ماجد عبدالله (الساحل الغربي)
في عملية عسكرية خاطفة، والتفاف ناجح للقوات المشتركة في الساحل الغربي، وبدعم وإسناد قوات التحالف العربي، ومشاركة فاعلة من القوات المسلحة الإماراتية، تمكنت القوات من إنهاء معاناة أهالي مديرية التحيتا، جنوب الحديدة، التي ظل أهلها يعانون أوضاعاً صعبة جراء سيطرة ميليشيات الحوثي الإيرانية عليها منذ أكثر من 3 أعوام.
فجر جديد
ومثل الثامن من يوليو 2018 فجراً جديداً لأهالي التحيتا بعد أوقات صعبة عاشوها من جرائم وانتهاكات مارستها الميليشيات الحوثية أثناء فترة سيطرتها.
فرحة الأهالي بتحرير مدينتهم كانت كبيرة ووصفت بأنها ذكرى ستظل خالدة، وانتهت معها سنوات الظلم والاستبداد من أعمال قتل واختطافات وتجنيد للأطفال واستغلال المزارع والممتلكات العامة كثكنات عسكرية ومخازن أسلحة.
كابوس الانقلاب
جريدة «الاتحاد» زارت المدينة، وشاهدت المعاناة التي تجرعها أبناؤها خلال الفترة الماضية على يد الميليشيات الحوثية، وكيف أسهمت العمليات العسكرية في إنهاء ما يعيشه أبناء المديرية من كابوس ظل جاثماً على صدورهم لسنوات.
الشهيدة «خلود»
وقصة الشهيدة «خلود» ذات 21 عاماً ستظل محفورة في ذاكرة أبناء المديرية.وخلود كانت تحلم بحفل زفافها وارتدائها ثوب فرحها إلا أن السعادة لم تكتمل قبل ثلاثة أيام من دخولها القفص الذهبي، بحسب ما يرويه عدد من أفراد أسرتها.
وقال والدها: «عدنا إلى المديرية فور تحريرها ونحن سعداء بنهاية الموت الذي كان يحدق بنا من كل جانب، عدنا من نزوحنا الذي يمثل مرحلة لن ننساها بعد أن شردتنا الميليشيات الحوثية، عدنا إلى مدينتا أملين أن نستعيد فيها حياتنا الطبيعية التي سلبت منا فور اجتياح الحوثيين».
وأضاف: «فور عودتنا قررنا أن تكون فرحتنا فرحتين، الأولى، بتحرر مدينتنا من عصابة الحوثيين والثانية، إقامة زفاف ابنتي خلود، وأجرينا التحضيرات لهذه المناسبة إلا أن ميليشيات الغدر والخيانة الحوثية لم يروقها هدوء المدينة وسكينتها عقب إخراجهم منها فعمدوا على استهداف الأحياء السكنية بالقذائف العشوائية بهدف قتل أي مظاهر للحياة».
وقال والد خلود والدموع تنهمر من عيونه: «قبل ثلاثة أيام من زفاف ابنتي سقطت قذيفة هاون حوثية على منزلنا لتأخذ معها فرحتي، حيث حطت القذيفة على المنزل وقتلت ابنتي العروس.. القذيفة أنهت فرحت ابنتي وفرحة عائلتي، القذيفة كان صوتها قوياً وانفجارها مرعباً وفاجعتنا كانت كبيرة عندما شاهدت ابنتي متناثرة الأشلاء بين الركام».
وأضاف: «لن أنسى بشاعة الحادثة التي تعرضت لها ابنتي إلى جانب إصابتي وإصابة أفراد عائلتي جميعاً بإصابات حرجة، فعائلتي لا تزال تعاني من صدمة نفسية كبيرة وحالة من الخوف والهلع».
واختتم والد خلود قوله: «لا اعتراض على قضاء الله وقدره، ولكن حق ابنتي سيظل معلقاً في رقاب الحوثيين ولن تمر أو تسقط هذه الجريمة بالتقادم»، مقدماً الشكر والتقدير لأفراد وجنود المقاومة والقوات المشتركة والقوات المسلحة الإماراتية التي كانت العون لأبناء التحيتا وتخليصهم من هذه العصابة الإرهابية التي تنتهج الموت ولا تعرف سوى الدمار والقتل وتشريد الأبرياء والمواطنين. وقال: «هيئة الهلال الأحمر الإماراتية كانت سباقة في الوصول إلينا والتخفيف من معاناتنا عقب حالة المجاعة التي خلفها الحوثيون أثناء سيطرتهم ونهبهم للمساعدات الإغاثية المقدمة لأهالي التحيتا».
الحوثيون يفخخون المدينة
من جانبه، روى عبدالله قائد الجلال من أبناء المديرية ويعمل موظفاً في مكتب البريد العام لـ «الاتحاد» عن الممارسات والانتهاكات التي مارستها الميليشيات ضد المواطنين بشكل عام وموظفي الدولة بشكل خاص.
وقال «منذ سيطرة الحوثيين تحولت المديرية إلى الأسوأ، اقتحموا المرافق الحكومية ومنها مكتب البريد الذي أعمل فيه واختطفوا المدير العام إلى منطقة مجهولة، وحتى اللحظة لا يزال مخفياً قسراً لديهم، وتم تعيين قيادي حوثي يبلغ الثانية عشرة من عمره في منصب مدير عام، كما عملوا على تهميش الموظفين وممارسة أبشع الانتهاكات والجرائم بحقهم في المديرية».
وأضاف، «المتقاعدون وكبار السن لم يسلموا من نهب رواتبهم التي أصلاً لا تلبي احتياجاتهم إلى جانب نهب الأموال العامة، وتسخيرها لمصالحهم تحت حجج واهية باسم دعم المجهود الحربي، وإقامة احتفالاتهم ومهرجاناتهم الطائفية».
وقال: «كانت حالتنا صعبة ومأساوية ولا يمكن وصفها إلا أنها كانت كابوساً مرعباً لا نريد تذكره»، موضحاً أن الميليشيات حرمت المواطنين في التحيتا لقمة العيش وسط انتهاكات بشعة مارستها بشكل مستمر لفرض سيطرتهم بالقوة».
مكتب بريد.. مصنع للمتفجرات
وقال عبدالله الجلال، إنهم عاشوا أيام خوف ورعب، وكانوا ينتظرون التخلص من هذه الفئة الضالة، موضحاً أن الميليشيات حولت جزءاً من مكتب البريد إلى ثكنة عسكرية وموقعاً لعقد اجتماعاتهم السرية، فيما حولت الجزء الآخر لمعمل لصنع المتفجرات والعبوات الناسفة.
وأشار إلى أن الحوثيين أنهوا أي خدمات أو عمل للمرافق الحكومية من مدارس ومكاتب وزارية متواجدة في المديرية وحولوها إلى مواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعامل لمتفجراتهم القاتلة.
عملية عسكرية خاطفة
وفي الثامن من يوليو الماضي، قطعت القوات المشتركة عشرات الكيلومترات الوعرة وعبرت فوق الكثبان الرملية الصعبة بإسناد قوات التحالف العربي ومشاركة القوات المسلحة الإماراتية التي تمكنت من تحرير مديرية التحيتا وتطهيرها من قبضة الانقلابيين الذين استغلوا التحيتا من أجل عرقلة وقطع خطوط إمداد المقاومة عبر الخط الساحلي وتنفيذ عمليات تسلل، ولكن كل محاولتهم باءت بالفشل.
وأشار الناطق الرسمي لألوية العمالقة مأمون المهجمي، إلى أن القوات تمكنت بعملية خاطفة من تحرير التحيتا وتأمين المزارع والطريق الرئيسة ونزع ما خلفته الميليشيات الانقلابية من ألغام وعبوات ناسفة في أنحاء المدينة، حتى في المكاتب الحكومية التي لم تسلم من التفخيخ واستخدامها كمعامل لصناعات المتفجرات القاتلة.
وأضاف، أن «الميليشيات سعت إلى زراعة شبكات ألغام وعبوات ناسفة في المدينة من أجل تدميرها والانتقام من أهلها في الدرجة الأولى، لم تسلم المباني ولا المنازل والطرقات والمزارع من أجسام الموت التي تقوم بزرعها لقتل الحياة».
وقال المهجمي، إن «قوات العمالقة وتحت إشراف مباشر من قيادة التحالف العربي ونخص هنا القيادة الرشيدة والحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة تعمل بشكل فاعل ومستمر في الساحل الغربي الذي يشهد الانتصارات المستمرة والمتواصلة في جميع جبهات الساحل الغربي».
وأضاف أن «القوات تمكنت من تأمين المديرية عقب إفشال مخططات أذناب المجوسية لإيران، وسط استمرار تطهير المباني الحكومية والمنازل والطرقات ونزع شبكة المتفجرات التي عمد الحوثيون إلى إقامتها لتعطيل الحياة وإعاقة الأهالي والنازحين من العودة إلى ديارهم والعيش باستقرار».
جهود «الهلال» الإماراتي
هيئة الهلال الأحمر الإماراتية لم تمنعها الكثبان الرملية ووعورة الطرق من إيصال المساعدات الإغاثية لسكان التحيتا. وحرص فريق الهيئة إلى الدخول للمنطقة والتخفيف من معاناة الأهالي عقب تحرير المدينة. وسارعت إلى توزيع السلال الغذائية على المواطنين، ودراسة الأوضاع الإنسانية وتحديد الاحتياجات الضرورية من أجل إنهاء المعاناة والكارثة الإنسانية التي خلفتها الميلشيات جراء الحصار والممارسات الإجرامية التي ارتكبتها أثناء فترة سيطرتها على المدينة.
وكانت استجابة الهلال الإماراتي سريعة وعلى قدر الأضرار والمعاناة التي يواجهها الأهالي في المديرية التي تعاني من مجاعة حقيقية في ظل الحصار المفروض من قبل الميليشيات خلال الفترة الماضية.
مدينة المجاعة والموت
عدد من المواطنين عبروا عن شكرهم للهيئة على الجهود المضنية لإيصال المساعدات الغذائية منذ الأيام الأولى لتحرير المدينة. وقال الحاج أحمد أحد أبناء التحيتا استبشرنا خيراً فور وصول المساعدات عقب تخليصنا من عصابات الحوثي التي حولت المديرية إلى مدينة للمجاعة والموت، الإمارات دائماً سباقة في تقديم العطاء والخير للمحتاجين والمتضررين من هذه الأوضاع الصعبة.