رضا سليم (دبي)

تسرب الصغار.. أزمة كبيرة تواجه كرة اليد على مستوى الأندية والمنتخبات، بل نزيف حاد يهدد كيان اللعبة في خروج أجيال جديدة تحمل لواءها وتمثل منتخباتنا الوطنية، وهو السر في اختفاء اللاعبين الصغار من قوائم فرق الرجال، فالأعداد الموجودة لا تذكر رغم أن لوائح اتحاد اللعبة تسمح بمشاركة عدد من لاعبي الشباب مع الفريق الأول، وأيضاً نفس درجة التصعيد في المراحل.
السؤال الذي يطرح نفسه على ساحة اللعبة، كم لاعباً تم تصعيده للفريق الأول في كل أندية الرجال؟، مع العلم أن هذه الأندية تلعب بفرق كاملة في مراحل الصغار والأشبال والناشئين والشباب ونسبة تسجيل اللاعبين في المراحل لكل فريق من 15 إلى 20 لاعباً، إلا أن مرحلة الرجال تمثل حاجزاً للصغار في التخطي للعب مع الكبار، ولا نجد سوى القلة القليلة التي تجلس على مقاعد البدلاء، بعضهم يحصل على فرصته والآخر ينسحب في هدوء.

طبقاً للإحصائيات الرسمية هناك 22 لاعباً فقط تحت 21 سنة في 10 فرق للرجال، بنسبة 12% من أصل 180 لاعباً في كل فرق الرجال، يتقدمهم مليحة بـ 5 لاعبين وإن كان مليحة قد استعار عدداً كبيراً من لاعبي الشارقة، والأندية الأخرى في أول ظهور له، ومن الجزيرة 4 لاعبين وشباب الأهلي دبي 3 لاعبين والنصر 3 لاعبين، والشارقة لاعبين اثنين، ومثلهما في العين ولاعب واحد في الوصل، وبني ياس والظفرة، بينما الوحدة من دون لاعبين.
وعندما يصعد لاعب أو اثنان إلى فريق الرجال ويتسرب 15 إلى 20 لاعباً ويتركون اللعبة، فالأمر يؤكد وجود خلل في منظومة اللعبة وأن مسابقات المراحل السنية التي ينظمها الاتحاد لا جدوى لها.
أكد قاسم عاشور مدرب منتخبي الشباب والناشئين أن تسرب اللاعبين الصغار أزمة تحتاج للحل لأنها تؤثر بالسلب في المنتخب ومشاركاته إذا أردنا أن نؤسس لجيل جديد على مستوى الرجال والخسارة على مستوى الأندية والمنتخبات لأن الأندية تربي اللاعب وعند مرحلة معينة يترك اللعبة، لأسباب كثيرة في مقدمتها النواحي المادية، خاصة أن لاعب منتخب الشباب والناشئين يتقاضى 70 درهماً عن التدريب الواحد، وهذه المشكلة موجودة في كل المنتخبات الجماعية باستثناء كرة القدم، ولعل هذا التسرب كان وراء تجميع تدريب الشباب والناشئين معاً، وليس أمامنا خيارات أخرى.
وكشف عن سبب آخر لتسرب اللاعبين وقال: «قلة المباريات لهذه الفئات ضمن الأسباب لأن بعض اللاعبين لا يحصلون على فرصة للعب مع الكبار لأن كل مدرب يفكر في بطولة ويعتمد على مجموعة من اللاعبين والبقية «كمالة عدد»، ما يدفع اللاعبين إلى الغياب عن التدريبات، ثم الاختفاء في هدوء».
وأضاف: الاتحاد سعى طوال الفترة الماضية لتأسيس منتخب قوي للناشئين على أن يتحول إلى منتخب شباب ومنه لمنتخب الرجال، وبالفعل كانت هناك منتخبات شاركت في بطولة آسيا والبحر المتوسط بمصر وبطولة المدارس، إلا أن البرامج توقفت، وضاع كل ما بنيناه، وكنت أتمنى أن تستمر البرامج لهذه المنتخبات، ولكن لم يتم الاستمرار والتجمع، وتسرب اللاعبون بعدما توقف البرنامج لهذه الفئة من قبل لجنة المنتخبات بالرغم من عمل برنامج تم إعداده من بعد المشاركة في البطولات الذي خاضها الشباب والناشئون.
وأوضح عاشور أن البرامج تغيرت عدة مرات بسبب عدم تجمع المنتخب وأمامنا خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين بطولتي آسيا للشباب والناشئين وعلينا أن نحاول إنقاذ هذا المنتخب وعودته للتجمع والمشاركة في البطولات الدولية مثل البطولة التي ينظمها مجلس دبي الرياضي سنويا، ونطمح أن تكون هناك تجمعات أسبوعية واللعب خلال عطلة الأسبوع مع منتخبات الجوار والإمارات لا تقل عن أية دولة في إعداد منتخباتها.
وطالب بتعاون الاتحاد مع الأندية من أجل الأجيال الجديدة، ووضع آلية لاستمرار اللاعبين وتكثيف المباريات المحلية وعمل مهرجان على مستوى الدولة أو مستوى الخليجي والأوروبي، وإشراك المدارس لإعطاء كرة اليد حقها، وبغير ذلك سوف يستمر النزيف، وستختفي المواهب في اللعبة.

هويشل: خلل المنظومة يهدد اللعبة
أكد عوض هويشل، المشرف على كرة اليد السابق بنادي الجزيرة أن هناك خللاً في منظومة كرة اليد، يؤدي إلى تسرب اللاعبين لعدة أسباب، في مقدمتها أن اهتمام الأندية بهذه المراحل ضعيف للغاية، لأن الألعاب الجماعية بشكل عام تحتاج صرفا، واللاعب الصغير يحصل على 250 درهماً من النادي شهرياً وعندما يكبر ويصل إلى مرحلة الشباب نجد أن ما يحصل عليه 400 أو 500 درهم، وهو لا يكفي لطموحاته على عكس زملائه في كرة القدم الذين يحصلون على ملايين بعقود خيالية عندما يصلون لمرحلة الشباب، وامتد الأمر إلى أن اللاعب يترك كرة اليد ويتجه إلى الجو جيتسو، لأنه عندما يحصل على ميدالية يجد مكافآت كبيرة في انتظاره، في حين أن بطولات كرة اليد تأتي بصعوبة وبعد سنوات والمكافآت ضعيفة، وبالتالي ليس هناك محفزات لاستمرار اللاعبين في ملاعب اليد.
وأشار إلى أن الخدمة الوطنية بوابة للاعبين في مرحلة الشباب للرحيل، ولا يعود منهم إلا القليل وتختفي النخبة وبالتالي تتأثر اللعبة بوجود لاعبين عاديين ليس من بينهم المواهب التي تثري المنتخب، البعض يتجه لاستكمال الدراسة، والآخر يبحث عن وظيفة وراتب، ولا يوجد دور للأندية في إعادة اللاعبين، بل يتعاملون مع المجموعة الموجودة فقط، ونتوقع أن تختفي اللعبة بهذا الشكل بعد سنوات عدة.

العزوف يصل إلى 50%
يكشف ثروت شمس، مدرب المراحل بنادي الشارقة، والذي يملك خبرة كبيرة في أندية الدولة، عن أن التسرب دائماً ما يكون بنسبة 50% في المراحل السنية من 9 إلى 14 عاماً، وتقل بعد ذلك في المرحلة التالية إلى 40 %، وتتراجع إلى 20% في مرحلة الأشبال، وفي العام الأول لمرحلة الناشئين، ولا يوجد فريق يصل فيه عدد لاعبي الشباب إلى 16 لاعباً، رغم وجود الفئات المشمولة بقرار صاحب السمو رئيس الدولة.
وأضاف: المشكلة الأساسية في الانتقاء الصحيح في المدارس، وبالتالي قد لا يجد اللاعب نفسه، ويترك اللعبة بجانب أن المدرب قد لا يكون مؤهلاً لهذه المرحلة السنية.

الشارقة حالة استثنائية
يعد نادي الشارقة حالة استثنائية في ظل الاهتمام الكبير بالمراحل السنية، ووجود فريقين في مسابقات الاتحاد بهذه المراحل، ما يؤسس لقاعدة كبيرة، بالإضافة إلى أن إدارة النادي قامت بإعارة اللاعبين الصغار لعدد من الأندية حتى لا يتركوا اللعبة، خاصة أن كل فريق له 20 لاعباً في مسابقات الرجال وخلال الموسم الحالي انتقل عدد من اللاعبين بالشارقة إلى أندية أخرى، منها نادي مليحة الذي كان له نصيب الأسد في أول ظهور له في دوري الرجال هذا الموسم، والوصل والنصر.

غريب: غياب البرامج وراء الظاهرة
قال سعيد غريب المشرف على المراحل السنية بنادي شباب الأهلي دبي: «مرحلة الناشئين آخر مراحل الصقل المهاري العام للاعبين وفي نهاياتها يتحدد بشكل كبير المستقبل الرياضي لمعظم اللاعبين ومرحلة الشباب يتم بها سد النقص المهاري لدى البعض، ويأتي انعدام التخطيط الجدي في هذه المراحل لعدم إدراك القائمين في الأندية على أهمية هذه المرحلة في المستقبل القريب للفريق الأول بالنادي، بالإضافة إلى عدم وجود نشاط وبطولات للمنتخبات الوطنية في هذه المراحل، والتي تمثل الحافز للاعب للتمثيل الدولي، وهو طموح كل رياضي.
وأضاف: مرحلة المراهقة من المراحل التي تصاحبها تغيرات فسيولوجية ونفسية تتطلب ثقافة من الإداريين والمدربين للتعامل معها بالشكل المناسب، وبالتالي يخرج اللاعب دون رجعة لعدم وجود اهتمام به، وأيضا فترة التوقف الصيفية الطويلة، وعدم وجود برامج في الأندية لاستغلال هذه الفترة يخلق اهتمامات أخرى للاعب خارج الأندية، والبحث عن طرق أخرى بعيداً عن اللعبة، وربما الرياضة.
وتابع: اختفى التسرب في نادي شباب الأهلي لكرة اليد للسنة الثانية، ولا يوجد لدينا تسرب في هذه الفئات ولا الفئات الأخرى لوجود خطة لها جوانب فنية وإدارية ونفسية واجتماعية، ونتمنى أن يستمر ذلك، وبالتأكيد ستكون له نتائج مستقبلية جيدة، والأهم أن تتفهم الأندية أن هذه الأجيال تربت في النادي وفي مرحلة معينة تحتاج إلى اهتمام أكثر ورعاية للحفاظ عليها.

أسباب تسرب اللاعبين
عدم اهتمام الأندية بتصعيد الشباب للفريق الأول
غياب الحافز المادي والمعنوي لاستمرار اللاعبين
التسرب لأسباب الدراسة والعمل
غياب التعاون بين اتحاد اليد والأندية
عدم مشاركة منتخبات المراحل في البطولات
ثقافة تعامل الإداريين مع الشباب

الحلول
تعاون الاتحاد والأندية للحفاظ على هذه الأجيال
تغيير اللائحة بضرورة وجود شباب في مباريات الكبار
عمل دورات للإداريين لنشر ثقافة التعامل مع الصغار
تقديم الحافز المادي والمعنوي من الأندية
إعادة النظر في لائحة بدل تدريب المنتخبات
عودة منتخبات المراحل للمشاركة في البطولات الخارجية