تحقيق: سامي عبد الرؤوف، يوسف البستنجي، منى الحمودي
رأى خبراء وقياديون إعلاميون أن دور الإعلام الإماراتي في أبعاده التنموية الشاملة، لا يمكن إخضاعه للاعتبار التجاري فقط، فالإعلام شريك أساسي لمؤسسات الدولة السيادية والخدمية، وينهض بواجبه الأساسي في تشكيل الوعي الاجتماعي تجاه أجندة الإمارات وأهدافها وطموحاتها، وتساءلوا عن فاعلية الشراكة بين الإعلام والمؤسسات الاتحادية والمحلية في المسؤوليات والتحديات والواجبات الوطنية، وضعفها في الوقت نفسه في ما يتعلق بالدعم التجاري، الذي يحتاجه الإعلام، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والبث التلفزيوني والإذاعي والطباعة، وما يتبع ذلك من أعباء مالية، يتطلبها توطين الكوادر المحترفة، أو استقطابها، ولاحظ الخبراء أن الإعلانات الحكومية في الإعلام المحلي التي تراجعت على نحو حاد في السنوات الأخيرة، ليست هي المدخل الوحيد لدعم مؤسسات العمل الإعلامي في الدولة، فهناك رعاية المحتوى، والبرامج والمبادرات التي تخدم الوزارات والهيئات والدوائر، وتقع أساساً في صلب استراتيجية الإمارات.
ولفت رؤساء تحرير صحف محلية إلى أن الصحافة الورقية أصبحت لا تغطي تكلفة الإصدار، بعد توقف التدفق الإعلاني إلى حد أن بعض الصحف فقدت 65% من دخلها نتيجة توقف الإعلانات، ما قد يؤثر ذلك على استمراريتها، مؤكدين أن الصحف المحلية ليست ربحية، بل مؤسسات إعلامية وطنية، لها دور وطني واجتماعي وسياسي، ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس ودعمها.
وبينما رفضت جميع الجهات التي اتصلت بها «الاتحاد» الإفصاح عن بند ميزانية الإعلانات السنوية، أظهرت الأرقام تراجع حصة الصحف العربية المحلية الرئيسة في دولة الإمارات من القيمة الإجمالية لإعلان الجهات والهيئات الحكومية خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث انخفضت بنحو 15% من حيث القيمة، و13% من حيث المساحة، مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي، وذلك بحسب أكثر من دراسة منشورة، لمراكز استطلاعات متخصصة.
في الإطار نفسه، امتدح مديرو اتصال وتسويق في جهات حكومية «التأثير الناجح» للإعلام المحلي في عرض القضايا والأخبار المحلية، بينما انقسم خبراء في الإعلام المحلي، حول فكرة دعم الجهات الحكومية، الصحف مالياً أو عن طريق زيادة حصة الإعلانات، حيث رأى البعض «وجود ضعف» في أداء الصحف، وعدم اهتمامها بقضايا المجتمع، وتالياً عدم الانتشار الواسع، ما تسبب في عزوف الجهات الحكومية عن الإعلان في الصحف المحلية.
ولكن لماذا أصبحت الصحف المحلية تتعرض لخسائر، وما تأثير ذلك على حاضرها ومستقبلها، وما دور وسائل التواصل الاجتماعي في حدوث هذه الأزمة، وهل هذه الخسائر يمكن تجنبها، وما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به الجهات الحكومية، سواء الاتحادية أو المحلية في الخروج من هذا المأزق، وماذا عن الحلول الأخرى الممكن اللجوء إليها أيضاً، ولماذا تقوم الجهات الحكومية بالإعلان في وسائل إعلام خارجية، ولا تكتفي بالإعلان في الوسائل المحلية؟.. هذه الأسئلة وغيرها كانت محور موضوع ملف «الاتحاد».
واقع إعلامي جديد
أكد سعادة الدكتور علي بن تميم، المدير العام لـ «أبوظبي للإعلام»، ضرورة النظر إلى الإعلام المحلي، بوصفه «حلاً، وليس مشكلة»، اتكاءّ على تاريخه وإنجازاته، مبرزاً أن «الدعم الحكومي المباشر هو الذي مكّن الإعلام من أداء رسالته في العقود الماضية، قبل الانفتاح الرقمي الهائل، وتزايد التنافسية الإعلانية، بفضل شيوع وسائل التواصل الاجتماعي». وقال إن ذلك «فرض واقعاً جديداً على الإعلام الحكومي، فزادت التكاليف، وتغيّرت طبيعة المحتوى، ما يعني أنّ استمرار المؤسسات الإعلامية المحلية مشروط بالنظر إلى قيمة الجهود التي تبذلها في المجتمع، والحرص على ديمومتها، ثم ترجمة ذلك إلى شراكات تجارية مع الهيئات الحكومية، وشبه الحكومية، وكذلك القطاع الخاص الوطني».
ودعا ابن تميم إلى «الاستمرار في تعزيز الخدمة العامة في التوجه الإعلامي، وتأكيد ذلك في الأنشطة والممارسات، خصوصاً أن المؤسسات الحكومية تقدم أنشطة تستحق أن تنعكس محتوى متقدماً في المنصات، وينبغي رغم ذلك ألا تتخلى الرؤية في الوقت نفسه عن البعد التجاري»، موضحاً أنه «مثلما يُطالب الإعلام دوماً برفع جودة المحتوى، يُطالب في الوقت نفسه بخفض التكلفة، ومن الصعب إدراك هذا الجانب والعلاقة بينهما».
واعتبر أن «المؤسسات الحكومية تحرص على أن تنعكس أنشطتها في الإعلام، لكنها ورغم إدراكها الأثر وأهمية حضورها، إلا أنها لا تريد أن يكون هذا في إطار رعايات المحتوى»، عازياً ذلك إلى «غياب الدراسات المستقلة واستطلاعات الرأي المحايدة، ما راكم التحدي في تقييم المحتوى الإعلامي، وأسهم بشكل عميق في الأحكام العشوائية في هذا السياق».
غير أن المدير العام لـ«أبوظبي للإعلام»، أكد أن «الإعلام في الإمارات يخطو خطوات نوعية، مستنداً إلى إرث قوي ومتين يعود إلى نصف قرن، ويمكن الإفادة منه في إسهاماته المستنيرة تنموياً في بناء الدولة، والميزة المستفادة أنه يتطور وينمو ويتغير على نحو إيجابي»، داعياً إلى «التعاون المستمر بين المؤسسات الحكومية وفق ما يخدم الهوية الوطنية، والإدراك بأن الإعلام شبكة اتصالاته بالقيادة والحكومة والشعب، تجعله قادراً على سبر أغوار التحولات بسرعة وكفاءة، وتدفق المعلومات والأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية، يجعله مبادراً باستمرار».
تحول مسار الإعلان
ورصد الدكتور راشد النعيمي، المدير التنفيذي للشؤون الإعلامية في المجلس الوطني للإعلام، نمواً ملحوظاً في الإنفاق الرقمي خلال السنوات الأخيرة، كمحصلة طبيعية لزيادة اعتماد الأفراد على المنصات الرقمية للحصول على المحتوى الإعلامي، سواء تعلق الأمر بالأخبار أو المصنفات الفنية بأنواعها.
وقال: «في منطقة الشرق الأوسط كانت النسبة الكبرى للنمو في قطاع الإعلام من نصيب الفيديو الرقمي، حيث وصلت نسبة نموه في الفترة (2016- 2018) إلى (30%)، والألعاب الإلكترونية (14%)، والكتب الرقمية (10%)، بينما تراجعت المطبوعات بنسبة (-3%)».
وأوضح أنه «بسبب هذا الانتشار الرقمي الهائل، ارتفع سوق الإعلان الإلكتروني بشكل كبير، وانحصرت المنافسة فيه بين «جوجل» و»فيس بوك»، حيث استحوذتا معاً على 60% من الإعلانات الإلكترونية في الولايات المتحدة، كما ظهرت أيضاً الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المؤثرين، ما ساهم في انخفاض إيرادات وسائل الإعلام التقليدية بشكل ملحوظ، ليس في منطقتنا فحسب، وإنما في جميع أنحاء العالم».
وأشار النعيمي، إلى أن تلك المؤسسات، خصوصاً الصحف، عملت على تطوير آليات للتكيف مع هذا التطور الكبير في الصناعة، عبر فرض الاشتراكات الإلكترونية مقابل الحصول على محتواها الرقمي، أو تشكيل تحالفات تضم عدداً كبيراً من الصحف لتشكل معاً منصة إعلانية موحدة لتشجيع المعلنين على الاستثمار الإعلاني فيها، بحيث ينشر الإعلان في جميع الصحف في وقت واحد.
وأضاف: «نحن في المجلس الوطني للإعلام نسعى لتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية تحفز هذه الصناعة على النمو والتطور في بيئة تنافسية عادلة، يكون فيها جميع المعلنين حاصلين على رخص لممارسة الأعمال التجارية، ويقرر المعلنون المنصة المناسبة لهم، حيث أصدرنا نظام الإعلام الإلكتروني في وقت سابق من هذا العام، وقد سجلت فيه أكثر من 80 شركة حتى الآن، كما نعمل حالياً على إصدار لائحة متخصصة في معايير المحتوى الإعلاني على وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية، سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق».
تأمين الصحف
وأكد حمد عبيد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، أهمية اتخاذ الخطوات الفعلية لإنقاذ وتأمين مستقبل وسائل الإعلام المحلي التي تتعرض للنزيف والجفاف المالي بسبب ضعف الإعلانات فيها، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام المحلية نمت مع الدولة منذ قيامها على مدى العقود الأربعة الماضية، وتعتبر جزءاً مهماً من نسيج المجتمع الإماراتي.
وقال الكعبي: «معظم وسائل الإعلام عملت على مواكبة التحول الرقمي للإعلام، من خلال النشر الإلكتروني امتداداً لمنشورات الطباعة، ولكن حديثنا ليس عن نوعية الصحيفة الورقية أو الإلكترونية، بل يتمحور نطاق الحديث حول الخسائر المادية التي تتعرض لها وسائل الإعلام المحلية، والتي قد تُجبر بعضها على الإغلاق، ما يعتبر خسارة لمصدر ذي مصداقية ومُوثق حقيقي لإنجازات الدولة ومؤسساتها وأفرادها».
وأضاف: «قد تضطر بعض الصحف لتخفيض عدد صفحاتها، والتخلي عن بعض الموظفين، ولا تعتبر هذه التدابير كافية، فهناك تكاليف مرتفعة مرتبطة بالورق والحبر والموظفين وغيرها»، مشيراً إلى أن تقلص سوق الإعلان في الصحف المطبوعة وغيرها من وسائل الإعلام التقليدية، يرجع لتفضيل البعض الإعلان عبر الشبكة العنكبوتية، لافتاً إلى أن النشر الإلكتروني لا يحقق عائدات كافية لتغطية تكاليف العملية بأكملها لطباعة الصحف.
وشدد الكعبي على ضرورة وجود تشريعات حكومية ومبادرات من شأنها أن تحمي مصالح المؤسسات الإعلامية الوطنية حتى تستمر في عطائها وتقدمها وتطورها، فهي المصدر الموثوق والدقيق المعتمد على المصداقية لخدمة الدولة.
مرحلة صعبة
من جانبه، رأى سامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة «الإمارات اليوم» أن الإعلام المطبوع لا يمر بأفضل حالاته على مستوى العالم، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي تواجه الإعلام في الإمارات، بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن ذلك لا يعتبر سبباً رئيساً، لأن وسائل الإعلام المطبوعة واكبت هذا التغيير، وأصبحت موجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، ووسعت من قاعدتها وانتشارها.
وقال الريامي: «تبقى المشكلة في الدعم الإعلاني، فالمعلنون لم يتوجهوا إلى الإعلان الرقمي بشكل كبير أو بشكل يغطي تكاليف المؤسسات الإعلامية الكبيرة، التي تمتلك موظفين ومكاتب وتكاليف خاصة بها، ومهما كانت قيمة الإعلان في الإعلام الرقمي، فإنه لا يغطي تكاليف إصدار المطبوعة واستمراريتها، لذلك من الطبيعي أن تواجه وسائل الإعلام المطبوعة في الإمارات مشاكل مالية على الرغم من انتشارها الكبير على مستوى التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، لكن تظل المشكلة في المردود الإعلاني القليل».
وطالب الريامي بدعم هذه المؤسسات باعتبارها مؤسسات وطنية في المقام الأول تخدم المصلحة العامة، وهي ليس مؤسسات إعلامية ربحية، بل مؤسسات إعلامية وطنية، تمتلك دوراً وطنياً واجتماعياً وسياسياً، ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس ودعمها، موضحاً أن الكثير من الدوائر والوزرات والمؤسسات الحكومية عندما تقرر تقليل نفقاتها، فإن أول ما تتجه إليه هو قطع الإعلانات وتخفيفها بشكل كبير عن الصحف، ما يؤثر بلا شك على الصحف المطبوعة بشكل مباشر.
وأشار الريامي، إلى أن جميع الجهات تحتاج إلى الصحف المطبوعة، ولا يمكن تخيل وجود دولة مثل الإمارات من دون هذه المؤسسات الإعلامية العريقة، وأن اختفاء أي مؤسسة إعلامية سوف يلقي ظلاله بشكل سلبي جداً على مستقبل الإعلام في دولة الإمارات، حيث إن جميع فئات المجتمع محتاجة لهذه المؤسسات، لافتاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لن تحل محل هذه المؤسسات الموثوقة ولن تغطي مكانها في حال اختفائها، فهي مصدر ثقة وهي مصدر الخبر الصحيح والموثق، وكل مؤسسات الدولة في حاجة لها، ولا بد من تكاتف الجميع ودعم هذه المؤسسات بشكل مباشر من قبل المعنيين بهذا الأمر.
مفهوم خاطئ
وعزا عبدالله رشيد، مدير مكتب «جلف نيوز» في أبوظبي، العلاقة التي أصبحت «باردة» مؤخراً بين وسائل الإعلام بشكل عام والصحافة على وجه التحديد مع معظم الجهات الحكومية، إلى طريقة تفكير المسؤولين من الجيل الجديد، «جيل الديجتال» الذين لا يؤمنون كثيراً بأهمية وسائل الإعلام التقليدية، مع علمهم في الوقت نفسه بقوة هذه الوسائل، وعندما يحتاجون لأمر، فإنهم مباشرة يتجهون لوسائل الإعلام التقليدية، موضحاً أن توقف التدفق الإعلاني أثر على بعض الوسائل الإعلامية، وأن بعض الصحف فقدت 65% من دخلها نتيجة توقف الإعلانات، ولربما يؤثر ذلك على استمراريتها.
وقال: «كما يعود سبب تراجع العلاقة بين الصحافة والجهات الرسمية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فأغلب الجهات الحكومية تنظر لوسائل التواصل الاجتماعي بأنها حلت مكان الصحافة، وهذا خطأ كبير ومفهوم غير واقعي وغير منطقي، خصوصاً عندما اعتبرت الجهات أن (نجوم) مواقع التواصل الاجتماعي، إعلاميون رغم عدم توافر صفات ومميزات الصحفي والإعلامي لديهم».
ولفت رشيد، إلى أنه ليس بمقدور أحد أن يقدم مجهوداً كالذي تقدمه وسائل الإعلام المحلية، فالدور الاجتماعي للصحافة والإعلام أكبر بكثير من وسائل التواصل الاجتماعي، فالصحافة تحمل على عاتقها مسؤولية وعي المجتمع، ومسؤولية توصيل مبادئ وأخلاقيات ومُثل لأفراد المجتمع.
وأكد ضرورة إعادة النظر وإعادة صياغة العلاقة بين الجهات الحكومية والصحافة، بحيث تعيد النشر الإعلاني في الصحف كجزء من الشراكة بين الطرفين، فالكثير من المسؤولين يؤمنون بأن هناك شراكة بين الإعلام والجهات الحكومية، وعندما يؤمن المسؤول بهذه الشراكة، إذاً فالجزء الأساسي من الشراكة أن تساهم الجهات مثلما تساهم الصحف معها، فالمؤسسة الإعلامية والصحف ليست طرفاً واحداً ويجب أن تكون الاستفادة متبادلة بين الجهتين.
ضوابط الإعلان والترويج للشركات والجهات الحكومية بأبوظبي
ينص دليل استخدام وسائل الإعلان والترويج للشركات والجهات الحكومية الصادر عن حكومة أبوظبي عام 2015، على أنه يتوجب على الجهات الحكومية اتباع أفضل الممارسات في التخطيط للمادة الترويجية، حيث إن التخطيط المسبق يسهم في فعالية الترويج من حيث التكلفة ومن حيث نجاح إيصال الرسائل المرجوة للجمهور المستهدف. وفي هذا السياق، ينبغي على الجهات الحكومية إعداد خطة ترويجية تكون جزءاً من الخطة الإعلامية السنوية التي تتم موافاة مكتب الاتصال الحكومي بها.
ويجب أن تتضمن تحديد الأهداف المرجوة من الترويج، وتحديد الجمهور المستهدف وفقاً للأهداف الموضوعة. كما ينص الدليل على أنه يتعين على الجهات والشركات الحكومية، اختيار الوسائل والمنصات الإعلامية الأنسب من حيث فعاليتها وتأثيرها على الجمهور المستهدف، وتحقيقيها للأهداف الترويجية.
ويعرف الدليل المادة الترويجية على أنها أي منتج تقوم الجهة أو الشركة بتصميمه أو تطويره بهدف توعية الجمهور أو تثقيفه أو الترويج أو التسويق للجهة أو للشركة أو خدماتها أو مشاريعها.
قيمة الخبر أربعة أضعاف قيمة الإعلان
تحدث مصطفى الزرعوني، مدير تحرير صحيفة الخليج تايمز، عن وجود ضعف في السياسات التحريرية للصحف مع الجهات، لافتاً إلى أن «الصحف الإماراتية في طبيعتها خدمية، تخدم توجه الدولة بتقريب وجهات النظر بين الدولة أو الجهات الحكومية والخدمية من جهة، والمجتمع من جهة ثانية، وبالتالي طرح القضايا من كلا الطرفين».
وذكر أن الصحف المحلية في الفترة الماضية، ركزت على الجانب الحكومي كرسالة إلى أفراد المجتمع من الجهات الخدمية، سواء كانت حكومية أو شبه حكومية، حتى الخاصة، وليس العكس، حيث لم يعد هناك نشر لآراء أفراد المجتمع حول أداء الجهات الحكومية أو الخاصة، ما منح هذه الجهات القوة في فرض نشر أخبارها على الجرائد دون وجود أي جانب نقدي أو رقابي على ما تقوم به، وتدريجياً أصبحت المؤسسات تتمادى في طلباتها، حتى أصبحت ترسل الأخبار بالعناوين والصور والمساحات التي تريدها.
وأضاف الزرعوني: «هناك ضعف إعلاني في الوقت الحالي، وقد يؤدي ذلك إلى عملية عكسية، وهي تقليص مساحة الصحف وعدد صفحاتها، على سبيل المثال كانت الصحف تطبع 110 صفحات يومياً، أما اليوم فبعض الجرائد وصلت صفحاتها إلى 36 صفحة؛ لأن عليها إلغاء العديد من أخبار الجهات والمؤسسات، ما تسبب بنوع من الإزعاج لمسؤولي تلك الجهات، لكن مع مرور الوقت سوف يعتادون طبيعة الصحيفة وتعاملها مع الجهات».
وأكد أننا سنشهد اعتراضات من عدد من الجهات على بعض الصحف، وتوجيه النقد إليها لأشهر عدة، وبعدها سوف تعتاد الجهات التعامل مع الوضع الجديد لهذه الصحف، حتى في حالة طرح بعض المواد النقدية أو بعض الملاحظات على الخدمات المقدمة من هذه الجهات.
وفي شأن الإعلانات الجهات الحكومية، قال الزرعوني: «نعلم أن قيمة الخبر أربعة أضعاف قيمة الإعلان، وبالتالي فإن الأخبار أهم من الإعلان، وعندما تقلص الجرائد هذه الأخبار، فإن الجهات سوف تضطر إلى نشر الإعلانات في الصحف».
جهة تصدر 1700 خبر سنوياً!!
لفت مصطفى الزرعوني، مدير تحرير صحيفة الخليج تايمز، إلى أن إحدى المؤسسات الحكومية، تقوم بإرسال 1700 خبر في السنة الواحدة، بمعدل خمسة أخبار في اليوم، وأن أغلب الأخبار تعتبر داخلية تخص المؤسسة، وهي جزء من عمل المدير العام في تفقده لأقسام الإدارات المختلفة، وتجبر الصحف على نشر هذا النوع من الأخبار.
وعزا السبب الرئيس لذلك، إلى ضعف لدى بعض رؤساء التحرير، بالإضافة إلى تعيين مسؤولين إداريين وتنفيذيين ينظرون لمصالحهم الشخصية وزملائهم في الجهات الخدمية، وبالتالي افتقدت الصحافة أدوارها الرقابية، وأصبحت تابعة للجهات وكأنها مطبوعة خاصة ببعض الجهات، ما أفقد الصحافة دورها وبريقها، وبالتالي فقدت سلطتها وقوتها مجتمعياً.
15% انخفاضاً في قيمة الإعلانات الحكومية
انخفضت حصة الصحف العربية المحلية الرئيسة في دولة الإمارات، من القيمة الإجمالية لإعلان الجهات والهيئات الحكومية خلال النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 15% من حيث القيمة، و13% من حيث المساحة، مقارنة مع النصف الأول من 2017، وذلك بحسب بيانات شركة إبسوس للأبحاث والدراسات التسويقية العالمية، الأمر الذي اعتبره خبراء في سوق الإعلان والتسويق، إجحافاً بحق الصحف اليومية العربية الوطنية التي تضج بآلاف الأخبار المجانية لخدمة الجهات الرسمية والشركات الوطنية من القطاعين العام والخاص. وفي هذا الإطار، أشار مسؤولون حكوميون ومديرو شركات وطنية كبرى وخبراء إلى ضرورة تصحيح الخلل لمصلحة اعتماد آليات أكثر اتزاناً، تمكن الصحف العربية المحلية من الاستمرار والتطور، والقيام بدورها الوطني الأشمل. وأكد يونس الخوري، وكيل وزارة المالية، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن دعم الصحف المحلية على غيرها من وسائل الإعلام، يعتبر واجباً وطنياً على الجهات كافة في الدولة، ويجب الاستمرار في دعم الصحافة المحلية لإيصال صحافتنا إلى العالمية. وفي الوقت ذاته، يرى الخبراء أن الصحف اليومية العربية الإماراتية، تواجه منافسة غير عادلة، من قبل وسائل الإعلام الأخرى الإلكترونية، والشبكات الاجتماعية والمحطات المرئية، حيث بدأت تتجه الكثير من الجهات الحكومية والشركات الوطنية الكبرى من القطاعين العام والخاص نحو الوسائل الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي اعتقاداً منها بأن هذه القنوات هي الأسرع والأكثر قدرة على الوصول إلى الجمهور المستهدف، وفقاً لرمزي رعد، رئيس مجلس إدارة مجموعة «تي بي دبليو رعد». واتفق مع رعد، الخبير في سوق الإعلان والتسويق في السوق المحلية، محمود صلاح، الرئيس التنفيذي لشركة أمواج الخليج الفنية، والذي توصل إلى الاستنتاج ذاته، لكنه أوضح أن بعض الشركات والجهات الحكومية والكثير من الهيئات التي أصبحت خلال الفترة الماضية تعتمد بشكل كامل تقريباً على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإلكترونية، بدأت تستوعب العواقب والتحديات التي تواجهها في عمليات التسويق والترويج لعملائها.
خيارات وخدمات
في حين، أكدت شركات وطنية كبرى أن النشر في الصحف العربية المحلية، يؤتي ثماره بكل تأكيد، ويحقق أهداف المعلن، حيث أوضحت أمينة طاهر، نائب الرئيس للشؤون المؤسسية بمجموعة الاتحاد للطيران: «يؤدي الإعلام الوطني بدولة الإمارات، لاسيّما مؤسسات الصحافة الوطنية، دوراً محورياً في تحقيق المهمة المنوطة بالاتحاد للطيران والشركات الوطنية. ويمتد هذا الدور إلى محاور متعددة، تشمل تعزيز الوعي بآخر المستجدات على صعيد وجهات الشركة ورحلاتها، والتعريف بالخيارات والخدمات العديدة المتاحة للضيوف على الأرض وفي الأجواء، إلى جانب تغطية الفعاليات المجتمعية التي تقوم بها الاتحاد للطيران في دولة الإمارات ومختلف أنحاء العالم».
وأضافت: «نحن نعمل سوياً مع صحافتنا وإعلامنا الوطني من أجل تحقيق هدف مشترك يتمثل في ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز قطاعات السياحة والسفر لجذب المزيد من الضيوف لتجربة الضيافة الأصيلة التي تتميز بها دولة الإمارات». إلى ذلك، قال بنك أبوظبي التجاري إن الإعلام يلعب أحد أهم الأدوار في التنمية بمختلف مجالاتها، بما فيها التنمية الاقتصادية، مؤكداً أن الصحافة المحلية تقوم بدور كبير وحيوي في إلقاء الضوء على المساهمات المجتمعية من قبل المؤسسات المالية ودورها في نشر الوعي المالي، وإرساء أسس الصيرفة المسؤولة. وأشار البنك في تعليق صادر عنه، إلى مساهمة الصحافة المحلية في إبراز أهمية الكثير من المبادرات المجتمعية في مختلف المجالات الثقافية والصحية، بالإضافة إلى التوعية المجتمعية في مجال البيئة والاستدامة، وأهمية المحافظة عليها، وكذلك لعبت الصحافة المحلية دوراً كبيراً في تشجيع مبادرات توطين الوظائف في مختلف قطاعات الاقتصاد، وعلى مستوى القطاعين العام والخاص. وقال البنك: «نحن نعتمد على الصحافة المحلية في دعم جهودنا لإلقاء الضوء على منتجاتنا المالية المبتكرة وخدماتنا المصرفية الراقية، وكذلك إبراز التجربة المصرفية الفريدة التي نوفرها لعملائنا الكرام من خلال تبسيط الإجراءات والتعريف بالخدمات الإلكترونية وغيرها».
وأضاف: «وبناءً عليه، هناك مسؤولية كبرى على الشركات والمؤسسات كافة في القطاع العام والخاص في تخصيص الجزء الأكبر من ميزانيتها الترويجية والإعلانية للصحف المحلية لكون هذا هو الدخل والمورد الرئيس لهذه الصحف، وبما يسمح لها بالتطور والاستمرار بالقيام بدورها الوطني الكبير والمهم على أكمل وجه».من جهته، قال مصرف أبوظبي الإسلامي: «تعتبر الصحف من المنابر المهمة لنشر الوعي في المجتمع، ودعمها يعني دعم الوعي، ما يعزز من مسيرة النمو في كل قطاعات التنمية. وما زالت تحتفظ الصحف بوهجها وقيمتها من حيث الاستمرارية رغم تراجع مبيعات الصحف الورقية لعوامل عدة، نرى أن من أهمها تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، ووجود الصحف الإلكترونية». وأكد أن الصحف المحلية، مثل «الاتحاد»، ساهمت في إبقاء عملائنا ومساهمينا على اطلاع بمستجدات المصرف كافة، وعززت من شريحة عملائه والأطراف المعنية، ما ساهم بدوره في تعزيز مكانة المصرف على مستوى الدولة، منوهاً إلى أن الصحف ستواصل لعب دور حلقة الوصل الأهم بما لها من قدرة على الرصد والمتابعة والتحليل، وتسليط الضوء على مكامن القوة ونقاط الضعف. وشدد مصرف أبوظبي الإسلامي، على أنه يولي الصحافة أهمية كبيرة، ونضعها على رأس أولوياتنا لتكون أولى الجهات المطلعة على أنشطة المصرف كافة.
حصة الإعلانات
بموازاة ذلك، تباينت آراء أكاديميين وخبراء حول إمكانية دعم الجهات الحكومية للصحف مادياً، سواء من خلال زيادة حصة الإعلانات لها أو من خلال تقديم دعم مادي مباشر، وأظهر الرصد الذي أجرته «الاتحاد»، أن هناك وجهتي نظر مختلفتين، الأولى، عبرت عنها الدكتورة حصة لوتاه، أستاذ الإعلام بجامعة الإمارات سابقاً، قائلة: «علينا أن نفرق بين الحكومة والجهات الحكومية، أنا مع أن تدعم الحكومة المؤسسات الحكومية الإعلامية؛ لأن الحكومة إذا كان لديها أهداف تريد إعلاماً يخدم هذه الأهداف، لكن أن تقوم الجهات الحكومية بالدعم، فهذا أمر آخر». وعن تراجع نسبة إعلان الجهات والمؤسسات الحكومية في الصحف، قالت لوتاه: «يوجد ضعف في أداء بعض الصحف وعدم اهتمام بقضايا المجتمع، ما تسبب في عدم الانتشار الواسع، وبالتالي عزوف الجهات الحكومية عن الإعلان في الصحف المحلية». وذكرت أن «بعض الأخبار الحكومية الصادرة عن المؤسسات فيها مجاملات، وليس لها معنى، والهدف منها الترويج فقط، وأقل ما توصف به أنها (أخبار عادية)، ومن ثم فالصحف ليست مجبرة على نشر مثل هذا النوع من الأخبار، متهمة الصحف بمجاملة المصادر».
يجب الدعم
وقال الدكتور خالد الخاجة، عميد كلية الإعلام بجامعة عجمان سابقاً: «يتوجب على الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية إذا كانت تريد نشر أخبارها في الصحف والإعلان عن خدماتها، أن تخصص ميزانية لدعم هذه الصحف، فالحقيقة أنه يصعب استمرار الصحف وهي تخسر». وعن مدى صحة أن الإعلام المحلي غير مؤثر بالنسبة للجهات الحكومية، أكد الدكتور الخاجة، أن الصحف المحلية دورها مهم جداً، لكونها تقدم صورة لهذه الجهات وأخبارها وخدماتها، نافياً صحة ما يتردد عن ضعف دور الإعلام المحلي؛ لأن «القراء لا يثقون إلا في الصحف المحلية المدعومة من الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية». وحول أسباب العزوف عن إعلان الجهات الحكومية في الصحف المحلية، أوضح، أنه ليس شرطاً أن تعلن هذه الجهات في الصحف، حيث إن هذه الجهات ليس لديها كم كبير من الإعلانات، مقترحاً أن تقدم هذه الجهات دعماً مالياً مباشراً، يمكن الصحف من عدم التعرض لخسائر.
خطوة في اتجاه التصحيح
وأكد رمزي رعد، رئيس مجلس إدارة مجموعة «تي بي دبليو رعد»، أن أحدث الدراسات التي صدرت في لندن مؤخراً تظهر عودة نمو حصة الصحف المطبوعة من إجمالي الإعلان في بريطانيا خلال شهري يونيو ويوليو من العام الجاري (2018). وقال رعد: «تقوم الصحف اليومية الوطنية بدور فعال عبر نشر آلاف الأخبار والتقارير الصحفية والبيانات الصادرة عن الجهات الحكومية والمؤسسات والشركات الوطنية الكبرى، من دون مقابل، باعتبارها درعاً مهمة في تنمية الوعي الوطني العام، والترويج للمنتجات الوطنية، ودعم الانتماء الوطني، وتعزيز الثقافة الوطنية والتراثية العامة لشعب ودولة الإمارات القائمة على الوسطية ونبذ التطرف». بينما قال يونس الخوري، وكيل وزارة المالية: «إنه تجب المساهمة في توفير مقومات تطوير الصحافة المحلية»، مشيراً إلى أنه من الظلم المقارنة بين الصحف المحلية ومثيلاتها العالمية، وأنا شخصياً أرى في دعم الصحف المحلية واجباً وطنياً.
«الجهات الحكومية»: «الاتصال الاجتماعي» استولى على نسبة من الإعلان
وسط تساؤلات عن تراجع الإعلانات الحكومية في الإعلام المحلي، قال محمود المرزوقي، مدير إدارة الاتصال بالهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية: «الصحف المحلية مكملة وناقلة للمعلومة، ودورها كبير جداً، وهي الأساس، فهي مؤثرة بشكل كبير ومكمل لدور الجهات الحكومية، والإعلان الخارجي مرتبط بنقل رسالة إلى الخارج»، معتبراً أنه «لن يتم ذلك إلا من خلال هذه الوسائل الإعلامية الخارجية، وهذا يتم في حدود ضيقة، فليس كل الجهات الحكومية تقوم بالإعلان في وسائل إعلام خارجية، ولكن بعض الجهات نظراً لدورها وطبيعة مهمتها، مثل الجهات السياحية والاستثمارية، فهذه وسيلة لا يمكن إغفالها». وحول ما يثار عن قلة تأثير الإعلام المحلي، أكد المرزوقي، أن الإعلام المحلي يلعب دوراً محورياً في صدور الكثير من القرارات الحكومية، فالصحف مصدر رئيس لهذه القرارات، وهي السلطة الرابعة، وقوة تأثيرها معروفة. ورداً على محاولة ضغط الجهات الحكومية لنشر كل أخبارها، أكد المرزوقي، أنه ليس شرطاً ولا إلزاماً للصحف بذلك، فليس كل الأخبار مهمة، رغم أن كل جهة تعتبر خبرها مهماً، وهنا يأتي دور إدارات الصحف، فهي من حقها نشر الخبر من عدمه.
المهنية أولاً
وقالت آمال حسين، مديرة إدارة الاتصال والتسويق بهيئة الصحة في دبي: «إذا دعمنا الصحف، فيجب أن ندعم جهات أخرى، وليس الصحف فقط، فالأنظمة لا تسمح بتقديم دعم مالي لصحيفة بعينها أو صحف». وأضافت: «بالنسبة للدعم عن طريق الإعلانات، فهذا يحدث، لكن الإعلانات تكون محدودة، مثل التهاني، وذلك يكون مرتبطاً بميزانية تكون مخصصة لهذا الجانب، والإعلانات تغطي نسبة قليلة جداً من عمل وخطط الجهات، وبالتالي من الطبيعي أن تكون نسبتها قليلة في الصحف». ولفتت إلى أن الإعلام المحلي ليس مطالباً بنشر كل الأخبار الصادرة عن الجهة، فالخبر الجماهيري، يفرض نفسه؛ لأنه يحظى باهتمام الناس والمجتمع، مشددة على أن هناك حرية إعلامية للصحف، حتى وإنْ أدى عدم النشر إلى غضب بعض الجهات، فهناك أسس وجوانب مهنية، وفي جميع الأحوال لا يمكن إرضاء كل الناس، لكن المهم أن تؤدي الصحف واجبها، وهو ما يحدث. وحول أسباب قلة الإعلانات الحكومية في الصحف المحلية، أوضحت أن هناك أسباباً عدة، أبرزها أن وسائل الإعلام تنوعت، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تستحوذ على جانب مهم من هذه الإعلانات.
الإنفاق المدروس
من جهته، قال جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية: «نحن ننظر إلى وسائل الإعلام المحلية كأحد أهم الشركاء الفاعلين في تحقيق عنصر التكاملية في الجهود التي نضطلع بها لخدمة المجتمع، من خلال الدور الفاعل لهذه الوسائل في عكس الصورة الحقيقية للمؤسسة ونقلها بشفافية وموضوعية للمجتمع، كما نؤمن بالدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام المحلي في مجال توعية المجتمع بمجال عملنا كمؤسسة تعنى بسلامة الغذاء وتحقيق الاستدامة الزراعية ودعم الزراعة المحلية في إمارة أبو ظبي بشقيها النباتي والحيواني». وأشار الجهاز، إلى أنه نظراً لدور الصحف المحلية في تعزيز الوعي المجتمعي والارتقاء به، سواء بما يتعلق بمجالات عملنا في الجهاز أو ببقية المجالات الحياتية الأخرى، فإننا نتطلع دائماً لتقديم أكبر دعم ممكن لهذه الصحف من خلال نشر إعلانات المؤسسة، بما يتوافق مع الأدلة الحكومية ذات الصلة باستخدام وسائل الإعلان والترويج للجهات والشركات الحكومية?.
شراكة ناجحة
وأكدت شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، أن الصحف المحلية أحد أهم الوسائل الإعلامية التي تتعامل معها «صحة» للإعلان عن خدماتها الصحية وإنجازاتها، ويتم فعلاً تخصيص ميزانية لوسائل الاتصال والإعلام المعتمدة، من ضمنها الصحف، حيث للصحف المحلية دور كبير ومهم في نشر الأخبار. وأشارت «صحة»، إلى أن الصحف المحلية إحدى الوسائل الإعلامية المهمة في التأثير بالرأي العام، وتأثيرها في الجمهور يرتكز على مصداقية المعلومات التي يتم نشرها والقضايا التي تتم مشاركتها، ولطالما أحدثت الصحف المحلية، تأثيراً ناجحاً بعرض قضايا الرأي العام بشكل صادق من خلال عرض تصاريح لمختلف الجهات المعنية بشكل حيادي. وحول حجم الفائدة الذي تحققه «صحة» من خلال نشر أخبارها في الصحف المحلية، أفادت شركة «صحة» بأن لديها تعاوناً مثمراً مع الصحف المحلية، حيث يتم نشر الأخبار الصادرة كافة عن «صحة» وتغطيتها بصورة ملائمة، إلى جانب تعاون الصحفيين في ضمان مصداقية المعلومات التي يتم نشرها، وتفهم إجراءات ومتطلبات النشر التي تلتزم بها «صحة»، وهذا يعود بالفائدة على الشركة من خلال تعريف الجمهور بالإنجازات والخدمات الجديدة التي تقدمها.
تعاون مثمر
وأفادت دائرة الصحة في أبوظبي، بأنها تحرص على دعم وتعزيز دور الصحف المحوري في رفع الوعي الثقافي الوطني للجمهور، وترسيخ الصورة الإيجابية لدولة الإمارات داخل المجتمع الإماراتي، مشيرة إلى أنها تسلط الضوء على الإنجازات التي تحققها الدولة والسياسات التي تتبناها من خلال المؤسسات المعنية لتحقيق السعادة والرفاهية الاجتماعية لسكانها، فضلاً عن الترويج للخدمات والبرامج التي تقدمها للجمهور للاستفادة منها. ووفقاً للدائرة، فإن «الصحف المحلية تعتبر الذراع الإعلامية للمؤسسات والدوائر الوطنية لكونها أحد أهم المنصات الرئيسة التي تمكنها من الوصول إلى الفئات المستهدفة من المجتمع، فهي لا تزال مصدر معلومات يفضله البعض لمعرفة آخر المستجدات والأخبار المتعلقة بالدولة ومؤسساتها، وعليه نرى أهمية التعاون المثمر مع الصحف المحلية لإثراء دورها في تعزيز مسؤوليتها في ترسيخ وعي المجتمع والارتقاء به ثقافياً وفكرياً، وبناء الشراكات الوثيقة من أجل تحقيق الأهداف المشتركة». وأشارت الدائرة، إلى أنها لا يمكن تحقيق رؤيتها «أبوظبي مجتمع معافى» بمعزل عن الصحف المحلية التي تقوم بدورها على أكمل وجه في إيصال الأخبار الصحفية عن البرامج الصحية التي تتبناها، والسياسات واللوائح التنظيمية التي تعتمدها للارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية، الأمر الذي يسهم في الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة، وتحقيق الأهداف المرجوة.
الحارثي: السوق الإعلاني بشكل عام في انخفاض
قال عبدالرحمن الحارثي، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون «الإعلام يؤدي رسالة، والإعلام التقليدي لم يعد تقليدياً، فالإعلام هو المحتوى، لكن تختلف المنصات، جميعهم يقدمون المحتوى نفسه، وأصبح التحدي بأن يكون المحتوى لهذه المنصات ملائماً ومواكباً للتغير التكنولوجي السريع بوجود المنافسة القوية». مضيفاً «المُلاحظ بأن منصات التلفاز والإذاعة لديها منصات ضمن الإعلام الرقمي، متضمنة موقعاً إلكترونياً وحسابات تواصل اجتماعي، وهي مواكبة ومتفاعلة، ويتم إنتاج أفلام خاصة بها».
ولفت إلى أن السوق الإعلاني على مستوى عالمي تغير إلى الاتجاه الرقمي لأسباب عدة، منها التكلفة الأقل والانتشار الأوسع، إضافة إلى سهولة قياس نسب المشاهدة، أو الاستماع إلى الإعلان، ما يعطي المعلن فكرة عن مدى انتشار إعلانه، موضحاً أن أغلب القنوات باتت تبيع الإعلان التلفزيوني مع الإعلان الرقمي، حيث يأتي ذلك من مبدأ تحقيق الانتشار الأوسع، والوصول لأكبر شريحة، كل على حسب متابعته.
وأشار إلى أن السوق الإعلاني بشكل عام في انخفاض، بسبب تخلي العديد من الجهات عن ميزانية التسويق والإعلانات، ما يؤثر سلباً على المؤسسات الإعلامية، مؤكداً في الوقت ذاته أن التلفزيونات والصحف المحلية والإذاعة، وسيلة إعلامية يجب أن تكون موجودة في جميع بلدان العالم، للحديث عن الشأن المحلي، والدولة والمشاريع فيها في مختلف المجالات حتى الرياضية، كما أنها تروج للدولة سياحياً واقتصادياً، وتعتبر القنوات المحلية أحد أهم الوسائل الإعلامية التي لا يمكن التخلي عنها، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها.
عبيد الزعابي: الإعلام الجديد بيئة خصبة لانعدام الاحترافية
أكد الدكتور عبيد سيف الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، أن الدور الحيوي الذي تقوم به الصحافة ووسائل الإعلام في تنوير المجتمعات وتوفير المعلومة والتثقيف وتشكيل الرأي العام، يجعلها جديرة بدعمها، وتقديم كل سبل العون لها.
وقال: «قد يمتد ذلك ليشمل المساهمة في توفير جزء من تكلفة الطباعة، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الورق أو تشجيع الجهات المختلفة على تخصيص جزء من الميزانية المخصصة للإعلان الذي ينشر في الصحف اليومية والقنوات الرسمية للدولة».
وأضاف: «قد يتضمن ذلك توفير دعم مالي وتقني وأكاديمي لتدريب المحررين والإعلاميين على التقنيات والأساليب الحديثة في مجال العمل، بما يسهم في تعزيز قدرتهم على الارتقاء بالمنتح الإعلامي المقدم للجمهور، ومواجهة المنافسة المتزايدة مع وسائل الإعلام الجديد (شبكات التواصل الاجتماعي والمدونات والمنتديات الإلكترونية)».
وأكد الزعابي، أن مهنة الصحافة عمادها المصداقية، وهو أمر تنخفض نسبته في شبكات التواصل الاجتماعي، على العكس من الصحف التي تحظى بنسبة احترام وثقة من القراء، ولديها نظام مؤسسي يمكن من تحقيق أعلى درجة من المصداقية ومحاسبة المخطئ.
ولفت إلى أن الصحف، سواء كانت ورقية أو رقمية، تستطيع أن تسهم في عملية التنمية من خلال تعبئة القراء نحو تحقيق هدف معين كالقضاء على الأمية أو محاربة الإرهاب، وهي في هذه الحالة تتمتع بميزة القدرة على الفصل بين الخبر الموضوعي من ناحية والرأي غير الموضوعي (الذاتي) من ناحية أخرى، بينما نجد أن الحابل يختلط بالنابل في الإعلام الجديد، ولا توجد قواعد أو سياسة تحريرية تميز بين كل من الرأي والخبر.
وقال: «كما أن المادة التي تنشر في الصحف تكون أقل خطأ بالمقارنة لما ينشر في شبكات التواصل نظراً للاحترافية التي يتمتع بها الصحفي بالمقارنة لكاتب المنشورات على وسائل الإعلام الجديد، فضلاً عن التزامه بأخلاقيات المهنة وإدراك أنه يخضع للمساءلة ومبدأ الثواب والعقاب على عكس الحال من مستخدمي (فيسبوك) و(تويتر) وغيرها».