بيروت، القاهرة (الاتحاد، وكالات)

كشفت مصادر لبنانية لـ«الاتحاد» عن عزم الرئيس ميشال عون دعوة القوى والأحزاب السياسية للاجتماع لبحث المرحلة المقبلة، حيث تتوافق أغلب القوى الرئيسية على ضرورة تشكيل حكومة «تكنوقراط» كاملة بعيدة عن الأحزاب السياسية، خاصة مع توجيهات صندوق النقد الدولي الأخيرة بخصوص الاقتصاد.
وطلب عون من حكومة سعد الحريري الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة، مشيراً إلى أن الحراك فتح الباب أمام الإصلاحات، وأعلن مسؤول لبناني أن الحريري مستعد للعودة كرئيس وزراء لحكومة جديدة شرط أن تكون حكومة تكنوقراط وخالية من كبار السياسيين الذين كانوا في الحكومة المستقيلة.
وعمل الجيش اللبناني على فتح الطرقات التي أغلقها المحتجون منذ بدء الاحتجاجات الشعبية، كما أكد المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات مواصلة العمل والتحقيق في ملفات الفساد دون استثناء.
وحسب خبراء، فإن «حزب الله» و«حركة أمل» هما الخاسر الأكبر لمرحلة ما بعد سعد الحريري، خاصة مع الاعتداءات التي قاموا بها إزاء المتظاهرين في وسط بيروت قبل استقالة الحكومة، مؤكدين أن لبنان القادم سيكون من دون طائفية أو شعبية ومرحباً فيه بالجميع في ضوء المشاركة الوطنية لرفعة لبنان.
وذكر بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية أنه «عطفاً على البند 1 من المادة 69 من الدستور اللبناني المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة وبعد استقالة رئيسها سعد الحريري أعرب الرئيس عون عن شكره لرئيس الوزراء والوزراء». وتنص المادة 69 من الدستور اللبناني على اعتبار الحكومة مستقيلة إذا استقال رئيسها. وتنتظر الكتل النيابية في البرلمان صدور مرسوم من رئاسة الجمهورية لبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. وشدد عون في سلسلة تغريدات على «تويتر»، على أن «الحراك فتح الباب أمام الإصلاح الكبير»، معتبراً أن الشعب سيعود إلى الساحات من جديد في حال برزت عوائق أمامنا. وقال عون لأعضاء وفد الرابطة المارونية اللبنانية، إن حكومة لبنان ستكون نظيفة.
بدورها، أفادت الرئاسة اللبنانية، أمس، بأن الرئيس عون سيوجه كلمة للبنانيين، اليوم، يتناول فيها التطورات الراهنة. وذكرت الرئاسة عبر حسابها على موقع تويتر، أن «عون سيوجه رسالة إلى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الثالثة لتوليه سلطاته الدستورية، يتناول فيها التطورات الراهنة».
إلى ذلك، أعلن مسؤول لبناني، أن الحريري مستعد للعودة كرئيس وزراء لحكومة جديدة، شرط أن تكون حكومة تكنوقراط، وأن يكون قادراً على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بسرعة لدرء الانهيار الاقتصادي. وقال المسؤول الكبير الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن أي حكومة جديدة يقودها الحريري يجب أن تخلو من مجموعة من كبار السياسيين الذين كانوا في الحكومة الائتلافية المستقيلة، من دون أن يسميهم.
وفي السياق، دعت قيادة الجيش اللبناني، أمس، المتظاهرين إلى المبادرة لفتح ما تبقى من طرق مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها ووصل جميع المناطق بعضها ببعض تنفيذاً للقانون والنظام العام. وقالت القيادة في بيان، إن طلبها بفتح الطرق جاء بعد مرور 13 يوماً على بدء حركة الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية والمطلبية وتفاقم الإشكالات بين المواطنين بشكل خطير نتيجة قطع طرق حيوية في مختلف المناطق اللبنانية وبعد التطورات السياسية الأخيرة. وأكدت حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي المصان بموجب أحكام الدستور وبحمى القانون، وذلك في الساحات العامة فقط. وكان لافتاً حرص المتظاهرين على تجنب أي تصادم مع الجيش والقوى الأمنية والتأكيد على سلمية تحركاتهم.
وبدأ تنفيذ فتح الطرق من منطقتي «جل الديب» و«ذوق مصبح»، الواقعتين على الأوتوستراد الساحلي الذي يربط العاصمة بالشمال، حيث تم فتح الطريق عند المسلكين الشرقي والغربي، ومن ثم عند تقاطع «إيليا» في صيدا. كما تم فتح الطرق عند مدخل وسط بيروت، في نقطة «جسر الرينغ»، حيث تفاوض عدد من الضباط مع المتظاهرين وتم التوافق على إزالة الخيام والعودة إلى ساحتي «رياض الصلح والشهداء».
وفي الشمال، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش عمدا بالتفاهم مع المعتصمين إلى فتح معظم الطرق في «الكورة» وطرابلس باستثناء الطريق الرئيسية في البداوي والطرق المؤدية إلى ساحة النور.
واتفق المتظاهرون على منح المسؤولين 48 ساعة لتشكيل حكومة انتقالية، ليبنى على الشيء مقتضاه، إما البقاء فقط في الساحات وإما العودة إلى قطع الطرقات. وأصدرت مجموعة من المتظاهرين بياناً أعلنوا فيه التوجه لفتح الطرقات بعد تحقيق أول مطلب باستقالة الحكومة. وجاء في البيان: «تحت ضغط الشارع ومن دون تقديم أي تنازلات من قبل الشعب، وعلى الرغم من العديد من محاولات السلطة تخدير الناس من خلال وعود بإصلاحات مستحيلة في ظل انعدام الثقة بها، ها هو الشعب يُسقِط حكومة السلطة، وهي خطوة أولى على طريق تطهير مؤسساتنا الرسمية من الفساد واستعادة أموالنا المنهوبة والقيام بالإصلاحات المطلوبة».
على صعيد آخر، أكد المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات في تصريح للوكالة الوطنية للإعلام مواصلة العمل والتحقيق في ملفات الفساد دون استثناء. وأشار إلى وجود حصانات قانونية ودستورية تعيق هذا العمل مبيناً أن قانون الإثراء غير المشروع ألغى بعض الحصانات إلا أنه أبقى على الحصانات التي نص عليها الدستور.

المصارف تستأنف عملها غداً
أعلنت جمعية مصارف لبنان أمس، معاودة العمل الطبيعي غداً الجمعة وتمديد الدوام.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان عقد اجتماعاً أمس، لمواكبة التطورات.
وقال بيان أصدره المجلس: «تعاود المصارف العمل الطبيعي ابتداءً من يوم الجمعة أول نوفمبر 2019، ونظرا لتراكم العمل بسبب الإقفال، تقرر تمديد دوام عمل المصارف يومي الجمعة والسبت المقبلين حتى الساعة الخامسة بعد الظهر». ووفقاً لبيان المجلس، تستمر المصارف اليوم الخميس في توفير خدماتها للزبائن عبر الصيرفة الإلكترونية، كما سيكون اليوم مخصصاً للأعمال الداخلية بغية إنجاز الأعمال المتراكمة والتحضير لمباشرة استقبال الزبائن بدءاً من صباح غد الجمعة. وكان مجلس إدارة الجمعية عقد اجتماعاً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تم خلاله مناقشة الأوضاع القائمة.