أصاب القلق مصانع الغزل والنسيج في مختلف انحاء العالم جراء النقص العالمي في انتاج القطن مما جعل اسعاره تبلغ ارتفاعاً لم تشهد مثله خلال اكثر من عقد من الزمان، ومن المتوقع أن ترتفع اسعار الملابس القطنية بما فيها الجينز والقمصان “تي-شيرت” وغيرها. وبلغت اسعار القطن مؤخراً دولاراً مقابل الرطل الواحد وذلك للمرة الثانية فقط منذ اندلاع الحرب الأهلية في اميركا، كما ظلت استخدامات القطن العالمية دون مستويات الذروة التي بلغتها قبيل الازمة المالية العالمية. وقادت كميات القطن الشحيحة وما تبعها من تحول المزارعين لمحاصيل اكثر ربحية، الى تراجع حجم سوق القطن العالمية، ونتيجة لذلك حذر المحللون في الحكومات المختلفة من انخفاض مخزون القطن لمعدلات لم يشهدها منذ اكثر من عشر سنوات. وعلى هذه الخلفية، تتنامى الشكوك حول موسم الانتاج القادم في الصين واميركا والهند، وقاد ذلك مصانع الغزل والنسيج لشراء بالات القطن كاحتياطي يجعلها قادرة على مقابلة الطلب في المستقبل، ويقول دوج كريستي مدير كارجيل للقطن اكبر الشركات التي تعمل في تجارة سلعة القطن في العالم “من الواضح أن موجة الطلب هذه آخذة في الارتفاع اكثر مما كانت عليه في الماضي”. وفي الولايات المتحدة، أكبر دولة مصدرة للقطن في العالم، لم يكتمل حصاد القطن سوى بنسبة 13% فقط مما يتيح مساحة كبيرة لوقوع الاخطاء قبل أن يتجه المزارعون لاكمال بقية عملية الحصاد، أما في الصين أكبر منتج ومستهلك للقطن، فتهدد الامطار الثقيلة غمر لوزة القطن واتلافها قبل حصدها. وفي غضون ذلك، تتوقع مصانع الغزل والنسيخ في مختلف انحاء العالم زيادة استخدام القطن بنسبة 3% هذا العام وذلك حسبما ادلت به وزارة الزراعة الاميركية. وتقدر الوزارة ان تجود المزارع الهندية هذا العام بمحصول وفير يرتفع معه معدل الانتاج بنسبة 12%. لكن تسعى مصانع الغزل والنسيج في الهند جاهدة لتمديد الحظر الذي فرض على صادرات القطن في وقت مبكر من هذا العام، مما يهدد ببقاء بالات القطن بعيدة عن الاسواق العالمية، وفي باكستان دمرت الفيضانات محصول القطن هذه السنة. ويذكر أن آخر مرة بلغت فيها اسعار القطن دولاراً للرطل الواحد كانت في العام 1995. وحالياً انخفض معدل التخزين العالمي للقطن مقارنة بنسبة استخدامه لما دون 40% وهو مستوى التغطية الذي يثير قلق المصانع التي تقوم بشراء السلعة. ومن جهة اخرى، اختلف سوق القطن عما كان عليه قبل 15 عاماً، حيث اختفت مصانع الغزل والنسيج الاميركية من الساحة نتيجة لانخفاض تكلفة المنافسين الخارجيين مما ادى لانخفاض الاستهلاك المحلي الى ثلث ما كان عليه قبل 15 عاماً. وفي هذا الوقت، ضاعفت كل من الصين والهند اكبر وثاني مستخدمي القطن في العالم، من استهلاكهما. وبرزت دول مثل تركيا وبنجلاديش وفيتنام كمصادر قوية لطلب سلعة القطن. وتبع انتعاش عقود القطن الآجلة في بورصة نيويورك للعقود الآجلة، نشاط كبير في بورصة زينجشو الصينية التي تتم فيها تجارة القطن المحلي. وعلى ضوء ذلك، ارتفعت واردات الصين من القطن لاكثر من الضعف في الثمانية اشهر الاولى من 2010. وتجاوزت اسعار القطن في الصين في بعض الحالات 1,40 دولار للرطل الواحد. وليس هناك تأكيد حتى الآن يشير الى تأثير غلاء القطن على اسعار الملابس القطنية التي تباع في المحال التجارية، وحذرت شركات صناعة الملابس مثل ليفي إستراوس ونيكست وفي أف التي تصنع علامات تجارية مثل جينز ليفايز، من ارتفاع اسعار منتجاتها. لكن وفي غضون الازمة المالية التي ادت للاحجام عن الشراء، تطلب شركات التجزئة من المصانع تحمل زيادة تكاليف الانتاج. كما انخفضت أسعار الملابس في أميركا في شهر اغسطس الماضي بغض النظر عن ارتفاع اسعار القطن، واقدم المضاربون وصناديق التحوط على ضخ اموالهم في سلعة القطن التي بدأت اسعارها في الارتفاع منذ مطلع يوليو املاً في جني أرباح أكثر. واحيى ارتفاع الاسعار بنسبة 35% خلال هذا العام، ذكرى ارتفاعها الكبير الذي شهدته الاسواق في مارس 2008. ويدرك تجار القطن ومنذ وقت طويل الشح الذي كانت تعاني منه الاسواق عندما كان الطلب منخفضاً في 2008 والمخزون متوافراً. (عن فاينانشيال تايمز) ترجمة: حسونة الطيب