دبي (الاتحاد)

استهل مركز جمال بن حويرب للدراسات، موسمه الثقافي الجديد 2018 - 2019 بجلسة، نظمت مساء أمس الأول الأحد (2 سبتمبر) بعنوان «ذاكرة القصيدة المغناة في الإمارات»، ألقاها الكاتب والباحث مؤيد الشيباني، أكد فيها الخصائص الفنية لهذه القصيدة، والتي احتفظت بأصالتها من خلال مجموعة من العناصر، كما حافظت على اللهجة المحلية، وتميزت بقوة المفردة وقدمت سيرة للمكان الذي كانت بمثابة حنجرة له.
حضر الجلسة جمال بن حويرب، رئيس المركز، والشاعر شهاب غانم، والإعلامي عمر غباش، والمهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني في الإمارات، والباحث راشد بن هاشم، والدكتور طلال الجنيبي، والشاعر السعودي سعيد ناصر الحمالي، ولفيف من المثقفين والإعلاميين.
بدأت الجلسة بكلمة لرئيس المركز جمال بن حويب، الذي رحب بالمحاضر والحضور، وقال إن ما يميز المتن البحثي لمؤيد الشيباني لكونه اشتغل على موضوعات لم يشتغل عليه أحد، ولم يهتم به كثير من الباحثين، وهي من صميم الموروث.
أما الباحث مؤيد الشيباني فقد بين أنه كلما أطل في جلسات للحديث عن موضوع القصيدة المغناة في الإمارات، يجد خيطاً مختلفاً عن الآخر، فمن الصعب أن نفهم ما هي الأغنية ولماذا القصيدة المغناة بالذات، أمام هذا الكم الهائل من الأجناس الأدبية والفنية، مجيباً أن حضورها الرائع يتمثل في كونها حنجرة المكان وتاريخه وحنينه وصداه وشوقه ووجدانه، وهذا ما عبرت عنه القصيدة الإماراتية المغناة التي تنفرد بالعديد من الخصائص الجوهرية، تميزها عن غيرها، شكلت إضافة نوعية لما هو متعارف عليه في بعض بلدان العالم، ففي الإمارات وجدت للأغنية خصائص، ومن هذه الخصائص أن كُتاب نصوصها من قادة البلاد وأعيانها وعلمائها وشيوخها ومؤسسي نهضتها ونسائها الفاضلات، فكانت متميزة بذلك، فهؤلاء هم من كتبوا الأغنية الإماراتية، واتكأت على نصوصهم أصوات المطربين، فكانت متميزة في ذلك.
وبين الشيباني أن النصوص التي قدمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بلغت حوالي 93 قصيدة، غناها أكثر من 300 صوت مكرر ومعاد، من تونس إلى السعودية، من الإمارات إلى العراق بأصوات متعددة وأجيال متعددة، وهي تحمل مضامين مهمة، كما انتقلت إلى منطقة الأغنية الكثير من المضامين التراثية كالقنص والفروسية، كما تغنى عشرات المطربين بأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كما لم تكن المرأة غائبة عن الإسهام الشعري في الأغنية الإماراتية، حيث تعددت الأصوات مثل عوشة السويدي، «فتاة العرب»، وقبلها كانت الشاعرة بنت الماجدي بن ظاهر «فتاة الحي»، فالساحة الإماراتية لم تعرف ساحة عربية مثلها وجود كم كبيرة من الشاعرات اللاتي غنيت قصائدهن، حيث وصلت إلى أكثر من 40 قصيدة مغناة، ودعم القيادة كان له دور كبير في دعم هذا الزخم الثقافي والتراثي.
ثم فتح الباب للنقاش، حيث تساءل الشاعر شهاب غانم عن الفروق بين القصائد، وما يجعل قصيدة تغنى دون أخرى، ودور الموسيقى الداخلية للنص في ذلك، وتحدث الإعلامي عمر غباش عن دور الثقافة في المحافظة على الموروث، في ظل إشكالات العزوف عنها من الأجيال الجديدة، وتطرق الشاعر السعودي سعيد الحمالي إلى العمق الثقافي والجغرافي الذي يفرض هيمنته على النصوص، وسيطرة الشعر العمودي دون غيره، مبيناً أن ازدهار القصيدة المغناة مرتبط بالرفاه، كما نلحظ في العصر الأندلسي، وأوضح أن ما يميز القصيدة الإماراتية هو البعد عن الإسفاف، والانزلاق عن المعنى.
وتحدث الدكتور طلال الجنيبي الذي بين أن الانفتاح الثقافي والإنساني هو الذي خلق هذا الازدهار أمام كل التجارب الإنسانية، مبيناً دور الإيقاع في الشعر في إبرازها وحضورها في الأغنية.