات التي تقودها هذه الأطراف». ويضيف: «العلاقات الإماراتية - السعودية» تتزايد متانة وقوة وتقارباً عن أي وقت مضى، والتعاون الاقتصادي بين البلدين يعطي مؤشراً واضحاً على قوة التحالف التي غالباً ما تتجسد القوة في العلاقات السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية، إلا أن البعد الاقتصادي يؤكد عمق العلاقات التي لم تقتصر فقط على المواقف السياسية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بل وصلت أيضاً إلى النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وأصبحت تتبلور علاقة صداقة كبيرة وعميقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية».
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الآمال الإيجابية التي يمكن الوصول إليها من خلال نجاح هذا المشروع العربي، وتحقيق التحالف الإماراتي - السعودي نجاحات لتصنع مستقبل أفضل للمنطقة، وإنقاذاً لها من أعدائها الذين يهدفون إلى ضرب هذا التحالف الذي يقف في مواجهة مخططاتهم.
من جانبها، قالت الدكتورة نورة صابر بن عبلان المزروعي، أكاديمية وباحثة في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية: «منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، تنوعت مسارات هذه العلاقات التي أسس دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، لتشمل مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتظهر متانة هذه العلاقات في الوقت الحاضر، من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي لمواجهة التحديات الخارجية التي تعصف بالمنطقة، والذي يعتبر خطوة فعالة نحو التنسيق والتعاون في المجالات كافة.وأضافت: تشكيل لجنة للتعاون والتنسيق المشترك بين الإمارات والسعودية في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وغيرها خطوة أساسية ومهمة لتوسيع آفاق ومستويات التعاون بين البلدين. وأشارت الدكتورة المزروعي إلى أن المجلس يعتبر نقلة نوعية ومرحلة جديدة في مسار العلاقات الثنائية، وسوف يساعد على تحقيق المزيد من التنسيق في المواقف الثنائية، وبالتالي يساعدهما على اتخاذ القرارات اللازمة للتعامل مع القضايا الخارجية. كما ساعد المجلس البلدين على القيام بدور محوري في التنسيق الإقليمي ضد الإرهاب، المتمثل في داعش والقاعدة.
وتضيف: يمثل البلدان أهم قوتين في التحالف العربي في مواجهة التدخل الإيراني في اليمن، حيث يعمل التحالف على ردع إيران، ومحاولة استقرار الأوضاع في اليمن عن طريق عودة الشرعية.

محطات دبلوماسية
واستعرضت أهم ملامح العلاقات الديبلوماسية والسياسية بين البلدين قائلة: «في يناير 2016 استدعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، السفير الإيراني لدى الدولة، وسلمته مذكرة احتجاج بشأن التدخل الإيراني في الشأن الداخلي للسعودية، وشجبت الاعتداءات التي وقعت على مقار البعثات الدبلوماسية السعودية في كل من العاصمة طهران، والقنصلية في مدينة مشهد، والتي تمثل انتهاكاً واضحًا للمواثيق والأعراف الدولية». وأضافت: «جاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية من أجل عودة الشرعية إلى اليمن، وصد الخطر الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن، وتأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية».

العلاقات الاقتصادية
وأشارت إلى أن الإحصاءات تؤكد أن العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين تفوق كل التوقعات، حيث يصل حجم الاستثمارات السعودية في الإمارات إلى نحو 10 مليارات دولار، وذلك من خلال ما يزيد على 2360 شركة سعودية تمارس أنشطتها الاستثمارية في الدولة، وتأتي الإمارات في مقدمة الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية، باستثمارات وصلت تسعة مليارات دولار في قطاعات متعددة، فيما تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً برأس مال 15 مليار ريال.
ولفتت إلى أن إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، بتكلفة تتجاوز 100 مليار ريال، تعد نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.