سعيد الصوافي (أبوظبي)

كشفت هيئة البيئة - أبوظبي عن قيامها بتحديث الدراسات المتعلقة بتوزيع الطحالب الضارة في مياه أبوظبي والتي تشكل ظاهرة المد الأحمر، وذلك لتقييم حالات الأنواع الدخيلة أو التي أُدخلت من خلال الأنشطة البشرية المرتبطة بزيادة التنمية الاقتصادية والنشاط التجاري في ساحل إمارة أبوظبي.
وبينت أن اقتراب المد الأحمر من محطات تحلية مياه البحر يعطل الأعمال التشغيلية لها بسبب كثافة الطحالب، وإن كان نوع الطحلب ساماً فيجب على المحطات إيقاف عمليات التحلية لحين التخلص منها، حيث تقوم «الهيئة» بإبلاغ دائرة الطاقة المسؤولة عن تشغيل المحطات عن الحالة وتأثيرها على عمل المحطات، مما يساعدهم على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب التأثيرات الضارة المتوقعة على المياه المحلاة.
جاء ذلك تفاعلاً مع ملف «الاتحاد» الذي نشرته مؤخراً، حول تأثير المد الأحمر على منافذ محطات تحلية مياه البحر والتحديات البيئية والاقتصادية والصحية التي تغلبت عليها صناعة تحلية المياه في الإمارات، ومطالبة الخبراء بإغلاق مرافق التحلية مؤقتاً لحين التخلص من الطحالب الضارة التي تشكل المد الأحمر، تجنباً لتلوث المعدات.
وقالت عزة الريسي، عالم - جودة المياه البحرية في قطاع الجودة البيئية في «الهيئة»: إن ضمان نوعية المياه المحلاة ومدى ملاءمتها لأغراض الشرب هو من اختصاص دائرة الطاقة، وإن مسؤولية هيئة البيئة في هذا الخصوص، تقتصر على ضمان الامتثال للاشتراطات البيئية الخاصة بمحطات التحلية، من خلال دراسات تقييم الأثر البيئي ومراجعة تقارير الرقابة البيئية التي تزود بها المحطات، وتصدر «الهيئة» بناءً على ذلك تراخيص بيئية لهذه المحطات وبشكل دوري.
وأشارت إلى أنه في عام 2018، حدثت «الهيئة» الدراسات السابقة حول توزيع الطحالب الضارة في مياه أبوظبي، من أجل تقييم حالات الأنواع الدخيلة أو التي أُدخلت من خلال الآثار البشرية المتزايدة المرتبطة بزيادة التنمية الاقتصادية والنشاط التجاري في ساحل الإمارة، ومن شأن تطبيق الأطر التنظيمية الجديدة لجودة المياه البحرية التي تصدرها هيئة البيئة، أن يساعد في الحد من ظاهرة الإثراء الغذائي.
وأوضحت أن فريق «الهيئة» لحوادث الطوارئ استجاب خلال العام الجاري لـ 12 حالة مد أحمر وحالة واحدة فقط لنفوق الأسماك، مقارنة بالعام الماضي الذي تم خلاله رصد 23 حالة للمد الأحمر تضمنت 5 حالات نفوق للأسماك، مما يشير إلى تحسن ملحوظ في جودة المياه البحرية.

تطوير اللوائح
وتابعت عزة الريسي: «يعتبر ازدهار الطحالب من الظواهر البيئية الطبيعية، ولكن من الممكن أن تكون ضارة في بعض الأحيان، بسبب حجمها أو نوع الطحلب أو قربها من الأنشطة الساحلية، لذلك تقوم هيئة البيئة- أبوظبي، منذ العام 2002، بمراقبة المد الأحمر على طول ساحل أبوظبي، وبالأخص بالقرب من محطات تحلية المياه، بالإضافة إلى تطوير لوائح تنفيذية وأطر تنظيمية لحماية جودة المياه البحرية، والحد من التصريفات إلى البيئة البحرية.
وأكدت أن حالات تكاثر الطحالب الضارة تحدث عندما تزيد أنواع العوالق النباتية بسرعة وبأعداد كبيرة، مما يضر بالكائنات البحرية الأخرى أو بالصحة العامة، وعلى الرغم من أن حالات تكاثر الطحالب الضارة قد تنتج عن ظروف طبيعية، فإن الإثراء الغذائي المفرط في المياه البحرية قد يؤدي أيضاً إلى ظروف مواتية لتكاثر الطحالب الضارة.
وذكرت أن برنامج مراقبة جودة المياه البحرية يتضمن تغطية 22 موقعاً تشمل مناطق لها أهمية بيئية حول جزيرة أبوظبي ومناطق قريبة منها، وكذلك في منطقة الظفرة، ويغطي هذا البرنامج المنهجي 40 معياراً لتقييم جودة المياه والرواسب البحرية، مما يشمل عناصر مهمة تسهم في ازدهار الطحالب، حيث يتم إجراء الفحوص في مختبرات محلية معتمدة اعتماداً دولياً.

مراقبة جودة المياه
وأشارت عزة الريسي إلى أنه يتم مراقبة جودة المياه البحرية من خلال العوامات «المؤتمتة» التي تعزز مراقبة 10 مناطق إضافية، مثل الموائل البحرية الحرجة والمناطق الحساسة، وتقيس هذه العوامات سبعة معايير رئيسية بشكل آني، وتنقل البيانات إلى قاعدة بيانات مركزية في «الهيئة»، الأمر الذي يسهم في الكشف عن أي تغيرات تطرأ على جودة المياه البحرية، ويعتبر بمثابة نظام إنذار مبكر لتكاثر الطحالب الضارة.
ونوهت بأن برنامج مراقبة جودة المياه البحرية يسهم في تعزيز رصد حالة جودة المياه البحرية المحيطة على امتداد شواطئ الإمارة، للكشف عن تأثيرات الأنشطة البشرية على تدهور الموائل والموارد المعتمدة على المياه.
كما يتوافق هذا البرنامج طويل الأمد مع متطلبات القانون الاتحادي رقم 24 لعام 1999 بشأن حماية البيئة البحرية وتنميتها، والقانون المحلي رقم (16) لعام 2005 بشأن إعادة تنظيم هيئة البيئة.
وأضافت: «يمثل الخط الساحلي لإمارة أبوظبي أكثر من 75% من إجمالي المنطقة الساحلية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تحتوي المياه البحرية للإمارة على نظام بيئي متكامل جعلها موطناً لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات؛ لذلك فإن أي تدهور في جودة المياه البحرية في إمارة أبوظبي قد يكون له تأثير ضار على عدد من المستويات المختلفة، التي تشمل الرفاهية الاقتصادية للإمارة وصحة السكان والتأثير على التنوع البيولوجي البحري».
وتابعت: «من أجل الحفاظ على مستوى جودة المياه البحرية وحمايتها، تواصل هيئة البيئة - أبوظبي اتباع نهج شامل وتستمر في جمع بيانات عالية الجودة ومتسقة، وتطوير الأطر التنظيمية اللازمة، وذلك لتعزيز عملية صنع القرار وخطط التنمية المستدامة».
وقالت: «تسهم العديد من الجهات في الإمارة بضمان مناطق بحرية آمنة لمحطات ومرافق تحلية مياه البحر، وفي هذا الإطار تقوم هيئة البيئة بتقييم نوعية المياه البحرية المحيطة بالقرب من مآخذ بعض هذه المحطات، كما تقوم بالتحقق من الامتثال للاشتراطات البيئية».

اتفاقيات خاصة
وحول التعاون مع المنظمات الدولية، ذكرت عزة الريسي أن دولة الإمارات العربية المتحدة وقعت على العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة البحرية، كما أن هناك تعاوناً مع منظمات إقليمية بهذا الخصوص، مثل المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (ROPME) ومقرها دولة الكويت، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة التغير المناخي والبيئة بشكل مستمر.
وكانت «الاتحاد» قد تناولت في ملف خاص التحديات البيئية والاقتصادية والصحية التي تغلبت عليها صناعة تحلية مياه البحر في الإمارات منذ بدايتها عام 1969، إلا أنها تقف حائرة أمام هجوم الطحالب الضارة التي تشكل المد الأحمر، إذا ما نجحت في الوصول إلى منافذ تلك المحطات، إذ تؤدي الزيادة البسيطة في كثافتها إلى مشاكل تشغيلية للمحطة.