أشرف جمعة (أبوظبي)

لحظات صعبة على الصغار الذين يذهبون للمدرسة للمرة الأولي، فهم يتعرضون لصدمة الانفصال عن الوالدين، بمجرد الانخراط في تفاصيل اليوم الدراسي، ومن ثم الجلوس على مقاعد الدراسة وسط أطفال تختلف طباعهم وتتعدد مواهبهم، وفي هذه الأجواء البعيدة عن البيت، ورعاية الأبوين يجد الطفل نفسه أمام عالم آخر ليس لديه خبرة سابقة به، فمنهم من يبكي بحرقة ويعلو نشيجه، ومنهم من يظل في حالة قلق وترقب وخوف، أما الفئة الأخرى التي سبق لها تجربة الذهاب لرياض الأطفال فإنها لا تتعرض إلى مثل هذه المخاوف وكل ما ينقصها التأقلم مع المعلمين والطلاب والأجواء المدرسية والحياة العلمية الجديدة المثقلة بالواجبات المدرسية ومتطلبات الإنجاز، وفي كل الأحوال تظل سنة أولى مدرسة مرحلة فارقة في حياة كل طفل يجد نفسه أمام تجربة جديدة.

تجربة خاصة
يقول استشاري العلاج النفسي الدكتور جاسم المرزوق: ابتعاد الطفل عن الأبوين أمر صعب، خصوصاً عندما ينضم للمدرسة في أول تجربة علمية تضعه في مكان منعزل عنهما لعدد من الساعات وسط وجوه لم يألفها وطبائع مختلفة، إذ ينظر بعين الترقب وهو يبكي في حالة هلع وحزن، فمن بإمكانه أن يهدئ من روعه ويرفق به ويطمئنه وكل من حوله بالنسبة له غرباء؟، إنها حالات عدة يتعرض لها الكثير من الأطفال الذين ينفصلون عن عالم البيت والأهل واللعب والشعور بالتدليل من قبل الأبوين، لافتاً إلى أنه من الضروري تهيئة الطفل قبل الالتحاق بالمدرسة بمدة كافية، كما أنه من الضروري أن يظل الأب أو الأم مع الطفل في المدرسة، خلال الأيام الأولى، ومن ثم تشجيعه ومساندته نفسياً حتى يحاول تقبل المكان والانخراط مع من حوله.
ويشير المرزوقي إلى أن أغلب الأسر في الوقت الحالي لم تعد تواجه هذه المشكلة كونها تعمل على إلحاق أطفالها في مرحلة مبكرة بالحضانات التعليمية، ولكن تظل أيضاً اللحظات الأولى للانفصال صعبة ومربكة للطفل وللأم إلى أن يتعود ويصبح قادراً على التأقلم مع وضعه الجديد.

تهيئة الابن
ومن بين الآباء الذين لديهم طفل يخوض التجربة للمرة الأولى سالم أحمد النهدي، الذي يبين أن لديه طفلا واحدا، على أعتاب سنة أولى مدرسة وأنه منذ ثلاثة أشهر وهو يعمل على تهيئته ويرغبه في الدراسة ويذكره بأنه سيكون وسط أطفال لا يعرفهم وأنه عليه أن يتعامل معهم بلطف، وأن يلتزم في قاعة الدرس، ويلفت إلى أنه يعلم أن طفلة لن يتحمل في اليوم الأول غياب الأبوين وربما يظل شهوراً حتى يصدق أن عليه أن يتعايش مع واقعه الجديد. ويشير إلى أنه في نهاية المطاف سيعمل من أجل مصلحته وسيوفر له كل الأجواء التي تضمن له عبور هذه المرحلة.

دائم البكاء
ويذكر عادل ناصر أنه عانى كثيراً منذ أن كان عمر ابنه الأصغر ثلاث سنوات، عندما ألحقه بحضانة، حيث كان لا يتوقف عن البكاء ويرفض مشاركة زملائه في الأنشطة، وأنه قرر أن يرجئ التجربة حتى يستطيع أن يهيأه بشكل أفضل، ويشير إلى أن طفله الآن على أعتاب سنة أولى مدرسة، وسيبذل كل ما في وسعه من أجل أن يرتبط الطفل بالمدرسة ويتأقلم مع هذه المرحلة، ويعتمد على نفسه.