اعتبرت القاصة الدكتورة سعاد العريمي، أستاذة الأدب العربي في جامعة الامارات بالعين، أن أرفع مستوى أدبي بلَغَه السرد الإماراتي كان خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي “لأنه لم يكن معزولا عن امتداده ومحيطه العربي الأعمق، فكان للمدّ القومي آنذاك انعكاسا إيجابيا على السرد الإماراتي ما جعله في موقع التماس التامّ مع القضايا العربية وعلى تفاعل مستمر مع محيطه الطبيعي الأمر الذي ميّز القصة القصيرة في الإمارات عن سواها من ما يُكتَب عربيا، الأمر الذي تراجع الآن” وأضافت العريمي في ورقتها التي قرأتها في إحدى جلسات ملتقى الشارقة السابع للسرد الذي عُقد مؤخرا في الشارقة “إن المعطيات الثقافية والاجتماعية والسياسية هي التي تحدد وتشكل الرؤية الفنية للقصّ الأدبي”. “الاتحاد” التقت الدكتورة سعاد العريمي التي أكدت من خلال ردها على سؤال تعلّق بالأدب بوصفه تعبيرا بقولها على أنه “بالفعل، فالكتابة كذلك، لكن يجب أن تشتمل الرؤية لدى الكاتب على منحى إنساني، لأن الأدب المغرق في الذاتية لا يصل إلى القارئ مثلما يصل سواه، خاصة عندما تكون الرؤية إلى الكتابة ودورها أكثر انفتاحا”. وتقول “بسبب تركيز القصة المحلية على الذاتي والمحلي والإقليمي الأمر الذي جعل الرؤية الإبداعية للكتابة ضيقة أكثر من أي وقت مضى، في الوقت ذاته انحسر فيه ذلك المدّ القومي، مما دفع نتائج هذا الإغراق في الذاتية والمحلية العديد من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية إلى الاهتمام بما أسمتهم “الكتّاب الناشئين” وأكدت أن “هذا الاهتمام غير المسبوق جدا، الذي كان في ما مضى موزعا على مختلف الحقول الابداعية، يتركز الآن في حقل الأدب بشكل مباشر، وبإسهام من الإعلام والصحافة أيضا” داعية هذه “المؤسسات إلى التريُّث وإعطاء كل موهبة فرصتها الحقيقية كي تنضج وتنمو وتتنفس هواء نقيا فتختمر عجينتها بهدف تعميق التجربة القصصية في الإمارات عموما لا العودة بها إلى بداياتها الأولى”. وأرجعت العريمي أسباب هذا الاهتمام الناشئ لدى المؤسسات إلى “حرص الدولة على بناء نفسها في كل الاتجاهات وبشكل ديناميكي، لأن الآداب والفنون هي من الأعمدة المهمة عند تأسيس القاعدة الحضارية لأية دولة، لكن هذا يستدعي خلق مسار أدبي بأكمله ضمن تعاقب أجيال وليس بقرار مسبق، إذ أن الأدب في شكله الناضج هو المسؤول عن إيجاد تيّار أدبي ذي خصوصية معينة بعد أن ينتهي من مرحلة التجريب والبحث ثم ينتقل إلى مرحلة التأسيس الذي لا بدّ أن يعقب التريث، لا أنْ يسبقه، في التعامل مع المواهب”. وفيما يتصل بشيوع الكتابة القصصية بين النساء أكثر من الرجال في الأدب الإماراتي، في السنوات الخمس الأخيرة على الأقل، أوضحت القاصة العريمي بقولها “دعني اولا أشير إلى أن المرأة الإماراتية ما زالت منفصلة سيكولوجيا عن محيطها الخارجي ومقصية عن المشاركة في اتخاذ القرار، كما أن مشاركتها في العمل العام أيضا ما تزال سطحية”. وأضافت “من الصحيح أن المرأة الإماراتية قد تعلّمت وحازت شهادات عليا وموجودة في كل مكان في الدولة تقريبا، لكن الدولة هي التي وضعتها في هذا الموقع أو ذاك في حين أبقاها المجتمع كما هي”. معتبرة أن هذا الأمر يفسر جزئيا شيوع الكتابة لدى النساء أكثر من الرجال “فجاء تحويلها الهمّ العام إلى إبداع كردّ فعل على ما سبق قوله، وهكذا نجد أن المرأة تقول نفسها بسبب المساحة الضيقة للتحرك الفني والثقافي والاجتماعي وبالتالي الإنساني”. وختمت صاحبة “رأس ذي يزن” وسواها من المجموعات القصصية لقاءها مع “الاتحاد” بالقول “هكذا يصير الأدب متنَفَّسا لهنّ ونوعا من التعبير ومحاولة إبراز قدرات الذات خصوصا أن تراث المرأة في (فن الحكي) أعرق مما هو لدى الرجل بكثير. فلنتذكر أن شهرزاد كانت امرأة وستبقى كذلك”.