أسامة أحمد (الشارقة)

ظل عدد من لاعبي الطائرة القدامى الذين كانت لهم بصمتهم في «الصالات» خلال مشوارهم الطويل في اللعب، خارج منظومة اللعبة ليهربوا بعد اعتزالهم، دون أن تستفيد الأندية من عصارة خبراتهم وتجاربهم الثرة. «الاتحاد» وضعت هذه الظاهرة على طاولة بعض اللاعبين القدامى لمعرفة الأسباب الحقيقية التي لعبت دوراً كبيراً في أن يكونوا خارج المشهد وطلبنا منهم الإجابة عن السؤال: هل ذلك بسبب الأندية؟ أم لأسباب أخرى؟ وما هي الوصفة والمحفزات لعودة جيل قدم كل ما عنده لطائرتنا وكان محط الأنظار إلى اللعبة مجدداً؟!
تاريخ حافل لبعض نجوم الطائرة، امتد إلى ما مجموعه 122 عاماً، لأربعة لاعبين سابقين تحدثوا عن همومهم وقصصهم مع اللعبة، وكان القاسم المشترك في حديثهم أن الطائرة أصبحت طاردة، وضربة البداية كانت مع علي الفردان «23 سنة» طائرة، لاعب الوصل والنصر السابق الذي اعتزل 2007، وبدأ حديثه بنبرة حزينة قائلاً: إن بعض الأندية لا تعرف هل نحن أحياء أم أموات! وتساءل: لماذا لا ترشح الأندية بعض اللاعبين القدامى لخوض سباق انتخابات الاتحاد خلال الدورات السابقة؟! مشيراً إلى أن هذه الأندية لم تبادر بالاتصال باللاعبين القدامى أصحاب الخبرات في اللعبة من أجل الاستفادة منهم على الصعد كافة، وخصوصاً أن بعض اللاعبين في انتظار إشارة منها لتقديم هذه الخبرات في «الصالات».
وقال: «الأندية أدرى بما قدمه هذا الجيل من اللاعبين، لاسيما الجيل الذهبي الذي لا يعوض في اللعبة، مع التأكيد على أنه لا توجد «طائرة» حالياً في الصالات مع كل الاحترام للمنتسبين لها، اللعب من أجل «البيزات» رغم قلتها، هو السائد بعد أن كنا نلعب من أجل «الطائرة» مما أسهم في تطويرها ودفع عجلتها إلى الأمام»، وتابع:«اليوم ارتفعت «الرواتب» وهبط المستوى، مما لعب دوراً كبيراً في تراجع اللعبة على صعيد الأندية والمنتخبات التي سددت فاتورة هذا التراجع المخيف»، ويضيف: «عودتي إلى الطائرة مجدداً تحتاج إلى وقت؛ لأنني نسيت حالياً لعبة اسمها «طائرة»، خصوصاً أنها بحاجة إلى إعادة صياغة من أجل عودة بريقها المفقود، وذلك بتكاتف الجميع خلال المرحلة المقبلة التي تستحوذ على قدر كبير من الأهمية وتقدير المسؤولية».
وفي المقابل، يرى عبدالله مطر «33» سنة طائرة والذي اعتزل موسم 2017-2018 بعد أن لعب لأندية النصر، الأهلي سابقاً، عجمان، العين، بني ياس، حتا، أن بيئة اللعبة أصبحت طاردة وغير مشجعة، حتى في العمل الإداري، مشيراً إلى أن اللاعبين القدامى يهربون من العمل في الاتحاد، نظراً لغياب الإمكانات التي تقف حجر عثرة في طريقهم من أجل تطبيق أفكارهم وعصارة خبراتهم التي اكتسبوها خلال مشوارهم الطويل في اللعبة، حيث رفض بعض اللاعبين القدامى تكرار تجربة العمل في الاتحاد بعد اصطدامهم بـ«الواقع» والإمكانات غير المتوافرة.
وأبدى عدم رغبته في العمل بأي نادٍ بعد الاعتزال؛ لأن البعض لا يحب العمل المؤسسي، مبيناً أنه في ظل هذا الوضع تسير اللعبة بـ«البركة، مما كان له المردود السلبي على النادي، وبذلك تكون اللعبة هي الضحية، وقال: «إذا تم إسناد مهمة الإشراف لي على اللعبة بأي نادٍ، على سبيل المثال، فلن أتعاقد مع مدربين للعمل في المراحل السنية براتب شهري يبلغ الـ4 آلاف درهم، وخصوصاً في وجود مدرسي تربية رياضية تم إسناد مهمة تدريب بعض فرق المراحل السنية إليهم».
وتساءل مطر: ما هو المردود الذي يقدمه هؤلاء في بناء القاعدة الصحيحة من أجل إفراز لاعبين بمواصفات «الطائرة الحديثة»؟! رغم وجود لاعبين قدامى من الممكن الاستفادة منهم في هذا القطاع الحيوي المهم، وهو أساس النجاح في كل فريق والذي تقطف ثماره منتخباتنا الوطنية المختلفة.
ومن ناحيته، بدأ خالد وليد «31 سنة طائرة» لعب خلالها في النصر ولموسم واحد في عجمان ليعتزل عام 2017، حديثه مؤكداً أن ظروفه في العمل لا تسمح له بالعودة إلى «الطائرة» عبر بوابة الإدارة أو التدريب، وشدد على أن البيئة غير مشجعة، مبيناً أنه لن يضيف جديداً في ظل هذا الوضع والتراجع المخيف، ومن الأفضل والطبيعي أن يكون ضمن مقاعد المتفرجين.
وكشف وليد أنه خلال مواسمه الأخيرة، حاول تغيير بعض الأفكار السائدة لدى هذا الجيل الجديد من اللاعبين من أجل إيصال الرسالة، بحكم أننا لاعبون أصحاب خبرة مروا بالعديد من التجارب خلال مشوارهم في «الصالات»، مبيناً أنه لم ينجح للأسف في تحقيق المراد، وقال: إن فكرة الترشح لخوض انتخابات الطائرة في الدورة الجديدة غير واردة في قاموسي، من منطلق أنه من الصعوبة التوفيق بين وظيفته والعمل في الاتحاد في حال فوزه في الانتخابات.

رجب: مجموعات لا تريدنا
بدأ عارف رجب، «35 سنة طائرة» لعب خلالها لأندية الوصل والأهلي سابقاً والعين، ليعتزل عام 2014، حديثه بقوله: «أهل اللعبة أدرى بشعابها»، لماذا وضع الطائرة بات منفراً للاعبين أصحاب الخبرات الذين يعرفون كل تفاصيل اللعبة، وهل الجيل السابق قادر على ترك بصمة، آلت إليه مقاليد العمل في الإدارة أو التدريب؟! وتساءل عارف: أين عبدالله علي رجب، مدرب الوصل الأسبق، على سبيل المثال، والذي يملك سجلاً حافلاً خلال مسيرته التدريبية، ليحقق الكثير من الإنجازات والألقاب التي فشل في تحقيقها المدربون الأجانب؟ مبيناً أنه آثر الابتعاد عن «الطائرة» لأن الجو غير صحي. وقال: هنالك مجموعة لا تريد عودة بعض اللاعبين القدامى الذين كانت لهم بصمتهم في الصالات، والذين بذلوا العرق سخياً والجهد مدراراً طيلة مواسم لعبهم. وأشار رجب، إلى أن هذه المجموعات لعبت دوراً كبيراً في تمسك بعض اللاعبين القدامى بـ«الهروب» بعد الاعتزال، والبقاء خارج دائرة الأحداث، في ظل هذا الواقع المرير و«السيناريو المتكرر»، والذي كان وراء تراجع اللعبة بهذه الصورة المحزنة، وقال: لا مانع من العودة إلى «الطائرة»، عندما يكون الجو صحياً، وخصوصاً أن اللاعبين القدامى خدموا اللعبة، وقدموا كل ما عندهم طيلة مشوارهم الحافل بالعطاء والعرق، وجاء الدور من أجل خدمتها كإداريين أو مدربين.