لكبيرة التونسي (أبوظبي)

عندما أرادت الفنانة العالمية الإكوادورية ماريا فيرونكا ليون، الحديث عن التسامح ورموزه، اختارت أربع قيادات عالمية، هم: المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير، الأم تيريزا، والمهاتما غاندي، لتجسد معاني التسامح بمنظور وثقافة كل واحد منهم، عاكسة فلسفتها من خلال معرض التسامح الذي تنظمه جامعة السوربون حتى 7 من الشهر الجاري، تحت عنوان «التسامح.. الشعور بالسلام» احتفاءً بـ«عام التسامح»، وتأكيداً على أن الإمارات تمثل منصة للتعايش وتعدد الثقافات وحرية العقيدة والمساواة وكرامة الإنسان.

قيم العظماء
يتضمن المعرض، الذي يبرز فلسفة هؤلاء القادة من خلال أربع غرف أعمال يمكن مشاهدتها عبر الشاشات أو الاستماع إليها عبر النصوص المقروءة والأدلة الوثائقية، أو عبر رسومات ورسائل لاكتشاف معاني التسامح عبر هذه الوسائط، حيث تؤكد ماريا أن الفكرة تولدت لديها بعيداً عن الأطروحة التقليدية، فالتسامح ما هو إلا شعور بالسلام الدائم، مشيرة إلى أن معانيه متغلغلة في ذاكرتها الطفولية عندما كان والدها يعلمها قيم التسامح والسلام في الصغر، من خلال رموز ونماذج عبر العالم، مستحضرة قيم العظماء في أعمال متفردة تدفقت في لوحات بصرية وجمالية في باحة جامعة السوربون، تناولتها عبر أربع زوايا، لشخصيات لها تأثير عالمي، وفي صدارتهم يأتي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عبر لوحات جمالية تعكس رؤيته في التسامح ورسم ملامح السلام على مستوى العالم.

فكر زايد
ويجسد معرض ماريا فيرونكا ليون، رؤيتها للتسامح في فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي جاء كفعل النور، حيث جمعت سيرة الشيخ زايد في عمل يبرز فكره المتقد والمنبثق من قناعاته الداخلية وكأنها ترسم خطوطاً للتسامح، عبر العديد من المواد، حيث وضعت «بورتريه» للشيخ زايد، طيب الله ثراه، بنظراته الاستشرافية للمستقبل، وقالت: قرأت كثيرا عن هذا القائد العظيم وأعجبت بما فعله للإمارات وبمساهماته العالمية، كما أولى اهتماماً خاصاً بالمرأة الإماراتية ونبوغها ومواهبها ومؤهلاتها التي تمتلكها.

الشرق والغرب
كما يسلط المعرض الضوء على أحد أعظم الكتّاب والفلاسفة الذين تناولوا موضوع التسامح في التاريخ والدعوة العالمية لفهم هذه الفضيلة، إنه الفرنسي فولتير الذي أبدع كتاب «رسالة في التسامح» الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر، لتأخذ المتلقي إلى وسائط مختلفة من الرسم والتلوين، والفن التصويري، والفيديو الفني، والأعمال المركّبة التنصيبية والتي تدعو إلى تعزيز أسس التفاهم بين العالمين الغربيّ والشرقي، حيث رسمت «بورتريه» لفولتير باللونين الرمادي والأبيض، وربطت بينه وبين المغفور له الشيخ زايد، ورسمت بنفس اللون بورتريه للشيخ زايد، طيب الله ثراه، واكتشفت أن هناك قاسماً مشتركاً بين الشخصيتين، ففكرت في التعبير عنهما من خلال خلق العديد من المؤثرات والأدوات، وكانت بالنسبة لها البداية التي تحمل العديد من التحديات، لإخراج عمل للوجود استغرق تنفيذه 7 أشهر، للجمع بين الشرق والغرب من خلال هاتين الشخصيتين، علماً بأن بعض اللوحات بدأتها في باريس وأكملتها في دبي.

الأم تيريزا
وتأخذ ماريا فيرونكا، زوار المعرض في رحلة ثرية، حيث دمجت بين العديد من الأعمال في ركن الأم تيريزا، وعن ذلك قالت إن فكر التسامح في فكر الأم تيريزا، يبرز جهودها في رعاية المحرومين والضعفاء، من دون تمييز بين إنسان وآخر، بغض النظر عن لون البشرة أو الدين أو العرق مستخدمة مختلف الأدوات كسرير للمرضى، ومختلف الأدوات الطبية، والأدوية، إلى جانب مجموعة من التركيبات الفنية التي تبرز رسالتها في أهمية ترشيد اقتناء الأدوية، التي يحتاج إليها الفقراء والمحتاجون عبر العالم، حيث كانت للقضايا الإنسانية مكانة كبيرة في فكر الأم تيريزا، موضحة أن اللوحات الخاصة بهذه الشخصية العظيمة، تبرز دور المرأة المهم في الحياة.

رسائل غاندي
وتأتي في مقابل غرفة الأم تيريزا التي يغلب عليها اللون الأزرق، غرفة المهاتما غاندي، والتي تضم مكتبه وسريره ومجموعة أدوات كان يستخدمها، إلى جانب بعض رسائله وأقواله المأثورة، ومن خلال شاشة تعرض الفنانة مجموعة من أعماله في نيودلهي، ضمن معرض مقام بمناسبة مرور 150 عاماً على مولده، والذي يعكس الأفكار المتسامحة والهادئة لغاندي في الهند، وقالت ماريا «عكست جزءاً من حياة وطريقة عيش غاندي، إضافة إلى لوحات تحمل أفكاراً عصرية للتعبير عن رفضي لبعض السلبيات، مثل الاستهلاك غير المبرر لبعض الأدوات التي يمكن الاستغناء عنها بسهولة، وقد جمعت هذه الأدوات في لوحة كرسالة للمتلقي.

وسائل التكنولوجيا
وهناك صرخات وألوان وأدوات اختارتها الفنانة ماريا للتعبير عن رسالتها، مؤكدة أن التسامح ليس دائماً مطلقاً، ولتحقيقه يجب أن يمر الفرد بالعديد من التحديات ومن اللا تسامح، وفي رسالة للمتلقي اختارت مجموعة من الأدوات للتعبير عن الإفراط في استخدام وسائل التكنولوجيا، مثل أجهزة التلفاز والهواتف وأجهزة الكمبيوتر والفيديو إلى الكولاجات الإلكترونية، في محاولة لإيصال رسالتها المفعمة بالأفكار والمعاني والألوان المتناقضة.

تعزيز أسس التسامح
من خلال لوحاتها الإبداعية، استطاعت ماريا أن تخلق بيئات تعبر عن شخصيات اختارتها، من ناحية ثقافاتهم ومواقفهم وفلسفتهم في التسامح، بلغتها الفنية الغنية بالمؤثرات، وبطريقة استثنائية متفردة، لاسيما أن هذا المعرض الفني المستوحى من أعظم قادة السلام من النساء والرجال، يركز على مهمتهم الأساسية في تعزيز أسس التسامح والسلام، كما يؤكد على النهج التاريخي للتسامح وخصائصه المتعددة في ثقافات ومجتمعات مختلفة حتى يومنا الحاضر.

مفهوم حقوق الإنسان
أعمال الفنانة الإكوادورية ماريا فيرونكا، والتي عاشت بفرنسا لأكثر من 15 عاماً، مستوحاة من شخصيات وقادة العالم من النساء والرجال، الذين ساهموا في إعلاء مفهوم حقوق الإنسان وجعله حقيقة واقعة، من هنا يستكشف المعرض الذي يحتفي بـ«عام التسامح» بطريقة فنية معاصرة، قيمة إنسانية تحرض العقول لاستيعاب الأبعاد المختلفة لهذا المفهوم التاريخي للتسامح عبر ثقافات ومجتمعات متنوعة.