محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، أمسية قصصية، قرأ خلالها الكاتب إسلام بوشكير، عدة قصص من مجموعته «أرملة وحيد القرن»، وقدم للأمسية الصحفي محمد ولد محمد سالم، ذاكراً أن بوشكير كاتب متعدد الجوانب، ويتمتع بأسلوب سلس رشيق يركز على السرد من غير زوائد ولا أصباغ، ويعطي لتقنيات السرد القصصي مساحتها لكي ينمو الحدث ويتصاعد في اتجاه النهاية، وهو كاتب لا يعطي لقارئه المعنى بمجّانية، بل يأخذه في نسيج من السرد والحكي الموارب حتى يصل إلى النهاية، تاركاً له مفاتيح عليه أن يستخدمها ليصل إلى الأبعاد التي رسم بها الكاتب قصته.
قرأ بوشكير خمس قصص هي: «حكايتي مع الجثث، هلام الذكريات، العائد من الحرب، كلمات مبعثرة، قوقعة صديقتي»، وقد سردها كلها بضمير المتكلم كأنها تنويعات على أفكار وآلام وأحلام شخصية واحدة، وتبدو تلك الشخصية في القصص جميعاً محبطة مكسّرة تنظر إلى العالم بسوداوية، فكل ما يحيط بها هو جثث، ومصيرها ليس سوى جثة، وأما الآمال والأحلام فهي مؤجلة.
استولت «الفنتازيا» على جانب كبير من سرد بوشكير، حيث مثلت إحدى الوسائل الخطابية التي اعتمد عليها في رسالته الأدبية، فضمنها السخرية والنقد والتشاؤم من الواقع، واتخذت أشكالاً شتى، وفي قصته «حكايتي مع الجثث»، سخّر «بوشكير» الغرائبية في النص، ليبدع في إخراج صورة للعالم في شكله الجديد، حيث قدمت المصالح المادية على حساب الروح الإنسانية، فتحول الإنسان إلى مجرد جثة يابسة، ككل شيء في العالم، يتم ركنها على جنب دون الاكتراث لما يتمتع به عن بقية الموجودات. وفي قصته «هلام الذكريات»، انتهج «بوشكير» أسلوباً أكثر سوداوية، من خلال توظيف فنتازي، يوازي العالم الحقيقي، أما في قصة «كلمات مبعثرة»، فقد بالغ «إسلام» في الغرائبية والتجريد، وإن ظلت تتداخل مع أساس الوجود اليومي، وهي سمة أساسية في كتاباته، فظل ذلك الترابط بين العالمين الخيالي والمحسوس موجوداً.