أشرف جمعة (أبوظبي)
رغبتهن في استحضار زمن قديم كانت المرأة فيه تعتمد على أدوات بسيطة لقضاء شؤون المنزل جعل دانة إبراهيم، وروضة أحمد، وشيخة محمد، وعلياء المزروعي، يقتربن بشغف من آلة الرحى التي كانت تطحن بها الحبوب قديماً في البيئة الإماراتية، حيث جلست الصغيرات في الفضاء الفسيح لمركز أبوظبي النسائي التابع لنادي تراث الإمارات ضمن الأنشطة الموسمية من أجل اكتساب حرف لم تزل تتمتع بحضورها في هذا العصر، إذ تحرص المدربات التراثيات على إكساب الفتيات العديد من الحرف المماثلة وهو ما يربطهن بالهوية الوطنية ويرسخ في أنفسهن قيم الولاء والانتماء وفي هذا الأجواء كانت الفتيات الصغيرات يجربن العمل على هذه الآلة، ويضعن الحبوب ومن ثم تدور الرحى وهي تطحن الحبوب في مشهد معبر يدل على أن الجيل الجديد حريص على التواصل مع الموروثات القديمة، وهو ما يطلعهم على طبيعة عمل المرأة الإماراتية في البيوت في الزمن الماضي، وهي تبتكر حضورها وتمارس دورها اليومي من خلال أبسط الأشياء ومن ثم تطويع عناصر الطبيعة لخدمتها وخدمة بيتها.
وتقول دانة إبراهيم 7 سنوات: من خلال مركز أبوظبي النسائي الذي يحتضن أحلام الصغيرات طوال السنة والذي يفتح أبوابه لهن في كل الفعاليات نتعلم حرفاً تربطنا بزمن الأجداد، وتغرس في نفوسنا قيماً حضارية وإنسانية وتذكي في وجداننا روح التعاون والعمل في إطار المجموعة إذ من خلال الفعاليات المستمرة نشارك في ورش تبحر بنا إلى زمن استطاعت فيه المرأة أن تعبر إلى المستقبل، بأقل التكاليف وها نحن اليوم نجلس في وسط الباحة الواسعة للمركز ونلتف حول الرحى ونحركها بالطريقة ذاتها التقليدية المتعارف عيلها قديماً وهو ما يضعنا أمام تجربة غنية بملامحها فضلاً عن أنها بالفعل تغرس في نفوسنا جميعاً قيمة عالية.
وتبين شيخة محمد 6 سنوات أن التدريب على آلة الرحى التقليدية يغرس في نفوسنا العمل الجماعي وقيمته فضلاً عن أن مثل هذه الورش تساعدنا على الابتعاد عن العادات الضارة مثل الجلوس أمام الآيباد وممارسة الألعاب الإلكترونية موضحة أن الارتباط بالموروث يحمي الصغار من الأفكار الدخيلة في هذا العصر ويحافظ على الهوية ويرسخها في نفوسهم.
وتشير المدربة التراثية موزة العبيدلي إلى أن الرحى تتكون من حجرين دائرين أملسين، يوضعان فوق بعضهما بصورة متطابقة ويكون الجزء العلوي أكبر من السفلي قليلاً، وفي وسطهما فتحة صغيرة لإدخال الحبوب منها، ومن هذه الفتحة يخرج عمود خشبي صغير يحفظ عملية توازن الآلة عند الدوران، كما يوجد في الحجر العلوي مقبض خشبي للإمساك به وتدويره أثناء عملية الطحن.
وأن المركز في مجمل فعالياته يسهم في أن تنبت الطفولة وسط بيئة صحية وأجواء مماثلة للزمن الماضي وهو ما يسهم في إعداد الفتيات المواطنات للمستقبل وهن متسلحات بالموروث ولديهن صورة كاملة عن طبيعة عمل المرأة الإماراتية في الماضي.