ساسي جبيل (تونس)

تهافت جمهور أيام قرطاج السينمائية، على قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة، لمشاهدة الفيلم السوداني الروائي الطويل «ستموت في العشرين» للمخرج أمجد أبو العلاء، الذي أعاد السودان إلى ساحة الفن السابع ومجال صناعة السينما بقوة، بعد غياب طويل عن عالم الإنتاج السينمائي.
وتدور أحداث الفيلم، الذي أبهر الجمهور التونسي، في مدينة «أبو حراز» السودانية، حيث يولد طفل يدعى «مزمل» تأخذه أمه إلى شيخ هرم بالمنطقة، بغرض مباركته وتمني العمر المديد له، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان حيث تنبأ ذاك الشيبة بموت الطفل في العقد الثاني من عمره، وفي تلك البيئة التي يغلب عليها نزعة التدين الصوفي، تصبح نبوءة هذا المشعوذ في أذهان الناس حقيقة مثبتة لا يمكن تكذيبها أو التشكيك فيها، ومنذ تلك اللحظة تنقلب حياة الأبوين رأساً على عقب حيث لاذ الأب بالفرار من القرية، وترك زوجته بمفردها مع ابنها «مزمل» الذي يكبر أمام عينيها يوماً بعد يوم وهي في غاية الحزن، لأنها تعلم أنه سيموت في العشرين وستتحقق نبوءة الشيخ الهرم حسب اعتقادها.
وفي ظل هذه المعاناة والإحساس بالحزن العميق والخوف من الموت، عرف «مزمل» شخصيتين غيرتا مجرى حياته، فكانت حبيبته «نعيمة» هي الشخصية الأولى التي عرفها على مقاعد الدراسة، وكبرا سوياً في القرية، حيث أحبته ولم تعر اهتماما لنبوءة الشيخ، إلا أن مزمل ظل حبيساً لفكرة موته في العشرين، حتى فقد حبيبته التي تزوجت غصباً عنها. أما الشخصية الثانية فهي «سليمان»، مصور سينمائي متقدم في العمر أدخل «ابن الموت» إلى بيته، حيث فتح «مزمل» عينيه على عالم آخر مليء بالحب والشغف والفن والسينما وحب الحياة.
وسلط المخرج أمجد أبو العلاء الضوء، من خلال فيلمه الروائي الطويل الأول في مسيرته، على الأجواء الفلكلورية والصوفية ونمط عيش السكان البسطاء فكرياً ومادياً في إحدى قرى السودان محاولاً في الوقت نفسه نقد العادات والتقاليد والأفكار الضحلة والمسلم بها التي توارثها المجتمع السوداني، وبعدسته استطاع المخرج كشف كذب ومكر ودجل بعض كبار السن الذين يدعون قدسيتهم وفقهم بـ«الدين الإسلامي» الذي هو براء منهم.
وانطلق أبو العلاء في تصوير فيلمه «ستموت في العشرين» بالتزامن مع الأيام الأولى للانتفاضة السودانية في ديسمبر 2019، والفيلم مستوحى من قصة «النوم عند قدمي الجبل» للكاتب الروائي السوداني حمور زيادة.
ويتنافس فيلم «ستموت في العشرين» مع الأفلام الروائية الطويلة المشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في أيام قرطاج السينمائية، بعد حصده العديد من الجوائز على غرار «النجمة الذهبية» في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان «الجونة» السينمائي بمصر، والجائزة الأولى من مؤسسة «أدفنتاج» بمدينة البندقية الإيطالية التي تمنح للأفلام الروائية الأكثر تأثيراً.