عبير زيتون (دبي)
هل حقاً قراءة الأدب هي فعلٌ اتجهت إليه النساء بعد أن تركه الرجال كما كتب ذات مرة الروائي البيروفي «ماريو فارغاس يوسا»، حين قال إن قراءة الأدب في تناقص، وإن غالبية الباقين من القراء نساء فقط؟ وهل كلام «يوسا» ينطبق اليوم على شبابنا «الذكور» خاصة في عصر الثورة التقنية وهيمنة الصورة؟
يبدو أن للإعلامي الشاب غيث حسن، مشرف المجموعة القرائية الذكورية الجديدة «استراحة كتاب- نلتقي لنقرأ» وجهة نظر معرفية أخرى حسب قوله: إن القراءة في هذا العصر أهم مما كانت عليه من قبل، في عالم الهواتف الذكية، وعالم التواصل الاجتماعي، عصر المعلومة المكتوبة. أعتقد أننا بحاجة إلى القراءة، بحاجة إلى إماراتيين يرتاحون إلى القراءة، ويستوعبون ما يقرؤون، ويفهمون أدق الفوارق، ويتيحون للآخرين فهمهم. ويتابع غيث قائلا لـ«الاتحاد»: القراءة تخبرنا بصوت دافئ؛ أننا لسنا وحدنا على هذا الكوكب، وهي لا تعرف التمييز الجندري بين «ذكر» وأنثى، لأن الأدب قاسم مشترك في التجربة البشرية من خلاله يتعرف الإنسان على نفسه، وعلى الآخرين. وأمي رحمها الله التي لا تجيد القراءة والكتابة، اختصرت كل ذلك وقالت لي يوماً: كل شيء سيتغير عندما تقرأ.
تشكل «استراحة كتاب» أول ناد قرائي مخصص للشباب «الذكور» في دبي، وفي المنطقة العربية. تتلخص فكرتها في توفير منصة شهرية للقاء الشباب الذكور، في جلسات دورية لمناقشة ميولهم ورغباتهم من كتب مختارة في الأدب الإماراتي والعالمي. وقد انطلقت رسمياً على هامش فعاليات «معرض أبوظبي للكتاب» في أبريل الماضي، برعاية مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في إطار خطتها الثقافية بدعم المبادرات القرائية المجتمعية، بالتوازي مع مبادرة «استراحة السيدات- نلتقي لنقرأ» بهدف تكريس ثقافة القراءة، بشكل منهجي ومنظم في حياة الأفراد.
أما لماذا قراءة الأدب تحديداً؟ وما الدافع وراء هذه المبادرات القرائية التطوعية والمرجو منها مع الذكور تحديداً؟ يقول غيث: «اقفز من الحافة وأصنع أجنحتك في طريقك للهاوية» كانت هذه القاعدة التي يعيش عليها كاتب الرواية الشهيرة «فهرنهايت برادبيري». وهكذا هو الأدب وقراءة الكتب، فهي تتيح لي الطيران، والوصول إلى أماكن يصعب الوصول إليها. ويضيف غيث: أما بخصوص الدافع وراء هذه المبادرات التطوعية، وبالتعاون مع الكاتب محمد حسن المرزوقي ود. سلطان فيصل الرميثي بإدارتها، فهو رفع مستوى القراءة في الإمارات إلى مستوى أكثر جدية، نحو قراءة محترفين، خاصة أن جيلي أعتبره من الأجيال المحظوظة، حين وجد من يرشده للقراءة ويرعاه، في حين أن «الجيل الجديد» يبدو من دون مرشد قرائي، لذلك نحاول جعل هذه الأندية القرائية، بوصلة في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي لكل شاب يحب مشاركتنا عشق الأدب. يتميز غيث حسن (مواليد خورفكان) ليس بعشقه لقراءة الأدب فقط، بل يعتبر أيضاً من أوائل الشباب الإماراتيين الجادين في إطلاق عدة أندية قرائية على شبكات التواصل الاجتماعي منذ عام 2014، ويرى «أنه على المؤسسات الثقافية أن تبذل المزيد من الجهود لاحتضان الشباب ودعمهم لأن الشباب اليوم لم تعد تُغريهم البرامج التقليدية». ويضيف قائلاً «إن كانت المؤسسات الثقافية جادة في محاولة الوصول إليهم، فيجب أن تخاطبهم بلغتهم وتستمع لهم قبل أن تتكلم إليهم، لأن طموحاتي الثقافية تتطلع إلى أن تصبح القراءة كرغيف خبز ساخن في كل بيت عربي. وأطمح أن أصبح كاتباً يوماً ما لقصة هذا الشغف».