دبي (الاتحاد)

لماذا لويس إنريكي؟ سؤال فرض نفسه بقوة في يوليو الماضي، عقب الإعلان عن توليه قيادة منتخب إسبانيا، الذي ودع المونديال بأداء هزيل وفوضى لم يسبق لها مثيل، سؤال تمت صياغته بحروف الشك، وبعد مرور 65 يوماً على الإعلان عن تعيينه مديراً فنياً لمنتخب الغضب الأحمر أصبح السؤال: هل هناك من هو أفضل من إنريكي؟، وهذه المرة يصاغ السؤال بمداد اليقين، فقد تمكن في مباراتين فقط من إسقاط الإنجليز في ويمبلي، وقهر وصيف العالم بسداسية تاريخية، وأعاد الروح لمنتخب «لافوريا روخا»، مكرراً تجربته في برشلونة حينما تولى المهمة خلفاً للأرجنتيني تاتا مارتينو.
إنريكي ليس مدرباً جيداً فحسب، بل هو الخيار الأفضل والرهان المضمون لمنتخب إسبانيا، لأنه يملك عقلاً مدريدياً كتالونياً، وقلباً لا ينبض إلا لإسبانيا، فقد خاض إنريكي اللاعب 213 مباراة بقميص الريال بين عامي 1991 و 1996، وحصل على 3 بطولات، ودافع عن قميص البارسا في 300 مباراة بين عامي 1997 و2004، محققاً 7 بطولات، كما أنه ليس من أصول مدريدية أو كتالونية، فهو ابن خيخون التابعة لإقليم فالنسيا، ما يجعله أبعد ما يكون عن حسابات التنافس الحارق بين الريال والبارسا، وعلى المستوى الدولي لم يكن إنريكي لاعباً عادياً، فقد خاض 62 مباراة بقميص إسبانيا، وشارك في 3 كؤوس عالم، وسجل 12 هدفاً مع المنتخب.
المدريدي الكتالوني الذي يخفق قلبه لقميص واحد هو قميص إسبانيا، رفض تجديد عقده مع الفريق الكتالوني في نهاية مسيرته حينما كان لاعباً، فقد تعرض للإصابات، ورفض الاستمرار في الملاعب معترفاً بأنه لن يتمكن من العطاء بالصورة التي يشعر عنها بالرضا، كما رفض عرضاً من فريق الطفولة والشباب، فريق خيخون للعودة ختام مسيرته معه لنفس الأسباب، فقد دفعته واقعيته، وأمانته مع نفسه ومع الآخرين للاعتزال رافضاً كافة العروض للاستمرار في الملاعب. إنريكي الملقب بـ «لوتشو» يكشف سر هذا اللقب، فيقول إنه كان من عشاق لاعب مكسيكي يلعب لفريق سبورتنج خيخون ويحمل هذا الاسم، فحصل منه على لقبه ليظل ملازماً له، محققاً به شهرة تفوق «لوتشو» الأصلي، ومن بين الأشياء التي تثير فضول الجماهير تجاه إنريكي ظهوره الدائم بنظارة شمسية تبدو مختلفة نوعاً ما، وهو حريص على التمسك بها في جميع التدريبات، ويعود السبب في ذلك إلى أنه يعاني مرضاً في العين، يجعله يضع نظارة بمواصفات خاصة لحجب الأشعة فوق البنفسجية لحماية العين. جانب آخر قد لا يعلمه البعض عن إنريكي، وهو أنه يتمتع بأعلى درجات اللياقة البدنية، صحيح أن هذا ظهر بشدة حينما كان لاعباً، حيث لم يكن يتوقف عن الركض داخل الملعب، إلا أنه عقب اعتزاله يقوم بمغامرات تؤكد تفوقه اللياقي، وعلى رأسها تسلق الجبال، وسباقات الدراجات، بل إنه شارك في بعض سباقات الماراثون، وأكملها حتى النهاية في زمن أقل من 3 ساعات، أي أنه يقترب في ذلك من نجوم سباقات المسافات الطويلة في عالم ألعاب القوى، وتؤكد البنية الجسدية لإنريكي الرشيق أنه لا زال يتمتع بأعلى درجات اللياقة على الرغم من بلوغه 48 عاماً.