حسام عبدالنبي (دبي)

أكد جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي أمس، أن ضريبة القيمة المضافة التي طبقتها الإمارات والسعودية حققت أهدافها من حيث تنويع مصادر الدخل وتقليل عجز الموازنة، ولم يكن لتطبيق الضريبة تأثير سلبي على زيادة معدلات التضخم أو تراجع نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي عقد في مركز دبي المالي العالمي لإطلاق تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة كان ضرورة للتنويع وتقديم نوع جديد من العوائد في الدول الخليجية المصدرة للنفط، نظراً للتراجع الحادث في سعر النفط وتأثر نمو القطاع النفطي.

تأثير محدود
ولفت إلى أن تأثير تطبيق الضريبة على زيادة معدل التضخم كان لمرة واحدة ولم يرصد الصندوق تضخماً سلبياً يذكر في أول عام من تطبيق الضريبة في 2018 بنسبة 5%، ما يعني أن تأثير الضريبة كان محدوداً على نشاط الأعمال.
ورداً على سؤال عن وجود توجه بزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة عن 5%، أجاب أزعور، بأن كل دولة لها (خصوصيتها) ومثل ذلك القرار شأن يخص الدولة ذاتها، مبيناً أنه على الرغم من أن قرار تطبيق ضريبة القيمة المضافة يجب أن يطبق على مستوى الدول الخليجية كافة وهو الأمر الأفضل لزيادة الكفاءة، إلا أن هناك بعض الدول الخليجية التي لم تطبق الضريبة حتى الآن ما يؤشر إلى إمكانية زيادة بعض الدول نسبة الضريبة دون التزام الدول الأخرى.

الناتج الحقيقي
وفيما يخص توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد الإماراتي، أجاب أزعور، بأن فريق العمل في الصندوق سينهى مشاورات المادة الرابعة لعام 2019 مع المسؤولين في الإمارات الأسبوع المقبل ليتم الإعلان عن التوقعات النهائية.
ولفت إلى أنه وفقاً للتوقعات «تحت المراجعة» فإن صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الناتج المحلي الحقيقي للإمارات بنسبة 1.6% للعام الحالي ثم 2.5% في عام 2020، كما يتوقع نمو القطاع غير النفطي بنسبة 1.6% خلال العام الحالي ثم بنسبة 3% العام المقبل، فيما يتوقع نمو القطاع النفطي بنسبة 1.5% العام الحالي ومن ثم بنسبة 1.4% عام 2020.

تخفيض تكلفة الأعمال
وأرجع أزعور، توقعات الصندوق للتحسن التدريجي في أداء القطاع غير النفطي إلى عدة عوامل داعمة من أبرزها تنويع الاقتصاد وفتح الأسواق، إضافة إلى تطبيق عدد من المبادرات الحكومية الإيجابية لانتعاش الاقتصاد الإماراتي من خلال تخفيض تكلفة الأعمال، وتحسين التصنيف في مجال سهولة ممارسة الأعمال.
ودعا الدول الخليجية إلى زيادة تنويع مصادرها المالية مع زيادة الاستثمار في التعليم وتشجيع الابتكار ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لضمان النمو المستقر، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن خفض العجز في منطقة الخليج لا يجب أن يأتي عن طريق المحفزات المالية التي تساعد على المدى القصير ولكن قد تتسبب في مخاطر مالية على المدى المتوسط، حيث يجب أن يكون هدفاً أمام دول المنطقة الساعية للاستفادة من المحفزات الاستثمارية في تعزيز النمو الاقتصادي.
وكشف أزعور، أن صندوق النقد الدولي رصد زيادة في تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث أصبحت تستحوذ على 20% من التدفقات إلى الأسواق الناشئة.
وذكر أنه وفقاً للتقرير ليس من المؤكد ما إذا كان سينتهي العمل باتفاق (أوبك+) الحالي في مارس القادم أم سيتم تمديد الاتفاق الذي سيكون له تأثير مباشر على أسواق النفط العالمية، موضحاً أنه من الصعوبة في الوقت الحالي توقع أسعار محددة للنفط ولاسيما أن اتفاق (أوبك+) يعنى بخفض الإنتاج وليس التحكم في التسعير الذي تحكمه عوامل عدة.

تسريع الإصلاحات الهيكلية
وخلال حديثه نصح أزعور، دول المنطقة بتسريع الإصلاحات الهيكلية التي تسهم بتعزيز نشاط القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، لتمهيد الطريق لتحقيق نمو أكبر في مواجهة التحديات العالمية.
وأضاف: وعلاوة على ذلك، ينبغي لمصدري ومستوردي النفط بذل جهود حثيثة لضمان قدرتهم على تحقيق أهدافهم المالية، مع الحرص على حماية المجتمعات الفقيرة وتعزيز اندماجهم في المجتمع، إلى جانب ضرورة تزويد الشباب بفرص وظيفية واقتصادية، فضلاً عن تزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بوصول أكبر إلى فرص التمويل.
ولفت إلى أن تحسين الحوكمة الاقتصادية عبر تعزيز شفافية العمليات المتعلقة بالموازنة وترسيخ حضور المؤسسات المالية يسهم في مساعدة الدول على اتخاذ مسار اقتصادي أكثر استدامة واستقراراً.
ووفقاً لتقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان» والذي أصدره صندوق النقد الدولي، أمس فإن حدة تأثيرات الظروف الاقتصادية العالمية المعاكسة للنمو في المنطقة قد تراجعت بشكل ملحوظ حتى الآن، إلا أن مستويات النمو في المنطقة قد بقيت منخفضة للغاية، وعاجزة عن مواكبة التعداد السكاني المتزايد، في حين ازدادت المخاطر المرتبطة بالآفاق الاقتصادية.
وتشمل هذه المخاطر انعدام اليقين بشأن التجارة العالمية، وتقلبات أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، ونقاط الضعف المحلية في بعض دول المنطقة.
وحدد التقرير نقاط الضعف، في ارتفاع معدلات الديون والعجز في الميزانية، والتي لا تزال تلقي بظلالها على إمكانات النمو الإقليمي، داعياً الحكومات إلى تعزيز توازنها المالي بشكل عادل لحماية الفئات الفقيرة والمستضعفة في مجتمعاتها، وكذلك تسريع الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال وتحديث الإطار التنظيمي، لتحفيز الاستثمار الخاص وزيادة فرص العمل.