باع سام ليسين شركته الناشئة الصغيرة المتخصصة في مجال الشبكة العنكبوتية إلى “فيسبوك” بملايين الدولارات العام الماضي ولم تلبث “فيسبوك” أن أغلقتها، كل ما كانت “فيسبوك” تريده هو ليسين ذاته. هذا ما آلت إليه الأمور في سيليكون فالي في ظل ازدهارها الفقاعي الجاري. فهناك شركات مثل “فيسبوك” و”جوجل” و”زينجا” متعطشة لأفضل المواهب والمهارات إلى درجة أنها تشتري شركات ناشئة للحصول على مؤسسيها ومهندسيها ثم تتخلص بعد ذلك من منتجات تلك الشركات. واعتبرت الشركات المشترية أنها عملية استحواذ على الكفاءات وتجري عادة على أساس أن هناك سعراً لكل شخص ذي كفاءة مستهدف. وقال فوجهام سميث، مدير تطوير الأعمال في “فيسبوك”، الذي شارك في مفاوضات العديد من صفقات الاستحواذ على الكفاءات التي قارب عددها على العشرين صفقة خلال السنوات الأربع الماضية: “يساوي المهندس ما بين نصف مليون دولار إلى مليون دولار”. وعادة ما يوزع المال، في شكل أسهم، على مؤسسي الشركة الناشئة وموظفيها ومستثمريها. كما يحصل الموظفون المستحوذ عليهم على رواتب مرتفعة ويحصلون أيضاً على حقوق شراء أسهم. وقام ليسين (البالغ من العمر 27 عاماً) عن طيب خاطر بمبادلة حلمه أن يصبح نجم الانترنت القادم بوظيفة بارزة في “فيسبوك.” وقال ليسينو الذي كان اسم شركته الناشئة “دروب اي او”: “تكمن قوة (فيسبوك) في انتشارها ونفوذها وشهرتها”. غير أن بعض خبراء سيليكون فالي يخشون من أن الشركات تدفع أسعاراً مفرطة للكفاءات ومن أن بعض الموظفين المستحوذ عليهم سيتخلون عن الشركة المستحوذة عليهم حالما يستطيعون ذلك ربما بسبب عدم اعتيادهم على أجواء الشركات. وتعتبر صفقات الاستحواذ على الكفاءات انعكاساً لسوق التنافس على استقطاب الموهوبين والمهووسين بالكمبيوتر لفترة تزيد على عشر سنوات. وقال سكوت ديتمر، استشاري شركات التكنولوجيا المخضرم،: “أضحت حرب اختطاف المواهب أكثر احتداماً”. ربما تعد “فيسبوك” أكثر الشركات تحمساً لهذا التوجه حيث اشترت عدداً من الشركات والأسماء التجارية الناشئة الصغيرة مثل “باراكي” و”هوت بوتيتو” و”اوكتازين”. وخلال 2009، اشترت “فيسبوك” شركة “فريندفيد” التي كانت تقدم مساعدات للمستخدم في رصد أنشطة أصدقائه على شبكة الانترنت. واعتقد البعض أنها كانت تسعى إلى منافسة أكثر فاعلية مع “تويتر”. غير أن “فيسبوك” كانت في الواقع تحاول اقتناص أو اجتذاب عشرات من مديري ومهندسي “فريندفيد” ذوي الكفاءات والبارزين بما يشمل اثنين من مؤسسيها بريت تايلور وبول بوتشهايت اللذان سبق لهما أيضاً العمل في شركة “جوجل”. وقال مارك زوكربيرج، رئيس تنفيذي “فيسبوك”وقتها: “كنا حقاً نريد الحصول على بريت”. ومن ضمن الإثني عشر موظفاً الذين انضموا إلى “فيسبوك” بقي ثمانية موظفين ويتولى تايلور منصب مدير التكنولوجيا فيها. أما بوتشهايت الذي اشتهر بابتكاره جي ميل فقد ترك الشركة. وتجرى صفقات الاستحواذ عموماً عن طريق الحصول على أسهم ويجب على الموظفين الانتظار لفترة سنة أو أكثر قبل أن يجوز لهم بيع أسهمهم. وقالت فيسبوك إن تلك الصفقات مجدية نظراً لاحتياج الشركة إلى رواد أعمال مبتكرين في مقدورهم العمل على الحفاظ على ثقافة الريادة والابتكار التي تتميز بها “فيسبوك”. غير أن حجم بعض الصفقات يثير الدهشة، فقد تردد على نطاق واسع أنه تم شراء فريند فيد مقابل نحو 47 مليون دولار أو حوالى 4 ملايين دولار لكل موظف مع ذهاب بعض هذا المبلغ لمستثمريها الخارجين وحين قامت فيسبوك بشراء دروب. أي او مقابل سعر لم يفصح عنه لم ينضم لفيسبوك سوى ليسين أحد أصدقاء زوكربيرج من سنوات الدراسة بالجامعة والمسؤول حالياً عن صفحات بيانات المستخدم. ودفعت “فيسبوك” بضعة ملايين من الدولارات في دروب. آي او وفق أشخاص على علم بالصفقة طلبوا عدم ذكر أسمائهم بسبب أن شروط الصفقة كانت سرية ورفضت “فيسبوك” التعليق عن السعر الذي دفعته. وقال راندي كوميسار، الخبير في مجال الاستثما،ر: “هناك بعض الأسعار التي يقيم بها الموظفون يصعب على ما يبدو تبريرها، غير أنه لا توجد حالياً مواهب مجربة في مجالات تشكل ساحات معارك لشركات اليوم مثل التواصل الاجتماعي على الشبكة”. وسوف يراجع المشترون أنفسهم ويكتشفون أنهم أفرطوا في سعر الشراء أحياناً، ولكنهم في خضم التنافسية المحمومة حالياً ربما لا يشعرون أن لديهم كثيراً من الخيارات. وفي مقابلة العام الماضي، أشار زوكربيرج إلى أن دفع مبالغ طائلة لأشخاص مثل تايلور وزملائه في فريندفيد كان مبرراً. وقال في ذلك: “الشخص الاستثنائي في عمله ليس فقط أفضل قليلاً من شخص جيد. بل إنه أفضل 100 مرة”. غير أن هناك شركات أخرى أكثر حرصاً وحذراً فيما تضعه من استراتيجيات. ورغم رفض “جوج” الحديث في هذا الشأن، إلا أنها في أحد تصريحاتها قللت من انخراطها في هذا النشاط وقالت إنه حتى لو أغلقت خدمة من شركة مستحوذ عليها فإن أفكار تلك الشركة تظهر عادة في منتجات “جوجل”. وقالت شركة “زنجا” إنها اشترت 12 شركة العام الماضي بعضها اشترى بغرض استقطاب كفاءاتها. إحدى تلك الشركات “ايرياكود” وهي عبارة عن ستوديو ألعاب في نيويورك يعمل به 20 موظفاً. ورغم احتفاظ “زنجا” بواحدة من ألعاب “ايرياكود” على الهاتف المحمول المسماة “دروب 7”، قالت “رنجا” إنها اشترت الشركة بسبب خبرة موظفيها في مجال التصميم. نقلاً عن: انترناشيونال هيرالد تريبيون ترجمة: عماد الدين زكي