يوسف العربي (دبي)
استكملت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، الصياغة النهائية لمشروع قانون «الملكية المشتركة» الذي ينص على حل جميع جمعيات ملاك العقارات بمناطق التملك الحر في الإمارة (يزيد عددها على 520 جمعية)، وإسناد إدارة هذه العقارات لشركات متخصصة خاضعة لرقابة مباشرة من مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا»، بحسب محمد خليفة بن حماد، مدير إدارة أول في إدارة تنظيم العلاقات العقارية بالمؤسسة.
وقال ابن حماد لـ«الاتحاد»: «إن القانون الخاص بإدارة عقارات الملكية المشتركة المتوقع إصداره قبل نهاية العام الحالي، سيشكل أكبر نقلة نوعية في مجال إدارة العقارات بمناطق التملك الحر في إمارة دبي»، مشيراً إلى أن نصوص القانون الجديد نابعة من واقع التجربة المحلية، بما يضمن تقديم الحلول الأنسب للبيئة العقارية بالإمارة التي تتميز بديناميكيتها وتنوعها، وطغيان الجانب الاستثماري.
وأوضح ابن حماد، أنه تمت الاستفادة من الدروس الناجمة عن التطبيق الفعلي لقانون الملكية المشتركة بصيغته الحالية التي اعتمدت على مفهوم جمعيات الملاك (اتحادات الملاك) التي يتم انتخاب أعضائها من قبل ملاك الوحدات، لتتولى هذه الجمعيات تحصيل رسوم الخدمات، وتعيين مزود الخدمة، وهو نظام معمول به في معظم دول العالم، حيث يقوم أهالي الحي السكني أنفسهم بإدارة عقاراتهم وأحيائهم السكنية.
تجربة محلية
ولفت إلى أن التطبيق الفعلي لتجربة جمعيات الملاك، وفق هذا المفهوم السائد عالمياً، انعكس بشكل جيد على القطاع العقاري في دبي، إلا أنه لم يتماه بشكل كامل مع احتياجات السوق العقاري المحلي، لاسيما أن معظم ملاك العقارات في مناطق التملك الحر من الأجانب، وشريحة كبيرة منهم من غير المقيمين الذين اشتروا هذه العقارات بهدف الاستثمار، ومن ثم فإن فرضية حضورهم لانتخاب جمعية الملاك وتفرغ بعض الأعضاء لإدارة المبنى، كانت أموراً صعبة المنال في الكثير من الأحيان.
وأضاف ابن حماد أن دبي تتميز أيضاً بالمباني الشاهقة التي تعد إحدى السمات العقارية المميزة للإمارة، وهو الأمر الذي يتطلب خبرات فنية متخصصة لإدارة هذه المباني المرتفعة، والتي تتضمن أنظمة متطورة للاستدامة، وتوفير الطاقة ومكافحة الحريق والمتابعة والتحكم عن بعد، وهي أمور لم تتوافر لدى الملاك أو أعضاء الجمعيات، الدراية الكافية بها.
وأشار إلى أنه مع استخلاص دائرة الأراضي والأملاك لهذه التحديات الناجمة عن نظام جمعيات الملاك، قررت الدائرة الخروج بتجربة تشريعية محلية خالصة بعد استطلاعها آراء جميع الأطراف ذات المصلحة من شركات تطوير وملاك وشركات إدارة.
ويؤكد القانون الجديد، تولي شركات الإدارة المخصصة والمرخصة من مؤسسة التنظيم العقاري في دبي (يبلغ عددها حالياً نحو 100 شركة)، عملية إدارة عقارات الملكية المشتركة في مناطق التملك الحر، مع منح مهلة ينص عليها القانون لتوفيق الأوضاع.
ثلاث فئات
ووفق نصوص القانون، تم تقسيم المشاريع المشتركة إلى ثلاث فئات رئيسة لغرض إدارتها (المشاريع الكبرى)، تتولى لجنة مختصة التأكيد على تصنيف هذه المشروعات ضمن الفئة المشار إليها، لتتولى الشركات نفسها إداراتها بإشراف مباشر من مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا» التي ستراقب جودة الخدمات عبر التفتيش الميداني، ويتمثل النوع الثاني في (المشاريع الفندقية) التي تدار من المطور لمصلحة الملاك بنظام تقاسم الإيرادات، وستستمر إدارة هذه المنشآت الفندقية وفق النظام القائم من قبل الشركة المشغلة، مع الخضوع لعمليات الرقابة المنصوص عليها بالقانون، فما يتمثل النوع الثالث في العقارات من غير المشاريع المشار إليها (للفئة الأولى والثانية)، وفي هذه الحالة تتولى مؤسسة التنظيم العقاري تعيين شركة الإدارة، وفق اللوائح المعمول بها. وتنص بنود القانون على أن تقوم مؤسسة التنظيم العقاري بتعيين شركات الإدارة المختصة لإدارة المشاريع ذات الملكية المشتركة، كما يحق للمؤسسة تغيير تلك الشركات، وتعيين شركات أخرى بديلة تحل مكان تلك الشركات. وتضمن مشروع القانون الجديد اختيار لجان ملاك استشارية في المشاريع ذات الملكية المشتركة من قبل مؤسسة التنظيم العقاري، والتي ستقوم بدور تقديم الملاحظات عن شركة الإدارة والتشغيل والصيانة والإصلاح في الأجزاء المشتركة، والاطلاع على الميزانيات السنوية المعدة لصيانة العقار، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها، ومناقشة المعوقات والصعوبات المتصلة بإدارة الأجزاء المشتركة بالمبنى.
ويتضمن القانون استحداث التفتيش الميداني لرقابة جودة الخدمات والمرافق بواسطة المفتش، وتكليف المؤسسة وضع معايير وضوابط لتدقيق رسوم الخدمات للمشاريع ذات المكية المشتركة وبدل الاستعمال، خاصة بمناطق التطوير الرئيسة.
الإشراف والرقابة
وينص قانون إدارة الملكية المشتركة على أن تتولى مؤسسة التنظيم العقاري تنظيم إدارة الملكية المشتركة ورقابة المطورين العقاريين وشركات الإدارة، وفي حالة ضبط وجود إهمال أو خلل في إدارة المشروع أو تدنٍ في جودة إدارة المرافق العامة للمشروع، تقوم مؤسسة التنظيم العقاري باستدعاء جهة الإدارة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك المخالفات والإنذارات والغرامات المالية.
وتقوم المؤسسة في بعض الحالات التي تتطلب الحفاظ على مصلحة ملاك الوحدات العقارية والمشروع، بالموافقة على تعيين شركات الإدارة لتلك المشاريع، وسيشمل في القانون الجديد بند الرقابة على جميع الموردين للمشروع، بما في ذلك شركات الخدمات والصيانة، وغيرها، من خلال التعاون مع المفتشين.
ووضعت مؤسسة التنظيم العقاري معايير وضوابط للتدقيق على رسوم الخدمات للمشاريع ذات الملكية المشتركة ومناطق التطوير الرئيسة، كما منعت المؤسسة شركات الإدارة المطالبة بتحصيل أي رسوم للخدمات من ملاك الوحدات العقارية، قبل تدقيقها واعتمادها من المؤسسة.
واشترطت مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا» تخصيص حسابات ضمان لإيداع رسوم الخدمات في البنوك المعتمدة من «ريرا».
واشترطت المؤسسة على شركة الإدارة، بنهاية كل سنة مالية، تقديم تفاصيل رسوم الخدمات كافة للتدقيق عليها من قبل شركات التدقيق المالي المسجلة بالمؤسسة، ويعتبر ذلك شرطاً إلزامياً للتدقيق على رسوم الخدمات للسنة التالية.
وسيشمل في القانون الجديد اشتراط المؤسسة على شركة الإدارة تدقيق رسوم الخدمات قبل تقديم المعاملة للمؤسسة، ابتداءً من السنة الأولى لرسوم الخدمات، وستحل شركة الإدارة محل جميعة الملاك، وسيكون هناك دور رقابي من المؤسسة بالتعاون مع المفتش على شركة الإدارة. ومن المقرر أن تنشر مؤسسة التنظيم العقاري جميع بيانات رسوم الخدمات المدققة والمعتمدة من المؤسسة على الموقع الإلكتروني للدائرة ضمن خدمة «مؤشر رسوم الخدمات والصيانة»، واستحدث أيضاً رخصة عقارية مهنية في مجال إدارة المشاريع ذات الملكية المشتركة، وهو (نشاط خدمات الإشراف الإداري لجمعيات الملاك، كما تم استحداث نظام إلكتروني (ملاك)، وتشمل النسخة الأولى بيانات رسوم الخدمات، وبيانات جمعيات الملاك وشركات الإدارة.
وسيشمل في القانون الجديد الربط الإلكتروني بين نظام ملاك (قاعدة البيانات للمشاريع ورسوم الخدمات ولجان الملاك)، مع شركات الإدارة والبنوك وشركات التدقيق.
واستحدثت المؤسسة، بالتعاون مع معهد دبي العقاري، دورات تدريبية متخصصة عدة في مجال جمعيات الملاك لرفع مستوى الكفاءة في شركات الإدارة.