يوسف البستنجي (أبوظبي)

أطلقت الإمارات والسعودية مشروع «عابر» لإصدار عملة رقمية، بهدف تسريع وخفض تكلفة عمليات التحويل والتسويات المالية بين السوقين، ما يعزز التبادل التجاري والتداول المالي، ويدعم التنمية في اقتصادات البلدين.
وأوضح مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ومؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» في بيانٍ مشترك، أمس، أن الهدف من المشروع هو فهم ودراسة أبعاد التقنيات الحديثة وجدواها عن كثب من خلال التطبيق الفعلي ومعرفة مدى أثرها على تحسين وخفض تكاليف عمليات التحويل وتقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي ستتعامل مع تقنيات المستقبل، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية تستخدم بين دولتين.
وتوقع مصدر مصرفي مطلع أن يعمل الطرفان على إصدار العملة الرقمية في أقرب وقت ممكن، مبيناً أن العملة الرقمية الجديدة ستكون تحت إشراف مركزي لكل من مصرف الإمارات المركزي ومؤسسة النقد السعودية، وأن يتم بداية التعامل بها في إطار محدود فقط.
وقال المصدر إنه يتوقع أن تقوم سلطات النقد في الدولتين بتشكيل احتياطي من العملة الرقمية (أو رصيد) لدى كل منهما لاستخدامه في عمليات السحب والإيداع عند تنفيذ عمليات التحويل.
وأوضح أن هذا التطور يعتبر مهماً جداً لأنه سيسهم في تقليص الوقت اللازم إلى الدرجة القصوى الممكنة.
وأعلن أمس، عن إطلاق مشروع «عابر» لإصدار عملة رقمية يتم استخدامها بين المملكة والإمارات في التسويات المالية من خلال تقنيات سلاسل الكتل والسجلات الموزعة وذلك في إطار إثبات مفهوم (Proof-of-concept)، تتلخص في فهم ودراسة أبعاد التقنيات الحديثة وجدواها عن كثب من خلال التطبيق الفعلي ومعرفة مدى أثرها على تحسين وخفض تكاليف عمليات التحويل وتقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي ستتعامل مع تقنيات المستقبل، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية تُستخدم بين دولتين، بالإضافة إلى إيجاد وسيلة إضافية لنظم التحويلات المركزية في البلدين، وإتاحة المجال أمام البنوك للتعامل مع بعضها بعضاً بشكل مباشر لتنفيذ التحويلات المالية.
ويعتبر Proof-of-concept، مفهوماً يعني العمل على إثبات أو إدراك طريقة معينة أو فكرة لإظهار الجدوى منها، أو ظهورها في مبدأ، بهدف معاينة إمكانية التطبيق، التنفيذ، أو الاستخدام، ويكون هذا الإثبات عادةً بشكل تطبيق صغير أو محدود ولا يصل لمرحلة بلوغ المشاريع، كما يمكن أن يكون مكتملاً أو غير مكتمل الخصائص.
وبشأن أسباب إطلاق مشروع «عابر» بشكل مشترك، أفاد البيان أن البنوك المركزية في بعض الدول بدأت بتنفيذ مشاريع تجريبية بغرض استكشاف أبعاد تقنيات سلاسل الكتل والسجلات الموزعة التي استخدمت في تداول العملات الرقمية، ومؤسسة النقد ومصرف الإمارات المركزي كانت لديهما الرغبة ذاتها في تجربة هذه التقنيات للتعرف عليها وكيفية الاستفادة منها، مرجعاً الاتفاق على إطلاق المشروع بشكل مشترك بدلاً من التنفيذ بشكل مستقل في كل دولة إلى أن الدولتين لديهما نظم مركزية لمعالجة الحوالات والعمليات المحلية تطورت مع مرور الزمن وأثبتت جدواها، بينما توجد بعض جوانب أعمال الحوالات الدولية تحتاج إلى مزيد من التطوير قد يَثبت بعد الدراسة أن استخدام العملة الرقمية يمكن أن يساهم في دعم هذا التطوير.
كما سيسمح هذا المشروع ببحث إمكانية استخدام النظام كنظام احتياطي إضافي للنظم المركزية لتسوية المدفوعات المحلية عند تعطلها لأي سبب. وأشار البيان إلى أن مؤسسة النقد ومصرف الإمارات المركزي يرغبان في أن تعود مشاريعهما التجريبية بالفوائد على الجميع محلياً ودولياً، لذا ولرغبة الدولتين في أن تكونا ليس سباقتين فحسب في تطبيق التقنيات الحديثة وإنما أيضاً في تطويعها وتطويرها وتقديمها للعالم، كان التوجه من الجانبين بإجراء تجربة إصدار عملة رقمية واستخدامها عبر الحدود لتنفيذ الحوالات.
وبشأن الآلية المتفق عليها في تنفيذ مشروع «عابر» بين مؤسسة النقد ومصرف الإمارات المركزي، أكد البيان أن التركيز في المراحل الأولى سيكون على النواحي الفنية، كما سيقتصر على عدد محدود من البنوك في كل دولة.
وتابع: «وخلال التجربة، وفي حال ما إذا تبين عدم وجود عوائق فنية، ستتم دراسة النواحي الاقتصادية والمتطلبات القانونية للاستخدامات المستقبلية». هذا، وكانت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي قد عقدت اجتماعها الأول في العاصمة الإماراتية أبوظبي يوم الخميس 17/‏1/‏2019م، وتم الإعلان عن المبادرات ذات الأولوية والمعدة للإطلاق في إطار استراتيجية خلوة العزم، وذلك لتنفيذ الرؤية المشتركة للتكامل، وتكثيف التعاون الثنائي في المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
ومن أبرز هذه المبادرات في مجال الخدمات والأسواق المالية، إطلاق مشروع «عابر» لإصدار عملة رقمية إلكترونية بشكل تجريبي ومحصورة التداول بين عدد من بنوك البلدين.
من جهته قال محمد الأنصاري رئيس مجلس إدارة مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي بالدولة، والتي تضم في عضويتها نحو 75 شركة ومؤسسة صرافة في الإمارات، إن العملة الرقمية ستسمح بتنفيذ عمليات التحويل المالي بين السوقين الإماراتي والسعودي من دون عملة وسيطة، وهي الطريقة التي يتم التعامل بها حالياً.
وأضاف: مع أن الأمور حالياً سهلة ولا تواجه صعوبات، إلا أن استخدام عملة رقمية خاصة بالتعاملات بين الدولتين سيساعد على تقليص زمن التحويلات والتسويات المالية إلى ثوانٍ معدودة، إضافة إلى أنه خلال الأسبوع هناك أيام مثل أيام السبت والأحد، تكون فيها بلدان العملة الوسيطة مثل الدولار أو اليورو في عطلة أسبوعية، وبذلك تتأخر عمليات التحويل، أما بوجود عملة رقمية معتمدة من الدولتين فهذا سيساعد كثيراً في تقليص الزمن الضائع.
وتوقع الأنصاري أن يتم تحديد سعر العملة الرقمية وفقاً لسعر السوق؛ أي وفقاً للعرض والطلب، مبيناً أنه على الأغلب سيتم تحديد سعرها بشكل يومي.
وأوضح أن سعري الدرهم والريال متقاربان بحكم الربط مع الدولار الأميركي، إلا أن الفارق البسيط الذي يمكن أن تحدثه العملة الرقمية في عمليات التحويل يعتبر مهماً جداً للتحويلات الكبيرة، وقد تكون القيمة الحقيقية للفرق كبيرة.
ولذا توقع الأنصاري أن تستخدم العملة الرقمية أساساً في الصفقات التجارية الكبيرة وعلى المستوى التجاري بشكل أساسي، وليس على مستوى تحويلات الأفراد المالية.
وقال إن العملة الرقمية ستكون مملوكة من قبل المصرف المركزي وبعض البنوك والشركات المالية التي تتعامل بها، فقط؛ أي أنه لن يسمح للأفراد بامتلاك هذه العملة.
وبين أنه لا بد أن يكون للشركات المالية والبنوك رصيد من هذه العملة الرقمية، لاستخدامها في عمليات التحويل بين السوقين.