فخر الدين: سيارة الإسعاف رحلة إنقاذ ونجاة
يرفع الناس أكف الدعاء بالستر والسلامة لمجرد سماعهم صوت إنذار سيارة الإسعاف، التي تبدو كصندوق مقفل محمول على عجلات، تسير بسرعة جنونية، لتنقذ حياة هذا أو ذاك، وبداخلها طاقم طبي يهرع للإسعاف.
وهو ما يحفزنا لإلقاء الضوء على الطاقم الطبي الإسعافي الذي يهب لإنقاذنا أو إنقاذ أحبابنا لا قدر الله، بكل ما لديه من قدرات وخبرات ومشاعر، كيف لا وقد تغلغل حب أداء النداء أوالواجب الإنساني بين ضلوعهم.
يقول فخر الدين بلال - فني التخدير ومشرف العمليات وقسم الطوارئ بمستشفى الإمارات الدولي: «أحب مساعدة الآخرين وبالذات الملهوفين من المرضى لكسب الأجر والثواب العظيم لإسعافهم والتخفيف من أوجاعهم، هذا الأمر دفعني للالتحاق بدورات مكثفة في كيفية إسعاف أي مريض مهما كانت حالته، علماً أن عملي الأساسي في غرفة العمليات عبر تخدير المرضى الذين سيخضعون لجراحة ما».
يضيف بلال: «في الحقيقة أنا فني تخدير ويفترض أن أكون مقيماً فقط في المستشفى، لكن من شدة حبي للعمل الإنساني الذي أبتغي منه الأجر والثواب تلقيت دورات مكثفة ومتخصصة في الطوارئ والإنعاش القلبي الرئوي وكيفية إسعاف أي مريض مهما كانت حالته، فجمعت رغبتي بين الإسعاف والتخدير لأخدم المرضى الذين هم في أمس الحاجة إليّ ولأشعر بلذة العطاء والإنجاز والنجاح التي تتجلى في لهفتي على مريض أنقذ حياته التي كادت تشرف على الهلاك، ومما لا شك فيه أن تلك الحالات تتطلب مني الوصول في أسرع وقت ممكن ومما يساعدني أنني أسكن بجانب المستشفى، فلا يتحمل وصولي سوى دقائق معدودة، كذلك أقوم أثناء وجودي في المستشفى بتخدير المرضى الذين سيخضعون لعملية جراحية وفي كثير من الحالات تكون أيضاً طارئة ومستعجلة كحاجة امرأة تعسرت ولادتها لعملية قيصرية وانفجار الزائدة في بطن فتاة».
محزنة.. مفرحة
يبين بلال أن سيارة الإسعاف التي ينقلون فيها المرضى مجهزة بأدوات وأجهزة إسعافية تلزم الحالات الحرجة وغيرها، يقول في ذلك: «هناك أجهزة مراقبة القلب والتنفس والأوكسجين والضغط وحالات الإغماء وحالات الكسور والحروق التي يجب الحذر الشديد في نقلها».
مرت حالات كثيرة على بلال وهو في سيارة الإسعاف منها ما هو مفرح انتهى على خير وسلامة، كحالة رجل مسن أتته حالة إغماء بسبب نوبة سكري أصابته وحالات أخرى لحوادث سير، عمل في جميعها على إسعاف المصابين.
وهناك قصص محزنة أثرت في نفس بلال، من بينها حالة إسعافية مستعجلة لطفل لم يتجاوز السنة من عمره ابتلع قطعة بلاستيك صغيرة من لعبته التي كان يلعب بها وقد انشغل عنه أهله ووالدته التي كانت قد نجت من حادث ولا تزال في الفراش، وإذا بجدة الطفل تأتي مسرعة به بعد فوات الأوان إذ تأخرت في إسعافه، وحاول فخر وزملاؤه جهدهم لإخراج ما ابتلعه ولم يمكنهم ذلك، فوافته المنية. يصف بلال الموقف بحزن، ويقول: «بينما كنت أضغط على صدره لإخراج القطعة كنت أتذكر ابني الصغير، وجن جنوني لأنني أردت أن أنقذه لكنه وصل متأخراً ومشيئة الله أقوى».
إنما الأجمل أن تكون الوظيفة نافذة خير نطل عبرها إلى مساعدة الآخرين وتقديم خدمة إنسانية تتجلى فيها أسمى معاني العطاء اللامحدود فنكسب بذلك القبول والمحبة مسبوقين برضا الله علينا.
المصدر: العين