الإرهاب في الخليج يقول د. شملان يوسف العيسى:نفذ تنظيم «داعش» عملية إجرامية جبانة في مسجد للشيعة في الكويت راح ضحيتها 27 شهيداً وسقط أكثر من 200 جريح، وتعتبر هذه العملية من أكبر الجرائم الإرهابية في الكويت، وهي تهدف لزعزعة الأمن وخلق فتنة طائفية في المجتمع الواحد الصغير والمسالم. والسؤال هو: لماذا الكويت؟ ولماذا الآن؟ وهل التفجيرات في المنطقة عمليات فردية أو عمليات مبرمجة ومخطط لها؟ لا يفيد في هذه المرحلة بعد سقوط العشرات، بل المئات من الشهداء في الخليج، نتيجة الإرهاب، إصدار بيانات التعاون والتعاضد والإدانة للعمليات الإرهابية. علينا في هذه المرحلة أن ندرس الأسباب والدوافع التي دفعت أشخاصاً في الخليج إلى تفجير أنفسهم وقتل الأبرياء والمقيمين في بلدانهم.. ويتطور الأمر إلى القيام بعمليات إرهابية جبانة في بيوت الله.. في المساجد، وفي أيام الشهير الفضيل. خطورة الأمر تكمن في حقيقة أن جماعات الإسلام السياسي، من السنّة والشيعة، تستغل الدين للترويج لبرامجها الطائفية، لكسب لرأي العام لمصالحها السياسية الرخيصة على حساب الفئات الأخرى في المجتمع. إننا لا نبالغ عندما نقول بأن الديمقراطية الكويتية وأجواء الحريات أفرزت لنا مفاهيم خاطئة بعيدة جداً عن الروح الديمقراطية في الغرب، إذا لم تفرز مجتمعاً تعددياً ديمقراطياً يحترم القانون ومدنية الدولة والرأي الآخر.. بل ما نشهده اليوم هو فرز طائفي وديني وقبلي على حساب المفاهيم الوطنية التي تعزز الوحدة الوطنية والولاء الوطني بعيداً عن الدين، أو الطائفة أو القبيلة.

صندوق النقد.. ضحية محتملة لليونان يرى محمد العريان أنه إذا تخلفت اليونان عن سداد ديونها لصندوق النقد، فستجد أن علاقتها مع الصناديق المالية الأخرى قد تأثرت بشدة بما في ذلك «المركزي الأوروبي».

تتضافر جهود كل الأطراف المعنيّة بالأزمة اليونانية من أجل تجنيب أثينا بلوغ حالة عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المتعلقة بسداد ديونها لصندوق النقد الدولي. ويعود ذلك لسبب وجيه يكمن في أن هذا القصور ستكون له عواقبه الوخيمة ليس على اليونان وأوروبا فحسب، بل على النظام المالي العالمي برمته. وقد تُرجمت حالة الدائنين، ولو وفق مفهوم غير رسمي، بقبول عام يقضي بأن يحصل صندوق النقد الدولي على دفعات السداد للديون المستحقة على اليونان قبل بقية الدائنين. ولو قُدّر للمدينين أن يفشلوا في سداد الدفعات المستحقة عليهم، فسيتوجب عليهم أن يتوقعوا التعرض لضغوط قوية من الدول الأعضاء في الصندوق التي يبلغ عددها 187 دولة. وهذا يفسر السبب الذي جعل حالات التأخر عن سداد الديون للصندوق تقتصر على مجموعة من الدول الفاشلة ذات النظام المالي الهشّ وخاصة في أفريقيا. وكان في وسع صندوق النقد الدولي أن يمثل في كل مرة دور «مطفئ الحرائق» عندما كان يجرؤ على اختراق «الأبنية المشتعلة» فيما كان الآخرون يهربون في الاتجاه المعاكس. والآن، يثبت الصندوق، مرة أخرى، يثبت الصندوق أن مساهماته أصبحت ملحّة لتحقيق الاستقرار المالي العالمي ودرء أسباب الوقوع في الأزمات، والحدّ من تأثيرات تلك الأزمات على الدول الأخرى. تفجير الكويت.. هجوم على التسامح يقول مارك سابينفيلد إن حرية الصحافة الكويتية ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تزيدا التوترات، خصوصاً بفعل أولئك الذين يسعون إلى نشر الفتنة والتحريض. بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، ادعى تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن واحد فقط من الهجمات الإرهابية الثلاث التي ضربت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا في آن واحد تقريباً. وفي حين أنه من الممكن -وربما من المرجح- أن يكون التنظيم قد «ألهم» الإرهابيين الذين نفذوا مذبحة لعشرات السائحين على الشاطئ في مدينة سوسة بتونس، وقطعوا رأس مدير خارج مدينة «ليون» الفرنسية، إلا أن التنظيم نفسه يقول، إنه خطط بصورة مباشرة للتفجير الانتحاري الذي قتل 25 شخصاً على الأقل في مسجد شيعي بالكويت. وبالطبع، فالهدف واضح، فلطالما كانت دولة الكويت تمثل نموذجاً للتسامح والتعايش والاستقرار، ومثلاً إيجابياً في كيفية إدارة التوترات الطائفية والمذهبية بين السنة والشيعة، التي تعتبر أساس العنف في الشرق الأوسط. ويبدو أن الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي كان محاولة لزعزعة هذا النموذج، ودفع تلك الدولة إلى نوع من الفوضى الطائفية التي يقتات عليها عادة تنظيم «داعش»، وغيره من جماعات العنف والإرهاب. وقد كانت قدرة الكويت على إدارة الانقسام الطائفي بين سكانها بصورة سلمية هي النموذج الذي كانت تأمل الولايات المتحدة تطبيقه في العراق، حيث تبدو الانقسامات الطائفية عميقة، ودفعت الاستقطابات المذهبية بعض الأفراد من السنة إلى الارتماء في أحضان تنظيم «داعش». وعلى النقيض، دمجت دولة الكويت الأقلية الشيعية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع بشكل كامل، حسبما يؤكد تقرير صادر عن معهد «إنتربرايز» الأميركي للأبحاث في عام 2013. ويعتبر «الغالبية العظمى» من الشعية الكويتيين، الذين يشكلون نحو 30 في المئة من السكان -حسب بعض الإحصاءات- أنفسهم كويتيين أولاً وقبل كل شيء. بيد أن التقرير ذاته، يتساءل عما إذا كانت الكويت «وصلت إلى النقطة الحرجة طائفياً»؟ وفي هذا السياق، من الممكن أن يكون الغرض من التفجير الانتحاري الذي وقع يوم الجمعة الماضي أكثر من مجرد محاولة لقتل السكان الشيعة، الذين يعتبرهم تنظيم «داعش» الإرهابي مارقين، ويبدو أنه محاولة لإثارة الشقاق بين الحكومة والأقلية الشيعية. وقد تصاعدت نبرة الطائفية أحياناً في الكويت خلال الأعوام القليلة الماضية، مدفوعة بالجدل المحلي بشأن الحرب الأهلية في سوريا، على رغم الليبرالية النسبية، والانتخابات الديمقراطية، وحرية الصحافة في تلك الدولة. ويلفت تقرير «إنتربرايز» إلى أن «الطائفية يمكن أن تكون أداة مفيدة للسياسيين الشعبويين»، لافتاً إلى «أن حرية الصحافة الكويتية ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تزيدا التوترات، خصوصاً بفعل أولئك الذين يسعون إلى نشر الفتنة والتحريض»، وقد بدأ تنظيم «داعش» بالفعل محاولة إثارة الشيعة في السعودية، على رغم أنهم يمثلون نسبة أقل هناك، حيث فجّر مسجداً شيعياً بالقرب من القطيف في الشهر الماضي. ومن خلال تفجير المسجد في الكويت، يسعى التنظيم الإرهابي إلى إظهار اتساع نفوذه إلى خارج العراق وسوريا. وتقول «بدور بهبهاني»، وهي طالبة في مدينة الكويت العاصمة لـ«نيويورك تايمز»: «منذ أن سمعت عن القطيف ومسجد الشيعة هناك، شعرت مباشرة أن الكويت ستكون التالية». وقد قام أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، بزيارة مباشرة للمسجد بعد الهجوم، وعقد جلسة طارئة للحكومة. واعتبر مشرع سُني سابق، أن «الهجوم يمثل صافرة إنذار لمعركة أكبر من قبل الحكومة ضد خطر التطرف في البلاد».

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»

زيارة إلى «جبل علي» يقول د.عبدالله المدني : عدت قبل مدة من دبي بعد مشاركتي كضيف في الدورة السنوية الـ 14 لمنتدى الصحافة العربية. لن أكتب هذه المرة عمن قابلت، أو عما وقعت عليه عيناي من أنشطة وحوارات وعروض يومية متواصلة في ميادين الفن والفكر والأدب والإعلام في جو مفعم بالود، أو عن الابتكار الجديد المتمثل في «الممشى الثقافي» حيث يتجول الضيف ويختار ما يشاء من تجمعات وحوارات هنا أو هناك، دون أن تحول بينه وبين المشاركة حواجز الانتظار والاختيار للتحدث. سأتجاوز كل ذلك لأركز على حدث على هامش المنتدى هو اختياري، ضمن مجموعة من الكتاب والشخصيات الإعلامية من جنسيات عربية مختلفة، للقيام برحلة بحرية إلى «ميناء جبل علي» على متن اليخت الخاص لمعالي سلطان بن أحمد بن سليم رئيس مجلس إدارة موانيء دبي العالمية. كنتُ قد سمعتُ بهذا الميناء كثيراً، لكني لم أكن على علم بقصة ظهوره على الخارطة، أو بحجم منشآته، أو بالدور الذي يلعبه في حركة التجارة والشحن العالمية. وبعبارة أخرى كنتُ أحسبه ميناء كأي ميناء آخر، وهو ما تأكد لي الآن عكسه.

بدأت قصة الميناء- كما رواها لنا بن سليم- في السبعينات حينما طــُرحتْ فكرة تأسيس ميناء يتمتع بعمق مائي مناسب لاستقبال بواخر الشحن العملاقة التي كانت تتجنب ميناء راشد بسبب عمقه المائي المتواضع، وتفضل عليه الرسو في ميناءي عدن وصلالة. يقول بن سليم إنه بمجرد أن حصلنا على الضوء الأخضر من حكومة دبي رحنا نضع الخطط، ونخصص الميزانيات ونجلب الخبرات الهندسية والفنية وننتقي الأيدي العاملة المؤهلة من أجل إقامة الميناء البديل القادر على استقبال أضخم بواخر الشحن وتقديم أفضل الخدمات لها في قرية «جبل علي» الواقعة على بعد 35 كيلو مترا من وسط مدينة دبي. وأضاف قائلاً : إنه بعد إنجاز المشروع في 1979 استخفتْ شركات الشحن العالمية به في البداية وأعلنت أنها لن ترسل بواخرها إلى الميناء الجديد. غير أن عاصفة بحرية هوجاء ضربتْ ميناءي عدن وصلالة ذات مرة، مما دفع بإحدى البواخر الصينية العملاقة إلى تغيير مسارها واللجوء إلى «ميناء جبل علي». فكان هذا الحدث كفيلا بانتشار اسم الميناء وما يقدمه من خدمات متميزة بين شركات الشحن العملاقة. واليوم يبرز الميناء كعلامة من علامات النهضة الجبارة التي تعيشها دولة الإمارات عموماً وإمارة دبي خصوصاً.

عندما يصير الاستنزاف عنفاً! يرى د. رضوان السيد إن الوقائع في لبنان وسوريا والعراق واليمن، كلها ضد السنّة، وهم يُشرَّدون من ديارهم، ويُقتلون بحجة «داعش» أو بدون حجة. تلبَّدت الأجواء أكثر في لبنان، بعد ظهور قضية ضرب عساكر في قوى الأمن الداخلي، لمسجونين عرايا ومقيدين، بالعصيّ والسياط. قال وزيرا الداخلية والعدل، إنه قُبض على المرتكبين، وسيُحاكَمون ولن يتكرر ذلك، لكنّ مخابرات الجيش اللبناني، وفي عدة مناسبات، عَذّبت وقتلتْ دون أن يُساءل أحد، لأنّ المعذَّبين والمقتولين ما كانوا محظوظين، بحيث يُصوِّرُ أحدٌ وقائع تعذيبهم! بيد أنّ المسألة تصبح أخطر إذا عرفْنا أنّ معظم وقائع التعذيب تمت وتتمّ ضد شبان من أهل السنّة، وهي ممارساتٌ مستمرةٌ منذ عقدين، ودائماً بحجة التطرف والإرهاب. في الثمانينيات كان الاضطراب سببه التذمر من القبضة السورية، وفي التسعينيات ظلت الشكوى حاضرةً بسبب تدخل الأجهزة الأمنية لإثارة الفوضى بالتشارك مع السوريين. وبعد خروج السوريين تولى «حزب الله» كل واجبات القطاعات الميدانية بما في ذلك الاغتيالات، وقد استقطب أيضاً عناصر من استخبارات الجيش لمعاونته في مهامها الأمنية والعسكرية. ما نتحدث عنه هنا يتجاوز الحساسيات العربية والإسلامية التقليدية، ليصبح منذ تمرد بن لادن جزءاً من الصحوة الإسلامية العامة، والتي يتجول خرابها بين المشارق والمغارب منذ عقد وأكثر. ما عاد أحد يذكر كيف بدأت المعارك بين شراذم الإسلاميين بطرابلس من جهة، ومسلحي العلويين في جبل محسن، لكنها صارت عبثاً وخراباً على المدينة منذ زمن طويل. وصار واضحاً أنّ الاستخبارات السورية و«حزب الله» وبعض الزعامات الطرابلسية، كل تلك الأطراف تستخدمها لأهدافها المنسَّقة أو المتضاربة.