احتفالية «يوم الراوي» تواصل فعالياتها في الشارقة
تواصلت مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة فعاليات الدورة العاشرة لاحتفالية “يوم الراوي” التي تقيمها سنوياً إدارة التراث بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة لتكريم الرواة والاخباريين والباحثين المعنيين بالتراث الثقافي من أجل مواكبة أهداف منظمة اليونسكو في الحفاظ على ميراث الكنوز البشرية، والمتمثلة في الرواة الشعبيين والتركيز على أهميتهم وبيان قيمة ذاكرتهم وخبراتهم وإبداعاتهم بالنسبة للتراث الثقافي المحلي والإنساني، بحضور عبدالعزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ولفيف من الباحثين والمهتمين وضيوف الحدث المحليين والخليجيين والعرب.
وأقامت اللجنة المنظمة للفعالية ورشة عمل شارك بها كل من الباحثة الدكتورة بروين نوري عارف من العراق والباحثة الدكتورة نسيمة بوصلاح من الجزائر، وحملت ورقة الدكتورة بروين عنوان “ القاسم المشترك بين الأدب الشعبي والمجتمع” بينما حملت ورقة الكتورة نسيمة عنوان “منهجية البحث في الأدب الشعبي”.
واستهلت الدكتورة بروين مداخلتها بالإشارة إلى طغيان الثورة التكنولوجية والتقنية وتأثير هذا الطغيان السلبي على كل ما له بالماضي بصورة عامة وبالتراث الشعبي بصورة خاصة.
وأشارت إلى ضرورة حماية التراث الشعبي من المؤثرات والعوامل المحبطة لاستمراريتها وتواصلها مع الأجيال الجديدة.
وأضافت “ إن التراث الشعبي في الخليج والإمارات خصوصا هو تراث غني في مضمونه، وعريق في أصوله، ويستدعي تحليله، والتعمق فيه، والاستناد إليه كمصدر هام لاستلهام الدروس والعبر”.
وتحدثت عن قيمة الرواية الشفهية في هذا السياق مشيرة إلى أنها قديمة قدم الإنسان على هذا الكوكب، وهي كانت تمثل الأسلوب الوحيد لانتشار المعلومات والأحداث بين الناس.
وأكدت الدكتورة بروين أهمية العمل الميداني في حقل التراث الشعبي، وقالت “إن علم الفلكلور يعتمد بالدرجة الأولى على النزول إلى الميدان وجمع مواد التراث الشعبي من قبل الجامعين والباحثين كل حسب مجال تخصصه. وأضافت بأن العمل الميداني في حقل التراث الشعبي ظهر في بداية القرن الثامن عشر في أوروبا وأميركا ووضع له المختصون المفاهيم العلمية والأساسيات كي يراعيها الجامع الميداني والباحث في مجال الفلكلور. وأردفت بأن العرب سبقوا الآخرين في العمل الميداني بقرون، ولكنهم لم يحددوا المصطلح أو السمة العلمية لهذا الشغل البحثي المتعلق بجمع المعلومات والتفاصيل الحياتية النابعة من التراث.
من جانبها إشارت الدكتورة نسيمة بوصلاح في مداخلتها إلى أن الهدف من علم الفولكلور هو دراسة الجوانب المادية والروحية عند الشعوب، ويعود السبيل إلى ذلك ــ كما قالت ـ “ إلى الظروف التاريخية والاجتماعية التي مرّ بها هذا العلم وإلى تنوع موضوعاته والخلفيات الثقافية لرواده. ومن هنا تعددت النظريات واختلفت الاتجاهات والمذاهب ثم تركزت هذه الأبحاث مع مرور الزمن واعتمدت على مناهج واضحة”.
وأشارت إلى أن علم الفولكلور يعتمد على مجموعة من المناهج الأساسية هي : المنهج التاريخي والجغرافي والاجتماعي والنفسي والوظيفي والبنائي وقد ساعد كل منها على تفسير العلاقات القائمة بين الشعب والثقافة الشعبية.
وركزت الدكتورة نسيمة في مداخلتها على أهمية دراسة المستويات السيكولوجية المتنوعة التي يمكن أن تندرج ضمن تراث الشعوب، أو بمعنى آخر تحديد مدى التزام بعض عناصر الفولكلور بأساليب أو خصائص الثقافة الكلاسيكية (كالتربية والتعليم).
وتناولت الباحثة في دراستها السمات البدائية العامة في ثقافة شعب معين، كما عددت مكونات العلاقة بين الثقافة والشخصية في ميادين علم النفس الذي يتناول تأثير الإنسان في الثقافة أو تأثره بها.
كما تحدثت عن المدرسة البنائية واعتبرتها من أبرز النظريات في ميدان العلوم الاجتماعية واللغوية وعلم الفولكلور، “لأنها حاولت أن تطور أسلوبا جديدا في تناول التراث الشعبي”.
وفي نهاية الورشة التي بدت أقرب للجانب النظري منه إلى الجانب العملي أو التطبيقي تحدث عدد من الحضور والضيوف والباحثين عن أهمية الاستفادة من التقنيات والوسائط الحديثة للترويج للتراث الشعبي بدلا من تحول هذه التقنيات إلى عائق وإلى عدو وهمي يحاصر الجهود التراثية ويقلل من شيوعها وتأثيرها في الأجيال الشابة والجاهلة لمفردات تراثها الشعبي، وأثيرت خلال النقاشات المتعلقة بالورشة بعض النقاط المهمة حول العولمة والخصوصية، وحول المعوقات التي تؤثر في حيوية وحماس وشغف الباحث الميداني في مجال التراث، وكذلك حول أهمية إقحام المكونات التراثية في المناهج الدراسية حتى لا يتحول المنجز التراثي إلى فضاء معلق ومنعزل عن أسئلة الحاضر وتحديات المستقبل.
المصدر: الشارقة