أحمد مراد (القاهرة)

منذ أن أعلنت حركة «حماس» انقلابها على السلطة الفلسطينية، وبسط سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007، حاولت قطر أن تصطنع لنفسها «نفوذا مدفوع الأجر» في القطاع عبر العديد من المشروعات الوهمية التي جاءت تحت ستار «إعادة إعمار غزة». لكن رغم ذلك لم ينخدع أهالي غزة في شعارات المساعدات القطرية المزيفة، إذ يرفض غالبيتهم التدخلات القطرية في شؤون القطاع تحت أي مسمى. في فبراير الماضي، هاجم عدد كبير من أهالي غزة، المندوب القطري في قطاع غزة، محمد العمادي، أثناء زيارته لمستشفى الشفاء من أجل تقديم مساعدات. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات مقطع فيديو، يظهر العشرات من العاملين بالمستشفى وهم يهاجمون العمادي،
ويرموه بالأحذية، ويمزقون العلم القطري، وينزعون شعارات المساعدات القطرية.
وشكك أهالي غزة في نوايا التدخلات القطرية في شؤون القطاع، مبررين هجومهم على المندوب القطري بأن المساعدات القطرية غير حقيقية، وتهدف إلى تعزيز الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، واتهموا النظام الحاكم في قطر بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية.
وفي الثامن من يوليو الماضي، خرج العمادي ليعلن عبر وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة قطرية لوضع حد لمشكلة الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي يلقيها أهالي غزة على جنود الاحتلال، في مقابل استيعاب إسرائيل 5 آلاف عامل من غزة. لكن السلطة الفلسطينية رفضت تحركات العمادي، مؤكدة أن الأولى بالحديث عن أوضاع الشعب الفلسطيني هو الشعب الفلسطيني وحده والمتمثل بقيادته الشرعية.
إلى ذلك، أكد مدير مركز الخليج للدراسات، مؤلف كتاب «قطر..إسرائيل الصغرى ورأس الأفعى» بلال الدوي، أن سكان قطاع غزة باتوا ينظرون إلى المساعدات القطرية المقدمة لقطاع غزة بنوع من الريبة والشك، وذلك في ظل تنامي العلاقات المشبوهة بين الدوحة وتل أبيب، وقد تأكد الكثيرون منهم أن النوايا القطرية تجاه قطاع غزة ليست «بريئة»، وأن المساعدات التي تقدمها الدوحة لها أهداف أخرى، حيث تسعى من ورائها إلى تحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية تخدم صفقات مشبوهة تعقدها مع الكيان الصهيوني، على حساب مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والتي اعتادت الدوحة على المتاجرة بها منذ عام 1995، وبالتحديد منذ وصول أمير قطر السابق حمد بن خليفة إلى الحكم بعد الانقلاب على والده. وأضاف: «المؤكد حاليا أن غالبية أهالي قطاع غزة باتوا الآن يرفضون التدخلات القطرية في شؤون القطاع، وهو الأمر الذي تعكسه حادثة الاعتداء على العمادي، التي لم تمر مرور الكرام، وإنما شكلت بداية حقيقية لتراجع نفوذ الدوحة في قطاع غزة».