الآثار والطبيعة والتنمية تنشط الحركة السياحية في مسندم
تشكل المواقع السياحية عصب المناطق العُمانية، إذ إنها ملاذ السياح والزوار والقاطنين، حيث تشتهر عُمان بمناظرها الجميلة، ويشكل شمال عُمان حالياً وجهة حديثة لكل الزوار لما يمثله من موقع استراتيجي غني بالمشاهد الطبيعة ومن بينها محافظة مسندم “إحدى مناطق شمال عُمان” التي تطل على البحر وتشرف على مضيق هرمز وتمتاز بأسرار تاريخية.
تعتبر محافظة مسندم لؤلؤة تتربع على تاج السياحة والاستقطاب السياحي في السلطنة، فما أن يصلها السائح حتى يفاجأ بجمالها ونظافتها وطيبة أهلها. ويقول خالد السعيدي، مرشد سياحي، إن محافظة مسندم صورة ثلاثية الأبعاد، فالبعد الأول هو الطبيعة الخلابة ذات الجبال شامخة الرسو يخالها الناظر أنها تسبح في البحر. والبحر هادئ وكأنه بساط المفروش يرحب بالقادم من خلال رذاذه الناعم، وهذا ما جعل السلطنة تنشئ عبارات تدعى هرمز وشناص تنقل الركاب والسياح إلى مدينة خصب، والبعد الثاني الإنساني الذي يترجم طيبة العُماني المضياف. والبعد الثالث هو امتداد جسور التنمية العُمانية الشاملة إلى تلك المناطق البعيدة عبر استغلال الطرق البحرية بأحدث وسائل النقل البحري ومن بينها عبارة شناص أسرع عبارة في العالم”.
دعة وحيوية
عن أشهر المواقع السياحية في محافظة مسندم، يقول السعيدي: “خور نجد الذي تصله بعد طريق وعر وجبال شاهق بعلو 1600م، حيث تمتاز جبال مسندم بارتفاعها العالي الذي يصل إلى 1800م. والطريق إلى خور نجد في شمال عُمان وتحديداً في خصب ليس بالأمر الشاق مع سيارات الدفع الرباعي وشيء من الحذر في القيادة تصل إليها وتستمع بروعة المكان، حيث الخلجان المائية التي تنغلق على نفسها في أجواء سياحية تعطي المكان دعة وحيوية تمنح شعوراً بالاستجمام”.
ويقول إسحاق المعمري، مختص في التراث والسياحة: “إن خور نجد في خصب يبعد عن مركز الولاية مسافة 15 كيلومتراً بطريق غير معبد، وتستطيع مشاهدة الأماكن والمواقع السياحية من علو قرابة 1800م فوق سطح البحر، حيث الأجواء الباردة، وتنزل شيئاً فشيئاً هي منطقة تقع إلى الغرب من المرتفعات فتُعرفَ بالظاهرة، هي منطقة خور نجد بولاية خصب في محافظة مسندم التي يفصلها عن بقية الأطراف جزء من أراضي دولة الإمارات”.
ويضيف أن “غيوم سوداء ترافقك أثناء توجهك في الطريق البري وتجد الكثير من العائلات تنصب خيامها على الشاطئ وتحب أن تقضي أوقاتها بين وداعة الجبال وبالقرب من خور نجد، والمكان مُهيأ لاستقبال الأطفال والشباب والعائلات، حيث توجد مظلات وحمامات طبيعية مبنية من الحصى وخزانات ماء للغسيل إلى جانب البحر، مكان جميل وهادئ للراحة واستنشاق الهواء النظيف بعيداً عن ضجيج السيارات”.
ويؤكد أن ولاية خصب التي تقع فيها منطقة خور نجد هي المركز الإقليمي لمحافظة مسندم، وتستمد اسمها من خصوبة تربتها، وتبعد عن مسقط نحو 481 كم، تقع في أقصى شمال المحافظة، بها ميناء بالقرب من مضيق هرمز، وهو من الموانئ ذات الأهمية التجارية والسياحية التي تشهد حركة نقل بحري ونشاطاً متزايداً للقوارب والسفن الخشبية بين السلطنة وموانئ الدول المجاورة، بعدما تم افتتاح مكتب تجاري عُماني في ميناء بندر عباس الإيراني”.
معالم أثرية
يقول بدر مراد، مرشد سياحي: “تُعتبرَ المنطقة من الأماكن التي يقصدها السياح والزوار على حدٍ سواء، ففي الصباح الباكر يأتي الصيادون بمختلف أنواع الأسماك يعرضونها للبيع، حيث ترسو في الميناء زوارق الصيد وتتمركز مكاتب لبعض الشركات السياحية المتخصصة في تنظيم الرحلات البحرية”.
ويضيف: “من المعالم الأثرية للمنطقة القلاع والحصون والأبراج. ومن أشهر قلعة هي خصب التي ترصدها عينا الزائر عند مروره عبر الطريق الساحلي في الجزء القديم من المدينة، وتُطل على الجانب البحري كحصن شامخ في الجانب الشرقي من ولاية خصب”، موضحاً أن تاريخها يرجع إلى بداية عهد آل بوسعيد، وقد تم ترميمها في مطلع عام 1990.
ويقول مراد: “القادم إلى القلعة يجد عند بوابتها الرئيسة ثلاثة مدافع صغيرة موجهة نحو البحر، أما أبواب القلعة فقد صُنعت من خشب الساج القادر على مقاومة التلف لمدة طويلة، ويميل لونه إلى البني المحروق، وجدرانها مزينة بالسيوف والبنادق القديمة”.
ويضيف: “أشهر أبراج المنطقة الأثرية هو برج السيبة الذي يحمل اسم المنطقة، في ما تتوزع المتنزهات الطبيعية في مناطق مثل الروضة والسي والخالدية، وتقابلها جزر في البحر مثل جزيرة مسندم المطلة على مضيق هرمز والتي تمثل أهمية استراتيجية لكونها تقع على أحد أهم خطوط الملاحة البحرية في العالم”.
وساهم موقع مسندم الجغرافي وتضاريسها الملتوية، وفق مراد، في عزلتها عن بقية المناطق، في ما سهل شق الطرق المعبدة وصول الزائرين إليها. ولمحبي المغامرة والتخييم هناك العديد من المواقع الجبلية والشطآن، أما لهواة ركوب القوارب والسفن التقليدية فهناك متعة أخرى تتمثل في ممارسة الغوص في الشواطئ المرجانية.
ويذكر مراد: “تُتيح المنطقة للراغبين في التسوق تحقيق رغبتهم، حيث يقع سوق ولاية خصب في حضن الجبل الغربي، وتتوافر فيه معظم الحاجيات الأساسية خاصة السلع المستوردة والأخرى المخصصة للتصدير، ونظراً لقرب المنطقة من الحدود الإيرانية يمكن مصادفة العديد من التجار الإيرانيين الذين يفدون إليها بواسطة القوارب السريعة”.
الطريق إلى خور نجد
عن كيفية الوصول إليه، يقول المرشد السياحي بدر مراد: “إن هناك وسيلتين للوصول إلى خور نجد، حيث يمكن الوصول إليه عبر طريقين؛ الأول براً بواسطة سيارة رباعية الدفع للتمكن من تجاوز المنحدرات الجبلية غير الممهدة، وذلك عبر منفذ حدود الدارة أقصى شمال الإمارات مروراً بإمارة رأس الخيمة، والدخول إلى حدود تيبات العُماني، ثم الصعود إلى أعلى قمة جبلية تُسمى (الحرف) وتكثر بها المنحنيات. أما الوسيلة الثانية للانتقال إلى خور نجد، فهي السفر عبر مطار مسقط الدولي ثم الانتقال بواسطة الطيران الداخلي إلى مطار خصب الدولي بواقع أربع رحلات في الأسبوع في أيام الجمعة والأحد والثلاثاء والخميس بالنسبة للداخل، وبسعر رمزي.
المصدر: مسقط