اللاجئون العائدون يتوقون لمستقبل أفضل
عندما عاد ''أبو معتز'' إلى العاصمة العراقية بغداد بعد فراره من العنف الطائفي في بلده إلى سوريا، وجد أنها تختلف تماما عن ساحة المعارك حين غادرها· وقال ''عندما وصلت رأيت المدينة على صورة جديدة وعمال التنظيف يعملون مثل خلية نحل وكانت معظم المتاجر مفتوحة''·
وتقدر الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أن نحو مليوني عراقي فروا من البلاد وتوجه معظمهم إلى سوريا والأردن· غير أنه قرب نهاية العام الماضي، بدأت أعداد منهم العودة بعد تحسن الأمن، فضلا عن ضيقهم بمصاعب واجهوها في الخارج، خصوصاً في سوريا ونفاد أموالهم·
وكان ''أبو معتز'' بين آلاف من اللاجئين عادوا إلى العراق خلال الشهور الماضية· وبدلاً من الجثث الملقاة بالشوارع، وجدوا متاجر يجري اصلاحها وتشهد نشاطاً مزدهراً وعمال نظافة عادوا الى جمع القمامة· وخففت فرحة العودة، ولو إلى حين، عدم اليقين بشأن المستقبل بسبب صعوبة الحصول على فرص عمل واستمرار تهديد أعمال العنف·
وقالت عذراء هادي العائدة من سوريا مع أطفالها الثلاثة في نوفمبر الماضي، بعدما سافر زوجها قبلهم ليتأكد من سلامة الرحلة، ''اتصل بنا الجيران وشجعونا على العودة وقالوا لنا إن الوضع الأمني قد تحسن في بغداد، فعدنا الى منزلنا وعاد زوجي إلى عمله ونحن نشعر بأن حالنا أفضل الآن''·
وقال مهندس معماري اسمه عصام العاني فر بعدما قتل والده بالرصاص خلال معركة في أواخر عام 2005 ''الحياة في سوريا صعبة جدا ومهينة لذلك قررت عائلتي أن الموت في بغداد أفضل من العيش هناك كلاجئين''·
وذكرت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي أن أغلب العائدين لا يدفعهم الشعور بأن بلدهم بات أكثر أمنا وإنما لأنه لم يعد بمقدورهم تحمل العيش في الخارج· وأضافت أن أعداد العائدين من سوريا تناقصت أيضاً وبات المغادرون إليها أكثر من العائدين·
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن عائدين وجدوا منازلهم قد دمرت أو احتلها آخرون أو تعرضت للنهب وتشير دراسات إلى أن ما بين 20% و30% فقط عادوا إلى بيوتهم القديمة· وذكرت أيضا أن 50% من العائدين يعانون من البطالة وتحدث كثيرون من عدم حصولهم على مساعدات مالية وأجبر آخرون على الفرار مجددا بعدما تلقوا تهديدات بالقتل فيما يعيش آخرون في مزارع للدواجن مهجورة ولا تصلها شبكات مياه الشرب·
وقال الموظف في الصناعة العراقية ناصر الساعدي إنه لدى مغادرته حي الدورة جنوبي بغداد إلى مدينة الناصرية في جنوب العراق، ترك منزله لصديق رفض الخروج منه فاضطر إلى استئجار منزل من أسرة لجأت الآن الى اقاربه وطلبت منهم ان يضغطوا عليه بترك منزلها واخبرهم بأنه سيغادر الشهر المقبل·
كما هرب حيدر راضي من الدورة إلى مدينة الديوانية الجنوبية بعدما وصلت إلى عائلته أربع رصاصات في ظرف تعادل عدد الرجال فيها وعندما عاد اكتشف أن منزله تعرض للنهب غير أن جيرانه ساعدوه· وقال ''عندما كنا نقوم بإعادة تأثيث المنزل أعطانا جيراننا أثاثاً وكان الموقف مؤثراً جداً، فنحن شيعة وهم سنة''·
ومازال كثيرون يحدوهم الأمل لكن هناك قلة من اللاجئين تشعر بالندم لعودتها· وأكد عصام العاني أنه سيعيد فتح مكتبه المعماري في حي المنصور غرب بغداد، حيث قد هجره للذهاب إلى سوريا برفقة أمه المريضة وشقيقتين·
وقال ''إنه شيء جيد أن تبدأ حياتك من جديد''· لكن محمد سلمان الدليمي أراد المغادرة مجدداً بعد 3 أشهر فقط من عودته وهو أب لستة أبناء فر من حي الغزالية جنوب بغداد في عام 2006 عندما قتل مسلحون أحد أبنائه·
وقال ''الوضع مأساوي، لا ماء ولا كهرباء ولا غاز للطبخ، لو كانت تتوفر لدينا الأموال الكافية لسافرنا من جديد إلى سوريا· كي تعرف كم نعاني لك أن تتخيل أننا لا نستطيع حتى أن نغتسل''·
المصدر: بغداد