مع انطلاق دورة التمثيل للمواهب الشابة التي بدأت في مقر مسرح دبي الشعبي يوم أمس الأول وتستمر حتى الخامس والعشرين من يوليو الجاري، ودورة تدريبية للمحترفين على الإلقاء والأداء المسرحي الاحترافي، التي ستنطلق غدا وتستمر حتى الخامس والعشرين منه، برعاية هيئة دبي للثقافة والفنون، يبدو جلياً الدور الإيجابي لمسرح دبي الشعبي في المساهمة بالفعل المسرحي المحلي ضمن خطة شاملة للمسرح ولجنته الثقافية، والتي إيماناً منها بضرورة تعزيز المسرح الإماراتي بدم المواهب الشابة، سعت لتحقيق عدة أهداف من أهدافها، بوسائل عدة، فأقامت في الفترة الممتدة على مدى شهور عدداً من الأنشطة الثقافية والدورات المتخصصة في جوانب مختلفة من عناصر العمل المسرحي، إضافة إلى الاهتمام بالصورة السينمائية والتلفزيونية، كما نشطت في تكريم بعض المبدعين الأحياء والراحلين، وهي تعد بالمزيد في هذا المجال. دورات ويقول ياسر القرقاوي عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة الإعلام والتوثيق في مسرح دبي الشعبي، إن الدورات تأتي ضمن الخطة الشاملة لمسرح دبي الشعبي، وبرنامجه الثقافي الساعي لتحقيق عدة أهداف تتعلق بالمساهمة في تطوير الحركة المسرحية، وأهمها عقد الندوات والمحاضرات والدورات التدريبية التي تكفل نشر الثقافة الفنية، وتوعية أفراد المجتمع في الإمارات بالفنون بألوانها المختلفة، ومن ضمنها الدراما السينمائية والتلفزيونية، إضافة إلى تنمية المواهب المسرحية لدى الشباب وإعداد جيل ملم بالآداب والثقافة والفنون. هذه الدورات التي أقامها “دبي الشعبي” طالت عدداً مهماً من عناصر العمل المسرحي، بدءاً من النص ومعالجاته الدرامية، مروراً بالديكور والماكياج وغيرها من العناصر، وهي دورات نجحت في استقطاب عدد من المواهب والمهتمين بالمسرح. معالجة النص المسرحي وهنا جولة على أبرز ما عالجته هذه الدورات، ففي مجال معالجة النص المسرحي كانت هناك دورة شديدة التخصص في موضوعها من جانب تركيزها على النص، وشاملة لعناصر العمل المسرحي كلها. وأشرف على الدورة الدكتور أسامة أبو طالب وحضرها عدد من المهتمين، وقال بعض المشاركين إن الدورة كانت فرصة حقيقية لكي يتعلموا الكثير ويستعيدو الكثير مما تعلموه، وكانت الدورة غنية جدا من جهة كون المشرف عليها هو الدكتور أبو طالب الذي يعد من الأسماء وأصحاب التجارب البارزة في المسرح العربي، وقد عرض قدراً هائلا من النصوص المحلية والعربية والعالمية التي كان عليهم معالجتها بصورة جماعية، والأهم هو كيفية تفكيكه لنصوصهم والتدريب على المعالجة. وبما أن الدكتور أبو طالب هو كاتب مسرحي من جهة، وناقد للمسرح أيضاً، فقد تعامل مع الموضوع بشمولية، كما أنه كان يتناول موضوع معالجة النص من قبل الكاتب والمخرج في آن واحد، وكان من أبرز محطات الدورة المعالجة التطبيقية على نصوص محلية مثل نص “سفر العميان” للكاتب ناجي الحاي بحضور المؤلف نفسه، فقد كانت قراءته لهذا النص قراءة جديدة واستطاع أن يضيء جوانب لم يكن المشاركون رأوها في النص. كما أن الدورة تضمنت كيفية التدريب على كتابة نص درامي، وجرى تقديم تجارب من بعض المشاركين ومناقشة بعض النصوص وكيفية تحويلها إلى نص درامي. ويقول القرقاوي إنه رغم كل ما قدمناه في مسارحنا من تجارب، فإن هذه الدورة قدمت ما يجعلنا نتوقف لنعيد النظر في كثير من الأشياء. أساسيات الصورة على صعيد آخر أقام مسرح دبي الشعبي دورة متخصصة في أساسيات الصورة الدرامية للسينما والتلفزيون، قدم المادة العلمية فيها الفنان السينمائي ياسر القرقاوي، وعمل فيها على تقديم خلاصة بحوثه وخبرته التي امتدت على مدى ثلاثة عشر عاما قضاها- كما قال- في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني وحتى في النوادي والمهرجانات السينمائية المختلفة، ساعيا إلى أن يلم المشاركون بما يعرف باللغة البصرية، وهي لغة الصورة، وخصوصا الصورة السينمائية وتحديدا تلك المأخوذة من تمازج بين الفنون التشكيلية بمختلف مدارسها المتنوعة، وقد تخرج في هذه الدورة ثلاثة وعشرون من المشاركين. وفي الدورة شرح القرقاوي أنواع الكاميرات واختلافها، وأنواع اللقطات (القريبة/ المتوسطة/ العامة) واستخداماتها المختلفة في السينما والتلفزيون، وترافق ذلك بعرض مجموعة من الصور الفوتوغرافية المأخوذة من الأفلام العالمية والعربية والإماراتية وشرح مستفيض لمناطق القوة والضعف وعلاقتها بالإخراج الدرامي، وجاءت المادة العلمية للدورة متضمنة زوايا التصوير المختلفة واستخداماتها بشكل عملي على الشاشة. كما تحدث القرقاوي عن علاقة السينما والتلفزيون بالفنون الأخرى كالموسيقى والغناء والرقص والمسرح وأهميتها في تكوين المشهد الدرامي، مشيرا إلى أنه كلما كان اطلاع الفنان على الفنون الأخرى كبيراً زاد إبداعه في فنه. كما تحدث عن الاختلاف بين الإخراج السينمائي والإخراج التلفزيوني، مسترسلا في شرح معاني المصطلحات المختلفة بشكل عملي بعرض مقاطع من أفلام عالمية، واختزال كل ما ورد في الدورة في خمسة عناصر أساسية تكوّن ما يعرف عند السينمائيين بـ “الإيهام السينمائي” وهي (زوايا الكاميرا ـ التتابع في اللقطات المختلفة ـ القطع في المشاهد ـ الصور المتلاحقة والمتصلة ببعضها البعض ـ التكوينات والتركيبات المختلفة للمشهد المتكامل)، فكل هذه العناصر الخمسة مجتمعة تضمن جماليات المشاهد التي تحكي حدوتة النص المكتوب “الإسكريبت”. الديكور والمكياج وكما هو حال هاتين الدورتين، كان حال دورتين أخريين حول الديكور والماكياج. وفي كلا المجالين كان التركيز على أهمية هذا العنصر أو ذاك في العمل المسرحي. ففي دورة الديكور جرى استعراض موقع الديكور في العرض، وكيفية تصميمه وتنفيذه بما يتلاءم مع عناصر العرض الأخرى، وجرى التطرق إلى وجود مدارس مختلفة في هذا المجال. وكذلك الأمر في ما يتعلق بدورة الماكياج التي جرى التأكيد فيها على دور هذا العنصر الجمالي والموضوعي، وأنه ليس مجرد عنصر للزينة كما يعتقد البعض ممن يعملون في المسرح، فتجدهم يختارون الأسهل في هذا المجال، فيستسهلون اللجوء إلى ما تيسر من الماكياج الذي يقدمه أشخاص غير متخصصين ولا علاقة لهم به، إذ يمتلك هذا العنصر أهميته من كون أنه يجب أن يمنح الشخصية والممثل الماكياج الملائم لنفسيته وصورته التي يجب أن يكون عليها.