غالية خوجة (الشارقة)
تساءل د. عبد الخالق عبد الله عن التيار العربي القومي الناصري وحضوره ورموزه وتأثيره في الانتماء العروبي لدولة الإمارات، وماذا تبقى منه؟ وكيف برز وانحسر؟ ولماذا؟ وهل بإمكانه التجدد؟ وما خصوصية التيار العربي القومي في الإمارات؟
وذلك أثناء تقديمه وإدارته لمحاضرة (الفكر العربي القومي في الإمارات.. صعود وتراجع أم تجديد؟)، التي نظمها فرع دبي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أول أمس، بحضور عدد كبير من الشخصيات الثقافية والفكرية والمهتمة من كافة أرجاء الإمارات.
وأجاب المفكر د. يوسف الحسن، عن أكثر من هذه الأسئلة، مبتدئاً بمفهوم التيار الفكري الذي لا يعني بالضرورة تنظيماً أو حزباً، لأن الأمة العربية كان أفقها في خمسينيات القرن الماضي التحرر من الاستعمار والتبعية، والسعي إلى التكامل العربي والوحدة العربية. مشيراً إلى تداخل العوامل واشتباكها، كالدور التاريخي لعدد من المفكرين أمثال عبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وشكيب أرسلان وساطع الحصري، ومساهمة الثورة العربية الكبرى 1916 في البحث عن منطقة عربية فكانت هذه المنطقة بلاد الشام، وكيف ظلت القضية الفلسطينية محور العروبة، رغم الدور الذي لعبته اتفاقية سايكس بيكو.
وتابع: ثم انتشر الفكر النهضوي ولمع جمال عبد الناصر في مصر، وكانت القاهرة مركزاً ثقافياً إعلامياً وعروبياً، وتأسست الجامعة العربية، وفي مرحلة النضوج القومي، لم تكن تعنينا الطوائف والأديان، فهل هذا مما جعل الإسلام حكراً للتيارات الإسلامية السياسية؟ أم لأنه التفت إلى الشباب واستقطبهم؟ ثم ما أسباب هذا التراجع القومي؟ هل لأن التيار الناصري اعتمد على كاريزما القائد، أم لأن الديمقراطية ليست من أولويات الأحزاب؟
وأضاف: وصلت النهضة إلى دبي من خلال الكتب والمنشورات والتواصل مع الأدمغة العربية، وأثناء العدوان الثلاثي برزت مظاهر الانتماء العربي بشكل كبير، كما لعبت الكويت في ستينيات القرن الماضي دوراً قوياً في هذا المجال، وكان النفوذ واليقظة والالتقاء بوصلة في اتجاه الوحدة، وهذا أسس أول المواقف المتجهة إلى الاتحاد 1968 بتوق شعبي حقيقي ورغبة الحكام، وصولاً إلى 1970، حيث ظهر شكل من أشكال الاتحاد السباعي، وكان الرعيل الأول من الوزراء والدبلوماسيين مؤمناً بفكرة العروبة.
وأكد الحسن: يسجل التاريخ للشيخ زايد موقفه العربي في حرب أكتوبر وكيف جعل النفط سلاحاً في الدفاع عن القومية العربية، وكذلك تجربة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومبادراته العربية، وتجربة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الكاتب في التاريخ والأدب الذي يجسد نموذجاً لهذا الفكر الحضاري الإنساني.
وتابع: المد القومي مر في مراحل نكوص وعطب، تجمّد عند لحظة الدولة القطْرية، وجعلنا نتساءل: هل الدولة القطْرية الوطنية هي المنطلق أم الوحدة؟ الدولة الوطنية مبنية على القوة والعدالة والقانون لتنجز «المواطنة»، وتجربتنا في الإمارات دليل، لكن، هل هناك تجديد؟ مبادراتنا الإماراتية للنهوض الوطني والقومي والعروبي، كثيرة، منها مراكز للشباب، ونوادي الفكر، وتحدي القراءة العربي الذي استقطب 30 مليوناً من الشباب العربي، الاهتمام بالمرأة وضرورة دورها الفاعل، وهي حالة تجديد وسعي نحو نهوض عربي، إنها زراعة الأمل في تربة الإحباط.
وعقب المحاضرة دار نقاش طرح خلاله الحضور أسئلة شائكة مثل: ماذا أعطانا التيار العروبي القومي خلال 40 سنة، بينما المطلوب هو التيار الإنساني؟ القضية الفلسطينية في حالة تذويب، أين المستقبل؟ لماذا اختُطف التعليم؟ أليست المدرسة والجامعة من أهم العوامل المؤسسة للعروبة والقومية؟ أليست نكبة اليوم هي نكبة الهوية؟ أوَليس الفكر العربي هو نوع من الانتماء، ما الحل ونحن نلاحظ كيف تأسس جيل مع القومية وجيل أضاع البوصلة؟