«السلوقي» و«حرب النعل» تتفقان على الحكاية وتختلفان في الرؤية الإخراجية
عرضت مساء أمس الأول مسرحيتا “السلوقي” للمخرج حسن رجب و”حرب النعل” للمخرج محمد العامري من تأليف الكاتب المسرحي إسماعيل عبدالله، للعملين معا، على خشبتي مسرح معهد الفنون المسرحية بالشارقة بحضور لجنة فنية شكّلتها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بهدف اختيار أحد العرضين للمشاركة في مهرجان المسرح الخليجي الذي يُقام في العاصمة القطرية الدوحة بدأ من العشرين من ديسمبر المقبل.
يمثل العرضان في خطوة غير مسبوقة تنتهجها الوزارة لأول مرة بعد أن كان الترشيح لمهرجان المسرح الخليجي يتم تلقائيا باختيار المسرحية الفائزة بجائزة أفضل عمل متكامل في أيام الشارقة المسرحية.
وقال بلال البدور المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والفنون في الوزارة، رئيس اللجنة المناط بها الاختيار لـ”الاتحاد” إن اللجنة في حال انعقاد متواصل حتى يُصار إلى الوصول إلى اختيار مقنع لسائر أعضاء اللجنة التي تضمّ في عضويتها عددا من الفنانين والمؤلفين العاملين في مختلف حقول الفنون المسرحية حيث قام كل واحد منهم بطرح ملاحظات تقنية ومهنية حول العرضين بحيث يتم ترشيح واحد من العملين لمهرجان المسرح الخليجي بأعلى سوية فنية ممكنة.
وأعرب البدور، الذي ثمّن جهود المخرجين رجب والعامري والفريقين العاملين في المسرحيتين، عن ثقته باللجنة وطريقة عملها ومتابعتها لتفاصيل العملين أولا بأول، مؤكدا نجاح تجربة الترشيح عبر هذه الآلية التي تحاول ان تصل بعملها إلى أقصى ما يمكن من درجات الاحتراف.
ويمكن القول بدءا، أن ما تمّ عرضه مساء أمس الأول هو “بروفة جنرال” للعملين وليس الصيغة النهائية لأي منهما، وذلك بحسب مجريات عرض كل منهما على حدة. لكن أعطى كل منهما فكرة ناضجة عن صنيع كل مخرج والدلالة الواسعة لكل منهما وما يريد قوله المخرج لجمهور عرضه.
وإذا كان الجامع بين العملين هو الذهاب إلى حكايا موروثة أو شائعة عن مجتمع الصيادين وتلك الثقافة التي تجمع الصحراء بالبحر بكل ما تشتمل عليه من قيم، وبكل ما تنطوي عليه من ثراء يقرّب العمل إلى الإماراتيين أنفسهم عبر التركيز على الصراع الاجتماعي بين فئاته وما يحكم هذا الصراع من عادات وتقاليد، فإن الفارق الجوهري بين العملين هو طبيعة المعالجة الدرامية للحكاية الموروثة والإسقاطات التأويلية والمباشرة على المجتمع الإماراتي براهنه إجمالا، وذلك في إطار وعي متبلور لدى المخرجين العامري ورجب بأن المسرح لا تتوقف وظيفته عند كونه مرآة للمجتمع بل أداة من أدوات الارتقاء بهذا المجتمع وتحويل طاقاته بشكل خلّاق باتجاهات أخرى أكثر إيجابية، من جهة، ثم بتركيز نوعي على تحويل مادة الحكاية من نص مكتوب إلى نص بصري يمتلك جمالياته الخاصة به دون أن يُحدث قطيعة ما مع الحكاية ذاتها.
ضمن هذه الرؤية الإخراجية، بدا تركيز حسن رجب على أداء الممثل واضحا كما لو أن العمل بحد ذاته هو ورشة تدريب ممثل محترف على دور بعينه، في إطار الحصول على أفضل نتيجة تعبيرية ممكنة تخدم العرض وتضيف إلى جمالياته التي يعزز منها ذلك التناغم بين عناصر السينوغرافيا بالتوازي مع خطّ درامي متصاعد؛ في حين بدا أن المخرج محمد العامري قد اتكأ على خبرات ممثليه في الوصول إلى سمات خاصة تميّز كل شخصية عن الأخرى في العمل ككل.
ويمكن القول ان الشخصية المسرحية لدى رجب كانت عبارة عن “بحث” في سياق المحيط والبيئة التي تلهم الشخصية بامتيازها الخاص تبعا لطبيعة الدور، خاصة دور “السلوقي” الذي قدمه الممثل الشاب الموهوب حميد فارس. وبالمقابل كانت الشخصية المسرحية مدار بحث جوّاني لدى الممثل في “حرب النعل” كما هي الحال في شخصية الأعمى التي قدّمها الممثل عبد الله صالح الذي استخرج الشخصية من أعماق خبراته المسرحية التي يزيد عمرها عن الثلاثين عاما.
أما على صعيد الشكل المسرحي، فإن العملين على الرغم من اتكائهما إلى ما هو حكائي موروث أو ما هو أقرب إليه، إلا أن النزعة التجريبية قد بدت واضحة لدى المخرجين بالابتعاد عن الواقعي في الأداء وعلاقة جسد الممثل بالملفوظ وبقية العناصر السينوغرافية، إلى حدّ أن الإضاءة من الممكن اعتبارها شخصية أخرى تُضاف إلى العملين معا. وذلك رغم ما اعترى الإضاءة من بعض القصور الذي من الممكن تلافيه لجهة علاقتها المباشرة بجسد الممثل.
المصدر: الشارقة