محمد حامد ( دبي)

على الرغم من القبول الجماهيري اللافت الذي يتمتع به الكرواتي لوكا مودريتش نجم الريال المتوج بجائزة أفضل لاعب في أوروبا لعام 2018، والاعتراف العالمي بأنه قدم موسماً مذهلاً مع الملكي والمنتخب الكرواتي، إلا أن نغمة التشكيك في أحقيته باللقب ظهرت من جانب معسكر البرتغالي كريستيانو رونالدو، كما أن هناك أصواتاً تؤكد أن رحيل «الدون» عن الريال جعله يخسر القوة الناعمة للملكي، وتأثير العملاق المدريدي اللافت في تعزيز فرص نجومه في السباق للفوز بالجوائز الفردية، ومن بينها جائزة أفضل لاعب في أوروبا، وجائزة أفضل لاعب في العالم التي يمنحها الفيفا، فضلاً عن الكرة الذهبية، حيث يملك الريال بشعبيته الكبيرة حول العالم، تأثيراً في سباق التصويت.
وشن خورخي منديز، وكيل أعمال رونالدو، هجوماً عنيفاً على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، واصفاً عدم حصول النجم البرتغالي على جائزة الأفضل في أوروبا بأنه أمر يدعو للخجل، وليس له ما يبرره، فيما أطلقت كاتيا أفيرو شقيقة رونالدو سهامها صوب الجميع دفاعاً عن شقيقها، حينما نشرت إحصائية عبر حسابها بموقع انستجرام، تبرز من خلالها أن رونالدو سجل 15 هدفاً، وصنع 3 أهداف في النسخة الأخيرة لدوري الأبطال، فيما سجل مودريتش هدفاً، وصنع هدفاً آخر، وتركت كاتيا الحكم للجميع، في إشارة تؤكد أن شقيقها هو الأحق بلقب أفضل لاعب في أوروبا.
وتسابقت الصحف الإنجليزية وكذلك الفرنسية في طرح التساؤل المثير، حول ما إذا كان رحيل رونالدو صوب اليوفي تاركاً الريال سيكون سبباً في ابتعاده عن منصات التتويج بالألقاب والجوائز الفردية أم لا، ما يجعل أنظار الجميع تتجه صوب جائزة الفيفا، وكذلك الكرة الذهبية التي تمنحها فرانس فوتبول بمثابة الاختبار الحاسم لمعرفة تأثير رحيل رونالدو عن الريال على فرصه في المنافسة على الجوائز.
من ناحيتها، أشادت صحافة مدريد بالملك الجديد، فقد جعلت صحيفة «ماركا» المدريدية مودريتش غلافاً لها، وعنونت «الملك الجديد»، مشيرة إلى أن نجوم الملكي تصدروا المشهد في ليلة تاريخية جديدة للريال، فقد حصل نافاس على جائزة أفضل حارس، وراموس على لقب أفضل مدافع، ومودريتش أفضل لاعب وسط وأفضل لاعب في أوروبا، ورونالدو الأفضل هجومياً في القارة العجوز، فيما عنونت صحيفة «آس»: «مودريتش يدمر عرش رونالدو»، وأشارت إلى أن النجم البرتغالي علم مسبقاً أنه لن يتوج بالجائزة، ما جعله يغيب عن الحفل.
وكان مودريتش انتزع لقب أفضل لاعب في أوروبا لعام 2017 - 2018 بحصوله على 313 نقطة في السباق على اللقب مع رونالدو المنتقل من الريال لليوفي، والذي حصد 223 نقطة، فيما حل المصري محمد صلاح هداف ليفربول والدوري الإنجليزي ثالثاً بـ 134 نقطة، وبذلك يستمر مودريتش الملقب بكرويف البلقان في رحلة حصد الجوائز الفردية والجماعية، محققاً أفضل إنجاز في مسيرته الكروية على المستويات كافة.
فقد حصل مودريتش في موسم 2017 - 2018 على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي مع ريال مدريد، وعانق مجد مونديال الأندية في أبوظبي نهاية 2017، كما حصد لقب السوبر الإسباني، والسوبر الأوروبي، وقاد منتخب كرواتيا لتحقيق الإنجاز التاريخي بالحصول على المركز الثاني في مونديال روسيا الشهر الماضي، وعلى الصعيد الفردي، حصل لوكا على لقب أفضل لاعب في مونديال الأندية بأبوظبي، والكرة الذهبية لأفضل لاعب في مونديال روسيا 2018، ثم توج بجائزة الأفضل في القارة العجوز، ما يؤشر بقوة إلى أنه أصبح مرشحاً قوياً للحصول على الكرة الذهبية التي تقدمها فرانس فوتبول لأفضل لاعب في العالم، وجائزة الفيفا للأفضل عالمياً.
النجم الكرواتي انتصر لنجوم كرة القدم أصحاب البصمة المؤثرة داخل الملعب، ولكنهم لا يتمتعون ببريق النجومية التي يستأثر بها ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، وغيرهما من النجوم أصحاب المهام الهجومية والتهديفية، فقد سيطر ميسي ورونالدو على جائزة الأفضل في أوروبا في السنوات الأربع الأخيرة، حينما توج بها رونالدو موسم 2013 - 2014، ثم ميسي 2014-2015، قبل أن يعود الدون ليفوز باللقب في الموسمين الماضيين.
وبالنظر إلى المركز الذي يشغله مودريتش، فإنه يقوم بمهام لاعب الوسط المدافع، وكذلك لاعب الوسط المهاجم وصانع الألعاب، إلا أنه ليس هدافاً، فقد أحرز 13 هدفاً فقط مع الريال في 260 مباراة، ليكرر بذلك إنجاز نجم البارسا والمنتخب الإسباني إندريس إنييستا الذي فاز بلقب أفضل لاعب في أوروبا موسم 2011 - 2012، أي أن مودريتش وإنييستا والفرنسي ريبيري تمكنوا من مشاركة ميسي ورونالدو في التتويج بالجائزة القارية، والتي انطلقت في موسم 2010 - 2011، في الوقت الذي لم يتمكن أي لاعب في العالم من كسر احتكار ليو والدون للكرة الذهبية ولقب أفضل لاعب في العالم في السنوات العشر الأخيرة، وتحديداً منذ فوز البرازيلي كاكا باللقب عام 2007.
مودريتش يسير على خطى النجم البرازيلي رونالدو، فقد فاز الأخير بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في مونديال 1998، ولقب الأفضل قارياً في العام نفسه، وفي المقابل حصد مودريتش الكرة الذهبية لأفضل لاعب في مونديال روسيا، وكذلك الأفضل في أوروبا العام الحالي، والمفارقة أن كلاهما حقق إنجازه الفردي التاريخي بالتتويج باللقبين في عام الهزيمة نفسه على يد المنتخب الفرنسي في نهائي كأس العالم.
وفي رحلته للفوز بلقب الأفضل في أوروبا، فقد نجح مودريتش في الحصول على العدد الأكبر من أصوات 80 مدرباً قادوا أنديتهم في النسختين الماضيتين إلى دوري أبطال أوروبا، ويوربا ليج، وكذلك 55 صحفياً من 55 بلداً تنتمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حيث تقضي لائحة الجائزة بعدم اختيار أي مدرب لأي لاعب في فريقه، كما يصوت كل مدرب لـ 3 لاعبين، على أن يحصل اللاعب الأول على 5 نقاط، والثاني على 3 نقاط، والثالث على نقطة واحدة.
وكعادته تصدر ريال مدريد المشهد القاري في ليلة تكريم النجوم، وذلك لأسباب تتعلق بتتويجه بدوري الأبطال الموسم الماضي، فقد حصل كيلور نافاس على لقب أفضل لاعب، وسيرخيو راموس بجائزة أفضل مدافع، ولوكا مودريتش المتوج بجائزتي الأفضل قارياً، وأفضل لاعب وسط، وكذلك كريستيانو رونالدو الذي نال لقب أفضل مهاجم، وحاصرت الكاميرات فلورنتينو بيريز رئيس الريال في ليلة ملكية خالصة، فقد كان على رأس الضيوف خلال الحفل السنوي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وسط تساؤلات تدور في أذهان الجميع حول مقدرة الريال على الاستمرار في صدارة المشهد الأوروبي، سواء فيما يتعلق بلقب دوري الأبطال، وكذلك تربع نجومه على عرش الأفضل قارياً، فقد أصبح للسؤال ما يبرره بعد رحيل رونالدو، وهو الهداف التاريخي للفريق منتقلاً لصفوف اليوفي.