الشارقة (الاتحاد)- صدر حديثاً ضمن منشورات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة الكتاب الفائز بالجائزة الأولى في مسابقة “الشارقة للإبداع العربي.. الإصدار الأول” وجاء تحت عنوان “بنية السرد في الرواية العربية الجديدة.. بين ماهية المرجعيات ومعايير التجديد” وهو للباحث السوري منقذ نادر عقاد ويقع في 170 صفحة من القطع المتوسط. يقسم الباحث كتابه إلى ثلاثة فصول بالعناوين التالية: “إضاءات عامة حول البنية السردية الروائية ونقاط التحول السردي البنائي والتقني” و”عناصر البناء السردي الروائي وتدرجاته التجديدية” و”بنية السرد في الرواية العربية الجديدة”. ويبين الكاتب في مقدمته أن مقاربته تنطلق من فرضية مفادها أن النتاج الروائي العربي منذ بداياته وحتى الآن “لم يكن بعيداً عن متغيرات التوجهات النقدية العالمية السائدة”، وفي رأي الباحث ان الكاتب الروائي العربي توسط “النقد العربي” في تعالقه مع تلك التوجهات النقدية “العالمية” كما تأثر بقراءاته في “الرواية العالمية”. لكن، لئن كان ممكناً إلى وقت قريب الكلام عن فروق عديدة بين الغرب والشرق، وتقدم الأول وتأخر الثاني، فإن الوقت الراهن، في رأي الباحث، يشهد تقارباً واضحاً بين جهات العالم بفضل تطور وسائل الاتصال التي قربت أطرافه وجسرت المسافات بينها، ومن هنا سيبدو صعباً الكلام عن “تبعية” و”مسايرة”؛ فالتواصل بين أقطار العالم الآن، بخاصة على الصعيدين الفني والأدبي، لا يقع في باب “التبعية” ولكن في مجال “التفاعل”. بيد أن الباحث سرعان ما يتراجع عن رأيه، ليقطع بأن “الرواية العربية الجديدة أمام واحد من خيارين، إما خيار النسخ والتقليد عن المنتوج العالمي بطريقة العين المغمضة، وإما خيار أخذ شيء وترك شيء بمعنى التقليد بعين مفتوحة” وبالتالي يعيد الباحث إنتاج الرؤى ذاتها التي لطالما تكلمت عنها عشرات الإصدارات النقدية سواء في حقل الرواية أو القصة فالإبداع العربي إما أن يكون تابعا خالصا لما ينجز في الغرب أو تابعا بشكل جزئي! الحال، لو سألنا ما الذي يمكن أن يكون إضافة في هذا الكتاب قياساً إلى عناوين نقدية عدة ضمتها المكتبة العربية أخيراً مثل “أنماط الرواية العربية الجديدة” لشكري ماضي الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة، الكويت عام 2008 و”الرواية العربية ورهان التجديد “ لمحمد برادة الصادر ضمن كتب مجلة دبي الثقافية، العدد 49”. و”في الرواية العربية الجديدة..” لفخري صالح الصادر عن دار العين للنشر عام 2010. وهنا نجد أن الإجابة تكون سلبية؛ حيث كل ما يفعله الباحث في هذا الكتاب ما هو إلا مجرد تنويعات على ما أوردته تلك العناوين وسواها في معنى جدة أو حداثة الرواية العربية. إذاً، يوشك الكتاب أن يكون خالياً من رؤية الباحث الشخصية حول الموضوع فالصفحات في معظمها اقتباسات اعتمد فيها الباحث، دائما، ثلاثة كتب هي “في نظرية الرواية.. بحث في تقنيات السرد” لعبد الملك مرتاض، و”نظريات السرد الحديثة” لوالاس مارتن ومن ترجمة حياة جاسم إضافة إلى كتاب “بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي” لحميد لحمداني! ومن ثم، وتحت عناوين مثل “أنماط السرد عند الشكلانيين” و”الخريطة العامة لنظريات السرد” و”الشخصية في منظورها الجديد” و”وجهات النظر وأنماطها حسب نورمان فريدمان” يعيد الباحث استعراض العديد من المصطلحات والمفاهيم الخاصة بالبناء الروائي ولكن من دون تفعيلها بأمثلة محددة، إذ انه لم يعمد إلى اختيار أي رواية ليختبر عبرها الرؤى النقدية التي حشدها في متن كتابه. إلى ذلك، وفي المرات القليلة التي برز فيها صوته كمؤلف للكتاب بدا بسيطاً ومكرراً في تعامله مع اللغة كما بدا في مواضع عدة من الكتاب ان صاحبه قرأ الكثير من المؤلفات النقدية ولكن ربما لم يقرأ سوى القليل جدا من الروايات.