هناء الحمادي (أبوظبي)

تظل أحلام الطلبة المبتعثين بلا حدود، فرغم مرارة الغربة والبعد عن الوطن والأهل، تبقى هناك تجارب استثنائية من أجل التحصيل العلمي لخدمة الوطن والمجتمع، فالآمال تتركز على رد الجميل لهذا الوطن الغالي الذي أتاح لهم تجربة لا تقدر بثمن، شكلت منعطفاً مهماً في حياتهم بعد أن وفرت لهم كل السبل والرعاية والدعم للالتحاق بأرقى جامعات العالم، والاندماج في مجتمعات جديدة ومتطورة ذات تجارب ريادية في مجال العلم، غير ذلك بات طلبة الإمارات المبتعثين في الخارج إحدى الركائز القوية التي تقوم عليها فلسفة التواصل الحضاري بين الإمارات ومختلف شعوب العالم، حيث يعد طالب البعثة سفيراً لقيم وتقاليد مجتمع الإمارات، وهو معني بتمثيل هذه القيم بصورة مشرفة تدعو الآخرين لاحترام مجتمعنا.

هندسة ميكانيكية
من بين هؤلاء المبتعثين الذين حققوا إنجازات علمية مشرقة، سعيد أحمد سيف الجابري من مدينة العين، والذي تخرج في ثانوية ATHS، ليلتحق بجامعة MIT تخصص الهندسة الميكانيكية، ويكون ضمن المتفوقين بامتياز مع مرتبة الشرف، لكن حب الاستزادة من التعلم وتطوير القدرات والخبرة والمهارة في عالم المالية، دفع الجابري للحصول على ماجستير في المالية، وهو عبارة عن دراسة الرياضيات والإحصاء والتطبيقات في المالية والاستثمار، ليشارك مؤخراً في بحث مع شركة أميركية حول الإيرادات من الصكوك البنكية، وقد لاقى كل النجاح. وكان تحدي النفس وإثبات الذات، الدافع الأول لدخول الجابري مجال الهندسة، حيث وجد القسم الميكانيكي في الهندسة هو الأنسب له، لكنه في الوقت ذاته أراد أيضاً التعمق أكثر في مجال المالية والاستثمار، فقرر استخدام مهاراته في الرياضيات والبرمجة.

أربعة طلاب
وحول الجامعة العريقة التي استطاع من خلالها اكتساب الكثير من العلم والمعرفة، يذكر الجابري أن معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» في الولايات المتحدة هو أقوى معهد للتكنولوجيا في العالم، إذ يضم مجالات عدة، من بينها الهندسة واللغات، وعلوم الحاسب الآلي والنظم المعلوماتية، والهندسة التقنية، بالإضافة إلى الاقتصاد والرياضيات والكيمياء. ويضيف «يوجد في الجامعة أربعة طلاب فقط من الإمارات تميزوا في تخصصات عدة وذات مستوى عالٍ من التحصيل الأكاديمي، وخلال وجودي، استطعت التعامل مع أفضل المتخصصين والمعلمين والباحثين، وأفضل الطلاب في العالم، واستفدت من أبحاث تتعلق بمجالي الأكاديمي، متمنياً في الوقت ذاته أن يعود للإمارات حاملاً شهادة يفتخر بها لخدمة وطنه ومجتمعه».

ثقافة وعادات
عندما يجتمع طلب العلم مع غربة وطن وثقافة جديدة وعادات وتقاليد، قد تبدو الحياة صعبة من الوهلة الأولى، هذا ما قاله سعيد الجابري، موضحاً أن الغربة علمته الاعتماد على النفس، والإحساس بالمسؤولية، واكتساب مهارة التكيف مع الآخر، وتنظيم الوقت واكتساب العادات الحسنة، كما أن الغربة تبني الشخصية لتصبح قادرة على اتخاذ القرار، وتساعد على تفتق الذهن، والثقة بالنفس، والتعرف إلى مختلف الثقافات.
ويضيف الجابري «الغربة أضافت لي الكثير، فمنذ أن كان عمري 13 عاماً، بدأت أسافر ضمن برامج تعليمية مختلفة، تعرفت من خلالها إلى الحضارات المختلفة، واكتسبت أصحاباً كثر، وأصبحت على درجة عالية من الاستقلالية، لكن دون أن أنسى عائلتي ووطني، وأفكر في العودة إليهم، لأسهم ولو بقدر بسيط في بناء وطني».