مصطفى عبد العظيم (دبي)

حافظت دولة الإمارات على صدارتها لبلدان الشرق الأوسط الأكثر نزاهة والأفضل على مستوى مكافحة ممارسات الفساد، وفقاً لمؤشر مدركات الفساد 2018، الصادر أمس عن منظمة الشفافية الدولية، والذي صنف الدولة في المرتبة 23 عالمياً ضمن المؤشر الذي شمل 180 دولة.
ووفقاً لنتائج المؤشر، حصلت دولة الإمارات على تقويم قدره 70 نقطة بفارق 18 نقطة عن الدنمارك صاحبة المركز الأول والتي سجلت 88 نقطة من إجمالي 100 نقطة، وبفارق نقطة واحدة عن الولايات المتحدة الأميركية التي حلت في المرتبة 22 عالمياً ونقطتين عن فرنسا التي حلت في المرتبة 21، وثلاث نقاط عن اليابان التي حلت في المرتبة 20 عالمياً.
ويأتي تفوق دولة الإمارات في مؤشر مدركات الفساد ومحافظتها على صدارة دول الشرق الأوسط بفارق 10 مراكز عن ثاني دول المنطقة ضمن المؤشر، امتداداً لمسيرة الارتقاء في مؤشر مدركات الفساد منذ انضمامها للنسخة الأولى منه في العام 2003 عندما حلت في المرتبة 37 عالمياً، بالمشاركة مع ماليزيا آنذاك، ومن ثم صعدت الدولة إلى المرتبة 30 في السنة التالية 2004، وصولاً إلى المركز 23 بتقويم 70 درجة ضمن مقياس من 1 إلى 100 درجة للاقتصاد الأكثر «شفافية».
وبحسب نتائج المؤشر الذي يغطي المدركات الخاصة بفساد القطاع العام في 180 بلداً، تصدرت كل من الدنمارك ونيوزيلندا مؤشر 2018، حيث حصلتا تباعا على 88 و87 نقطة، في حين احتلت الصومال وجنوب السودان وسوريا أدنى مراتب المؤشر، حيث حصلت تباعا على 10 و13 درجة.
وكانت أعلى الدرجات على مستوى المناطق من نصيب منطقة أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي، حيث بلغ المعدل فيها 66 درجة، في حين ظهرت أدنى الدرجات في منطقة أفريقيا (بمعدل 32 درجة) وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (بمعدل 35 درجة).
وعلى المستوى الدول العربية ودول الشرق الأوسط تصدرت الإمارات بلدان المنطقة بعد أن سجلت 71 نقطة (حلت بها في المرتبة 23 عالمياً)، تلتها قطر في المركز الثاني عربياً والترتيب 33 عالمياً، ثم عُمان في المرتبة 53 عالمياً والثالثة عربياً، والأردن في المرتبة 58 عالمياً والرابعة عربياً ومعها المملكة العربية السعودية التي حلت في المرتبة 58 عالمياً أيضاً، ثم المغرب التي حلت في المرتبة 73 عالمياً والخامسة عربياً ومعها تونس التي جاءت في المرتبة 73 عالمياً أيضاً، فيما جاءت الكويت في المرتبة 78 عالمياً والسادسة عربياً، تلتها البحرين في المرتبة 99 عالمياً والجزائر في المرتبة 105 عالمياً ومعها مصر التي تقدمت 12 مرتبة عن العام الماضي. ويستند مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 إلى 13 استطلاعاً وتقويماً للفساد أجراه خبراء لتحديد درجة انتشار الفساد في القطاع العام في 180 دولة وإقليماً، عن طريق إسناد درجة تتراوح بين 0 (الأكثر فساداً) و100 (الأكثر نزاهة).
ووفقاً للمؤشر، حصلت أكثر من ثلثي الدول على درجة تقل عن 50 نقطة، حيث إن معدل الدرجات بلغ 43 نقطة. ومنذ سنة 2012، لم تحرز سوى 20 دولة تقدماً في درجاتها، من بينها إستونيا وساحل العاج، في حين تراجعت 16 دولة تراجعاً ملحوظاً، من بينها أستراليا وتشيلي ومالطا.
وكشف التحليل المقارن للبيانات المتعلقة بالديمقراطية في العالم عن وجود علاقة بين الفساد ومستوى الديمقراطية. حيث حصلت الديمقراطيات الكاملة على معدل 75 درجة في مؤشر مدركات الفساد؛ في حين سجلت الديمقراطيات المعيبة معدل 49 درجة، وسجلت الأنظمة الهجينة، التي تشوبها بعض التوجهات الاستبدادية، معدل 35 درجة. وكان أضعف معدل من نصيب الأنظمة الاستبدادية التي سجلت حوالي 30 درجة فقط في مؤشر مدركات الفساد.
على سبيل المثال، تراجعت درجات كل من المجر وتركيا بثماني نقاط وتسع نقاط تباعاً على المؤشر خلال السنوات الخمس الماضية. وفي نفس الفترة، تراجع تصنيف تركيا من «دولة شبه حرة» إلى «دولة غير حرة»، في حين سجلت هنغاريا أدنى درجاتها على مستوى الحقوق السياسية منذ سقوط الشيوعية سنة 1989. وتعكس هذه التقييمات تردي الأوضاع على مستوى سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية، كما تكشف عن تفاقم التضييق على المجتمع المدني والإعلام المستقل في هذه الدول.
وبشكل عام، تُشكل الدول ذات المستويات العالية من الفساد خطراً على المعارضين السياسيين. ومن الناحية العملية نجد أن كل الدول التي تشهد اغتيالات سياسية، إما بأمر من الحكومة أو بتغاضٍ منها، قد صُنّفت من ضمن الدول الأكثر فساداً في المؤشر.

دول تحت المجهر
حصلت الولايات المتحدة على 71 درجة، لتسجل بذلك تراجعاً بأربع نقاط منذ السنة الماضية خرجت فيها من مجموعة الدول العشرين التي تتصدر المؤشر للمرة الأولى منذ عام 2011. وتأتي هذه الدرجة المتدنية في فترة تشهد فيها الولايات المتحدة مخاطر تهدد منظومتها القائمة على الضوابط والتوازنات وتدهور المعايير الأخلاقية في أعلى مستويات السلطة.
وتراجعت البرازيل بمعدل نقطتين منذ العام الماضي لتحصل على 35 درجة، وهي أيضاً أدنى درجة تحصل عليها البرازيل في مؤشر مدركات الفساد في غضون سبع سنوات. وإلى جانب الوعود التي قطعها الرئيس الجديد للبلاد بالقضاء على الفساد، أعلن الرئيس صراحة أنه سيحكم بقبضة من حديد، مهدداً بذلك عدة ركائز حققتها البرازيل في مسار الديمقراطية. وقالت رئيسة منظمة الشفافية الدولية ديليا فيريرا روبيو: «تظهر أبحاثنا وجود علاقة واضحة ما بين وجود ديمقراطية سليمة والنجاح في مكافحة الفساد في القطاع العام».
وأردفت قائلة: «يمكن للفساد أن يستشري بشكل واسع حين تستند الديمقراطيات إلى أسس هشّة، وحين يستغل ذلك السياسيون الشعبويون والمناهضون للديمقراطية لمصلحتهم، وهو ما رأيناه في عدة بلدان».